بومرداس تضيء ساحلها لضيوف الصيف
توافد غير مسبوق على معالم مدينة "الصخرة السوداء"

- 243

❊ الحدائق العمومية ملاذ العائلات واستحداث فضاءين جديدين على (ط.و/24 )
❊ إقبال على محلات "البيتزا" والشاي والمثلجات إلى ساعات متأخرة من الليل
❊ انتشار رجال الأمن ساهم في تمديد السهرات خارج البيوت
تعيش مدينة بومرداس ليلا، أجواء صيفية مميزة، حيث تستقطب الساحات العمومية والحدائق والمساحات الخضراء، وكذا الشواطئ، خاصة واجهة البحر، طيلة موسم الاصطياف، أعدادا كبيرة من العائلات الباحثة عن الراحة والاستمتاع بالهواء الطلق، بعيدا عن حرارة ورطوبة المنازل. تمتد السهرات الليلية بعاصمة "الصخر الأسود" إلى ساعات الصباح الأولى، خاصة مع توفر عامل الأمن والإنارة العمومية، مما يجعل أمر التجول ما بين عدة أمكنة مريحا جدا.
عاد موسم الاصطياف ليحط رحاله بعاصمة "الصخرة السوداء"، التي تستقطب سنويا آلاف الزوار الباحثين عن الراحة والاستجمام، ولا يقتصر طلب الراحة عن النهار، سواء بالنسبة لساكني المدينة الساحلية، أو الوافدين إليها خلال العطلة الصيفية، وإذا كان للنهار زواره ممن يقصدون الشواطئ للاستجمام، فإن لليل رواده وزواره، طلبا للترفيه والانتعاش، فدرجات الحرارة المرتفعة نهارا قد تحول دون السماح للكثيرين بالتجوال في معالم المدينة، بينما يسمح الليل بساعاته الطويلة، الاستمتاع بقطع مسافات مشيا على الأقدام، ما كان للشخص أن يقطعها نهارا، لبعد نقطة المنطلق عن نقطة الوصول تحت أشعة الشمس اللافحة.
ساحة "المادور" و"البولفار".. من هنا تبدأ الرحلة كل ليلة
توجد ساحة "المادور" بقلب مدينة بومرداس، وتحتوي على مقاهٍ ومطاعم، تتراص طاولاتها بالساحة، لتستقطب العائلات التي تفضل تناول العشاء خارجا، هنا قد يمتد الانتظار طويلا، حتى يحصل أحدهم على طاولة بالساحة، لتناول العشاء تحت الأضواء الليلة، بسبب الاكتظاظ الكبير وضغط الوافدين الذي يبدأ في حدود التاسعة ليلا، وتمتد خدمات الإطعام بالمطاعم ومحلات "البيتزا" بهذه الساحة، إلى حدود الثانية صباحا، مثلما أكد عامل بمحل بيع "البيتزا"، هذه الأكلة السريعة المحبوبة، يزداد الطلب عليها لأكثر من ثلاثة إلى أربعة أضعاف، خلال الموسم الصيفي، يضيف النادل الذي لم يستطع حصر عدد أصناف "البيتزا" التي تقدم للزبائن في الليلة الواحدة، لكثرتها، واكتفى بالقول: "بزاف..لا يمكن عدها". كذلك تعرف محلات الشواء على الهواء الطلق، بذات الساحة، إقبالا منقطع النظير، وبالمثل كؤوس الشاي وفناجين القهوة، وحتى العصائر الطبيعية وحبات "الدونتس".. أينما تولي وجهك بالمكان ترى جموعا غفيرة، والكل منشغل بما يرضي بطنه من أنواع الطعام والعصائر والحلويات وكذلك المثلجات.
وما بين ساحة "المادور" إلى ساحة "برديوي"، التي تصطف بها هي الأخرى، محلات بيع الحلويات والمثلجات وتشهد إقبالا كبيرا، خاصة وأنها تقع في مقدمة شارع الاستقلال أو "البولفار" المؤدي إلى شاطئ "الدلفين"، مرورا بأهم معالم المدينة السياحية، منها مقر الولاية وجامعة "امحمد بوقرة"، التي تحتضن مقر الحكومة المؤقتة، والسارية التي شهدت رفع الراية الوطنية لأول مرة في فجر الاستقلال، إلى قاعة المحاضرات "إي.أن.أش" ودار الثقافة "رشيد ميموني"، وصولا إلى واجهة البحر والشاطئ المركزي... كلها أماكن يصعب تحديد أيها تستقطب الجموع أكثر.
