قطاع الصحة بباتنة
رهان على المستشفى الجامعي الجديد لتحسين الخدمة الصحية

- 49

تحُول جملة من المشاكل دون التكفّل الحقيقي بالمرضى في ولاية باتنة؛ ما يزيد معاناتهم اليومية في التنقّل بين المستشفى الجامعي والهياكل الصحية، التي انعكست قبل سنوات، مباشرة، على نوعية الخدمة العمومية المقدّمة في مجال الصحة للمواطنين، الذين يناشدون المسؤولين لتوفير تغطية صحية شاملة.. في هذا الروبورتاج نسلّط الضوء على هذا الواقع، والمشاكل التي يعرفها. ونتطرّق لإنجازات القطاع، وما حظيت به الولاية من أغلفة مالية لتطوير الصحة ضمن جهود الدولة لذلك.
مدير الصحة: الأولوية لتطوير البنية التحتية
أرجع مدير الصحة بالولاية حمدي شقوري، مشاكل القطاع، إلى الزيادة المُطردة في عدد سكان ولاية باتنة، الذين يبلغ عددهم حوالي مليون و500 ألف نسمة، موزّعين على 21 دائرة و61 بلدية؛ ما استوجب، حسبه، توسيع وتطوير البنية التحتية لقطاع الصحة؛ لتلبية الاحتياجات المتزايدة. وأوضح شقوري أنّ الولاية تضمّ 28 مؤسّسة صحية إلى جانب 3 مشاريع جديدة (مستشفى جامعي، مؤسّسة استشفائية متخصّصة، ومؤسّسة عمومية استشفائية)، ليصل العدد الإجمالي للمؤسّسات الصحية إلى 31. كما تضمّ الولاية 12 مؤسّسة عمومية استشفائية، ومعهدا وطنيا للتكوين شبه الطبي العالي، و63 عيادة متعددة الخدمات، موزعة على مختلف البلديات.
وعن آفاق استغلال هذه المرافق الصحية الجديدة، يراهن المسؤول على مشروع المستشفى الجامعي الجديد 500 سرير "حملة3" ، في تقديم خدمة صحية نوعية، وعلى مستجدات مستشفى رأس العيون، تزامنا مع انطلاق عمليات إعادة الاعتبار لـ 19 عيادة عبر تراب الولاية، وتدعيم مستشفيات الولاية بتجهيزات جديدة، وأجهزة التصوير المغناطيسي. وبالمناسبة، نوّه مدير الصحة بالجهود المبذولة للطواقم الصحية بالمستشفى الجامعي "التهامي بن فليس" بباتنة. وعَدَّه صرحا صحيا، يؤدي وظيفة مستشفى جهوي. وأوضح أنّ ما تقوم به مصلحة زرع الكلى "مفخرة للوطن".
المؤشّرات الصحية واحتياجات المرضى
توحي مختلف المؤشرات الصحية خلال عام 2024 ومنتصف 2025، بقفزة نوعية حقّقها القطاع بفضل الجهود المبذولة، والتي مكّنت من التكفّل بحوالي مليون و750 ألف مواطن في أقسام الاستعجالات، بمعدل 4300 مواطن يوميا. كما خضع 370 ألف مواطن للمراقبة الطبية في نفس الأقسام. وإجراء مليوني و250 ألف فحص طبي بالمؤسّسات الصحية العمومية، بواقع 6900 فحص يومياً، إلى جانب 580 ألف فحص طبي متخصّص، بمعدل 1600 فحص يومياً.
أما في مجال التحاليل المخبرية فقد تم إجراء 3 ملايين و150 ألف تحليل؛ بمعدل 8700 تحليل يومياً، في حين استقبلت مصالح الأشعة حوالي 570 ألف شخص، بمعدل 1600 شخص يومياً. ومع ذلك للمرضى رأي آخر؛ فهم يطالبون بتحسين الخدمة الصحية بالنظر إلى المعاناة التي يعيشونها يوميا.
