حمّام أولاد حالة أو "آث حالة" أو المعروف باسم "ايباينان" المتواجد ببلدية الماين الواقعة شمال ولاية برج بوعريريج، من بين الحمّامات المعدنية التي تعرف استقطاب السياح في فصلي الربيع والصيف؛ سواء من أجل الاستمتاع بمناظر الطبيعة الخلابة التي تزخر بها هذه الجهة، أو للتداوي بالمياه المعدنية، خاصة أنه يقع على ضفاف الوادي الكبير، الذي يجمع ثلاث ولايات، هي برج بوعريريج، وسطيف وبجاية.
ورغم التضاريس الوعرة والانحدارات الشديدة بجبال ومرتفعات بلدية الماين، إلا أن ذلك لم يمنع السائح من التوجه إلى الحمّام المعدني "ايباينان"، بل هذا ما زاده شهرة؛ إذ تُمنح له خيارات بين التجول والتنزه بين جبالها أو غاباتها التي تُعد آية من آيات جمال الطبيعة. وتنوعت أشجارها بين الرمان، والتين، والبلوط والصنوبر، بالإضافة إلى الوديان التي تتواجد بها وتمتد مع امتداد البصر، ناهيك عن الهدوء الذي يمنح الزائر راحة نفسية تنسيه متاعب الحياة وضجيج المدينة، وهذا ما لمسناه عند بعض الأشخاص المتواجدين هناك.

"آث حالة" وجهة كبار السن للتداوي من التهاب المفاصل والعظام

إذا كانت وجهة الشباب إلى حمّام أولاد حالة من أجل الاستجمام والهروب من ضجيج المدينة، فلكبار السن رأي آخر؛ إذ أكدوا أنه فضلا عن الاستمتاع بالمناظر الربانية الخلابة التي تعرفها المنطقة، فهدفهم من الذهاب إلى هذا المرفق الحموي، التداوي من أمراض الروماتيزم، والتهاب العظام والمفاصل الذي تصل درجة حرارة مياهه إلى 60 درجة مئوية؛ ما يسمح بعلاج هذه الأمراض بنصائح من الأطباء، على أن يأخذون موعدا عن طريق الهاتف، قبل الذهاب إلى الحمّام بيوم أو يومين.

الغرف العائلية اختيار الوافدين على الحمّام

ما لفت انتباهنا خلال تواجدنا بالحمّام، أن أغلب الوافدين عليه يختارون الغرف العائلية على الحوض الجماعي. وأكد لنا بعضهم أن استئجار الغرف العائلية مناسب لهم ولخصوصياتهم. ويجدون راحة فيها على عكس الحوض الجماعي.
وتوزَّع مياه المنبع الرئيس للحمّام التي يقدر منسوبها بحوالي 1.1 لتر في الثانية، عبر قنوات، نحو الغرف، وكذا الحوض.
وفي ذات السياق، اشتكى البعض من ارتفاع السعر مقارنة بنوعية الخدمة المقدمة. أما البعض الآخر فاختار الحوض الجماعي لقلة التكلفة. وعند سؤالنا حول هذا الأمر أكد القائمون على المرفق، أن السعر يحدده المستأجر، وأن السعر منطقي جدا، خاصة أن لهم خيارات الغرف أو الحوض، كلٌّ حسب إمكانياته.

الوافدون يشكون نقص وسائل النقل

رغم الخصائص والفوائد العلاجية التي يتوفر عليها حمّام أولاد حالة، إلا أن بعض الوافدين اشتكوا من نقص وسائل النقل، وانعدامها في بعض الأحيان؛ فالذي لا يملك سيارة خاصة يجد صعوبة في الوصول إلى الحمّام.وأكد أحدهم أنه قام بكراء سيارة "كلوندستان" أو ما يُعرف بـ«الفرود" التي يستغل أصحابها الفرصة لرفع الأسعار؛ بحجة أن الطريق متدهورة قليلا؛ مما يعرّض مركباتهم لأعطاب؛ فيضطر بعضهم لدفع المبلغ خاصة قاصديه للتداوي. وتأسف البعض لهذا الوضع. وطالبوا السلطات المحلية بالتدخل بتوفير النقل، واستحداث خطوط جديدة، وبهذا يتم تشجيع السياحة الحموية بالولاية، والمنطقة على وجه الخصوص.

مساعٍ لإعادة بريق الحمّام والنهوض به

بما أن حمّام "أث حالة" صورة مصغرة عن قطاع السياحة ببلدية الماين، يسعى القائمون عليه جاهدين، لإعادة البريق الذي فقده؛ من خلال العديد من عمليات التهيئة التي عرفها؛ كتهيئة الغرف العائلية والفردية بأسرّة جديدة، وأجهزة تلفاز، وثلاجات، وكراسي، مع توفير إمكانية المبيت، وكذا إعادة تهيئة قاعات الاستقبال، ووضع طاولات لتناول مختلف الوجبات في الهواء الطلق، ناهيك عن توفير مساحات مخصصة للعب الأطفال، وهو ما انعكس إيجابا، على نوعية الخدمات المقدمة للزائرين، الذين أكدوا أن الحمّام استعاد بريقه بفضل جهود القائمين.
إقبال ضعيف على الحمّام مقارنة بالإمكانيات السياحية
رغم التوافد الكبير الذي يشهده الحمام المعدني إلا أن ذلك يبقى محتشما في نظر البعض مقارنة بالإمكانيات السياحية التي تزخر بها المنطقة، معتبرين أن تحقيق الطفرة المرجوة في الجانب السياحي بالمنطقة، بحاجة إلى استثمارات كبيرة على مستوى الحمّام؛ من خلال تنويع الخدمات، وتطويرها إلى مصاف المركّبات السياحية المتواجدة على مستوى الشرق الجزائري خاصة؛ كحمام قرقور بولاية سطيف، وحمّام دباغ بولاية قالمة، بالإضافة إلى تنويع الاستثمار بين المركّب الحموي، والفندقة، والإطعام، والسياحة الاستكشافية بغابات وجبال المنطقة، التي تتوفر على مناطق خلابة.

محلات مهنية تروّج للسياحة الحموية

بهدف تحسين الواقع التنموي وتشجيع الاستثمار السياحي بالمنطقة، قامت السلطات المحلية بتوزيع المحلات المهنية المتواجدة بالقرب من الحمّام، على الشباب البطاليبن؛ من أجل استغلالها في الترويج للمنطقة، والتعريف بالطابع الحرفي لها؛ من خلال فتح محلات للحلي وصناعة الفضة، وأخرى للإطعام، والتعريف بالأكلات التقليدية التي تعرفها الجهة الشمالية لولاية برج بوعريريج عموما، ومنطقة أولاد حالة على وجه الخصوص.