وقبل الترحال إلى الواجهة البحرية، لا بأس أن نشير إلى مكان آخر، يعرف توافدا كبيرا للراجلين كل ليلة؛ "البرارك"، وهي محلات تجارية مصطفة على ممشى طويل، يؤدي إلى حي "ابن خلدون" (1200 مسكن)، سميت كذلك في منتصف تسعينيات القرن الماضي، والتصق بها الاسم. يعرف المكان توافدا كبيرا، لاسيما على محلات "الكارنتيكا" وبيع المثلجات وكؤوس الشاي والمكسرات المنتشرة هنا أيضا، وبالنسبة للراغبين في المشي ليلا، فإنه يمكن قصد واجهة البحر من هنا، مرورا بالمعهد الوطني للبترول، فخر مدينة بومرداس والوطن ككل.
السباحة ليلا.. متعة صيفية يختص بها الشاطئ المركزي
خلال الصائفة الماضية، افتتحت حديقة "الاستقلال" بمحاذاة دار الثقافة للعامة، ونصبت بها ألعاب للأطفال، تسجل كل ليلة توافدا ملحوظا للعائلات، خاصة وأنها تقع قبالة الشاطئ المركزي، ما يعني أجواء منعشة ليلا، وهو ما يزيد في تحفيز العائلات للمكوث بها إلى ساعات متأخرة، خاصة أن الأمن متوفر، ففي كل زاوية يمكن ملاحظة رجال الأمن بزيهم الرسمي، مما يبعث شعورا عامرا بالأمن، يسمح لجميع الشرائح بالتجول براحة كبيرة... من بعيد، تسمع صافرات القطار السياحي وهو يجوب المدينة، انطلاقا من واجهة البحر، وعائدا إليها بعد أن يمر ببعض المعالم السياحية للمدينة، في حركة غدو ورواح، تمتد طيلة ساعات السهرات الليلية بصفة يومية، صانعا الحدث، لاسيما وسط الأطفال ممن يجد بعضهم الآخر متعة الترفيه ليلا، في الفضاء المجاني للتسلية والترفيه، الذي يضرب لهم موعدا متجددا خلال الصيف الجاري، بعد نجاحه الكبير الموسم الماضي. وهو فضاء على الشاطئ المركزي، نصبت به عدة ألعاب "طوبوقون"، تسمح للأطفال بالاستمتاع طيلة ساعات اليوم، نهارا أو ليلا، وبصفة مجانية.
لا نبرح واجهة البحر، التي أصبح يصعب علينا حصر الفضاءات التي تستقطب الاهتمام بها، فتوفر عاملي الأمن والإنارة العمومية، قلبا موازين هذا المكان الذي تراه نهارا خاليا، بينما يكتظ ليلا عن آخره، حتى أنه قد يتعذر على الراجلين إكمال التجول عبر شريطه، وصولا إلى حديقة "النصر"، لشدة الزحام... وفي كل زاوية خدمات تعرض، منها تعبئة الهواتف النقالة، بيع بعض الحلويات والسكاكر للأطفال، مثل "لحية بابا"، وألعاب ضوئية تجذب اهتمامهم وعربات السائق الصغير، إلى باعة الشاي الذين تعج بهم الواجهة، كما لا ننسى الإشارة إلى معرض الصناعة التقليدية، الذي يجدد موعده هذه الصائفة أيضا، حيث اصطفت عشرات الخيم، تعرض تحفا تقليدية وقطعا ديكورية والكثير من الألبسة والحلي التقليدية والسلال، وغيرها من المنتوجات اليدوية. نشير هنا أيضا، إلى تفضيل البعض السباحة ليلا، فالشاطئ المركزي تحديدا دون سواه، يستقطب عشرات الراغبين في الاستجمام ليلا، لتوفر الأمن والإنارة، ما يجعله يستفرد بهذه الخاصية بامتياز.
حديقة النصر و"الكوبيراتيف" طوفان بشري إلى ساعات متأخرة
تحصي مدينة بومرداس 6 مساحات خضراء، عبارة عن حدائق عمومية منتشرة بشكل منسق، ما بين أكبر التجمعات السكانية، خضعت قبيل حلول موسم الاصطياف الجاري لعمليات صيانة واسعة، شملت إلى جانب نزع الأعشاب الضارة والأتربة وتزيين مداخلها ومخارجها، اعتناء خاصا بإعادة تجديد غطائها النباتي، ونقصد به غرس الأزهار والشجيرات، وحتى تجديد البساط الأخضر.