المركز الاستشفائي "التهامي بن فليس".. مستشفى جامعي بطابع جهوي
يؤدي المستشفى الجامعي "التهامي بن فليس" دورا رياديا في تحسين نوعية الخدمة الصحية للمرضى؛ بقيامه بمهام مستشفى جهوي في مواجهة مشكل الاكتظاظ في المصالح بعزيمة طواقمه الطبية، وشبه الطبية. وحسب الإحصائيات المقدّمة لـ"المساء" من مديرية الأنشطة الطبية والجراحية عن السداسي الأوّل سنة 2025، فإنّ المستشفى تكفّل بـ 3768 مريض. ولم تسجَّل سوى 213 حالة وفاة.
وبرز نشاط عدّة أقسام، منها قسم زراعة الكلى، وأمراض القلب، والرضوض والصدمات، والاستعجالات الطبية والجراحية. ففي سنة 2024 تكفّل قسم أمراض القلب بـ 30693 حالة. وعدد حالات الاستشفاء 7198. تأتي في صدارتها مصلحة طب الأطفال. ويليها الطب الداخلي بـ1140 حالة، ومصلحة أمراض الكلى بـ 964 حالة، وأمراض الدم بـ576 حالة، فيما بلغ المتكفَّل بهم في السداسي الأوّل من السنة الجارية، 3768 حالة استشفاء، مع تسجيل 213 حالة وفاة، فيما سُجّل بقسم الطب العام والجراحة والاستعجالات الطبية عن نفس الفترة من السنة الجارية، 13976 حالة استشفاء بمجموع 57275 استشفاء يومي. وسُجلت 726 حالة وفاة، مع إجراء 5883 عملية جراحية . وباستعراض هذه الحصيلة فإنّ المواطنين ممن تحدّثت إليهم "المساء" ، أثاروا العديد من الصعوبات التي تواجه المرضى، ومنها ما له علاقة بالاكتظاظ على المصالح، والنقص المسجّل بوحدة الكشف بالأشعة.
زراعة الكلى تجربة رائدة ومفخرة للوطن
بالإمكان الإشادة بالمكانة المرموقة التي أدركتها ولاية باتنة على الصعيد الإفريقي في مجال زراعة الكلى. وحسب الإحصائيات المقدّمة من مديرية الأنشطة الطبية بالمستشفى الجامعي، تمّ إجراء ما لا يقل عن 670 عملية زرع كلى ناجحة منذ بداية النشاط سنة 2014 إلى غاية اليوم.
ونقلا عن المديرية، تم إجراء أكثر من 68 زرع قرنية منذ سنة 2018 إلى غاية 21 جويلية 2025، شملت 23 مريضا ذكرا و41 أنثى و4 أطفال، فيما تمّ تسجيل زرع 43 كلية ناجحة لمرضى القصور الكلوي بقيادة البروفيسور حسام الدين وغلانت، كُلّلت بالنجاح من 1 جانفي إلى 22 جويلية 2025. وقامت المصلحة بـ 17 عملية، منها 3 عمليات في إطار التعاون المشترك مع موريتانيا. والبقية تم بالمستشفى الجامعي بباتنة.
ويراهَن على الربوت المشروع الصحي الواعد، الذي سيوضع تحت الخدمة قبل نهاية الثلاثي الأول من سنة 2026، حسبما ما أعلن عن ذلك ويشرف عليه بروفيسور جراح. ومن شأنه تقليص مدة الاستشفاء، على أن تعمَّم التجربة على مركز السرطان. وهو في طور الانتهاء للقيام بعمليات زراعة النخاع العظمي، علما أن المركز قام بـ250 عملية ناجحة، شملت سرطان الدم.
تحسّن ملحوظ في مصلحة أمراض القلب
عبّر المواطنون والمرضى ممن تحدثت إليهم "المساء" ، عن ارتياحهم للمجهودات المبذولة بهذا القسم؛ لتحسين الخدمة الصحية لمرضى القلب؛ بتعيين البروفيسورة ياسمين بن شعبي على رأس هذه المصلحة، التي استقبلت خلال السداسي الأوّل من السنة الجارية، عددا معتبرا من المرضى الذين خضعوا للعلاج، وأُجريت عليهم الكشوفات، وفقا للأرقام المقدّمة من قبل مديرية الأنشطة الطبية وشبه الطبية بالمستشفى الجامعي بباتنة.
وشهدت المصلحة زرع 84 جهاز تنظيم ضربات القلب، و461 عملية قسطرة الشرايين التاجية مع وضع الدعامة، و164 قسطرة الشرايين التاجية، حسبما أعلنت عنه البروفيسور بن شعبي منذ توليها مهام الإشراف على المصلحة. ورأتها جهودا تُحسب للطاقمين الطبي، وشبه الطبي. وتتوق البروفيسورة لوحدة جهوية قائمة في حدّ ذاتها؛ باعتبارها رؤى مستقبلية لتوفير رعاية فائقة الجودة للمرضى؛ لأنّها وحدة ستدعم، حسبها، النشاط من خلال التكامل بين الوظائف متعدّدة التخصّصات، والتكفّل بالحالات الاستعجالية.
وقالت البروفيسورة: "سندعم نشاط المصلحة بخبراتنا في الميدان. وسنسعى بكلّ ما أوتينا به من قوة، لخدمة المريض" . وأثنت على جهود الإدارة، التي وفّرت ظروف العمل. للإشارة، تدعّم قسم أمراض القلب بمصلحة جديدة للقسطرة، ينشط بها 4 أطباء مختصين في أمراض القلب، تلقوا تكوينا بمستشفى سطيف.
حلم المستشفى الجهوي يتحقق
تَحقّق حلم سكان المنطقة بإنجاز مستشفى جهوي، آملين تجسيده ميدانيا، حيث خُصّص للمشروع 500 مليون دينار لانطلاق دراسة إنجازه. وتم اختيار موقع إنجازه بمنطقة حملة على مساحة 50 هكتارا. وذكر الوالي محمد بن مالك أنّ المشروع تم تسجيله لفائدة الولاية في جويلية 2024، مشيرا إلى أنّ تجسيده سيساهم في تعزيز قطاع الصحة، وتحسين الخدمات الطبية المقدّمة للمواطنين، واستحداث مناصب شغل جديدة. ويتوفّر هذا الصرح الصحي على 34 مصلحة استشفائية، منها التي ستُفتح لأوّل مرة بباتنة، وأخرى سيتم تحويلها من المستشفى الجامعي " التهامي بن فليس".
مرافق جديدة داعمة للنشاط
تدعّم القطاع بخدمات عدّة مرافق صحية؛ منها مستشفى الاستعجالات الطبية والجراحية ببوزوران الذي وُضع حيز الخدمة، وقاعات علاج أولاد عباس ببلدية الرحبات، وتاغروت أوزيان ببني فضالة، وقاعة العلاج "الشهيد سواحلية لخضر بن لعلى" ببلدية نقاوس، وعيادة متعددة الخدمات بقرية نارة ببلدية منعة، فضلا عن تزويد مستشفى الاستعجالات الطبية لفائدة المؤسسة باتنة، بخزان الأكسجين، ووضع حيز الخدمة آخر بسعة 6000 لتر لفائدة مستشفى 60 سريرا بتكوت، ووضع حيز الخدمة سكانير بنفس المستشفى، لاستقبال مرضى المنطقة، وإعادة فتح العيادة متعدّدة الخدمات بأولاد سلام؛ لضمان المداومة 24/24 سا، مع وضع الخدمة للمداومة بالعديد من العيادات، خصوصا في المناطق النائية. وتجري الأشغال لإعادة تأهيل عيادة الأنف والحنجرة وسط المدينة.
يُذكر أنّ قطاع الصحة بالولاية يتوفّر على 77 مصلحة طبية، و199 وحدة علاج، و13 جناح عمليات، و35 قاعة عمليات، دون الحديث عن القطاع الخاص الذي يضمن القطاع ككلّ خدماته في هذا الصدد، بتوظيف 583 طبيب مختص بواقع طبيب لكل 2068 نسمة، إضافة إلـى 979 طبيب عام طبيب؛ واحد لكل 1232 نسمة، و388 جراح أسنان لكل 31000 نسمة، و4234 عون شبه طبي؛ أي عون واحد لكلّ 10400 نسمة.