مع الإشارة هنا، إلى اهتمام خاص بمحاور الدوران التي شهدت من جهتها صيانة خضراء بصفة خاصة، لتضفي جمالية على المدينة، وفق تأكيد أحمد عمي علي، مدير مركز الردم التقني لقورصو وفرعه "ماديفار"، موضحا بأن بلدية بومرداس تحديدا، سجلت مؤخرا، دخول مساحة خضراء على (ط.و/24)، وبالضبط بحي الساحل، ضمن أشغال تهيئة هذا الطريق الوطني، ونصبت بها ألعاب للأطفال تستقطب العائلات، بداية من وقت المغرب إلى ساعات متأخرة ليلا، فيما اقترحت مصالحه استحداث حديقة بحي "عليلقية"، وبالضبط بمكان المعلم التذكاري القديم، ينتظر إطلاق الأشغال به قريبا، بالتالي كسر رتابة "البيطون" بمساحة خضراء تزيد المكان جمالية، غير أن حديقة النصر بحي "800 مسكن"، تبقى المساحة الخضراء الأكثر استقطابا للمواطنين، بفضل شساعتها، حيث تتربع على حوالي 10 هكتارات، وتفصل ما بين بلديتي بومرداس وقورصو. كما أن موقعها المُطل من الأعلى على البحر، تجعل العائلات الوافدة إليها تطيل مكوثها بهذا الموقع لفترة متأخرة من الليل، في الهواء الطلق، المنبعث من تيارات البحر، تحت سماء قاتمة السواد وأضواء الإنارة العمومية.
من جهته، يسجل الممشى الرئيسي بحي التعاونيات "11 ديسمبر"، توافدا كبيرا للمواطنين من السكان والوافدين من الزوار والسياح، حيث تمتد السهرات هنا إلى ساعات الصباح الأولى، حسبما أكده عدد من الباعة بالمحلات الكثيرة المتراصة على طول الممشى وبالحي، يصعب معه تحديد أي المحلات أكثر استقطابا، هل هي محلات "البيتزا" أو المطاعم ودكاكين بيع الشاي والمقاهي، أو حتى بقية المحلات، سواء باعة الألبسة الجاهزة ولوازم الشاطئ، أو دكاكين الخضر والفواكه أو حتى محلات لوازم المطبخ... المكان هنا يعج بالمواطنين وبرجال الأمن.
في هذا الصدد، أكد السيد جلال مرزوقي، ضابط شرطة رئيسي، رئيس مكتب الاتصال بأمن ولاية بومرداس لـ"المساء"، أن مصالح الأمن الولائي اتخذت ترتيبات وتدابير أمنية وقائية، مع تسخير كافة الإمكانيات المادية والبشرية، من أجل ضمان أمن وسلامة المواطنين والمصطافين، خاصة في الأماكن التي تشهد إقبالا كبيرا، كالشواطئ، الحدائق والساحات والفضاءات العمومية، موضحا أن هذه التشكيلات، تتمثل في الدوريات الراكبة والراجلة لعناصر الشرطة من فرق الأمن العمومي، الدراجين وشرطة المرور، والتي يكون دورها الأساسي، المحافظة على حركة السيولة المرورية وضمان الانسيابية في الطرقات عبر مخارج ومداخل الولاية، كما تم إقحام فرقة الدراجات الهوائية خلال هذا الموسم، من أجل محاربة كل أشكال العنف المروري والمخالفات المرتكبة داخل الوسط الحضري، خاصة ما تعلق منها بالتوقفات العشوائية، المناورات وكذا التجاوزات الخطيرة، بالإضافة إلى مهام الفرق العملياتية للشرطة القضائية، ودورها في تأمين المواطنين والتدخل في الحالات التي قد تعكر صفو الجلسات والتنقلات صيف بومرداس في بدايته، نهارا أو ليلا، كل من يقصد المدينة وبلدياتها الساحلية يجد ضالته لا محالة، سواء نحو الشواطئ أو الغابات، الصخب هنا لا يبدو أنه سينتهي إلا بحلول سبتمبر والدخول الاجتماعي، لننتقل إلى صورة أخرى سنتحدث عنها في حينها..