مركز التعذيب رقم (5)العلمة ولاية عنابة
شاهد على صرخات مجاهدين ووحشية استعمار

- 150

يستوقف المسلك السياحي التاريخي، المتمثل في مركز التعذيب رقم "5"، ببلدية العلمة ولاية عنابة، كل زائر يبحث عن التماس الذاكرة واستحضار لحظات من التاريخ الوطني. فهنا، حيث الجدران ما تزال شاهدة على صرخات المجاهدين وأوجاع الأبرياء، يكشف المكان عن صفحة سوداء من وحشية الاستعمار الفرنسي، الذي اتخذ هذا المركز، أداة لتعذيب الجزائريين بأبشع الطرق، في محاولة لإخماد جذوة الحرية.
لا يشكل هذا المركز، مجرد بناء حجري صامت، بل يعد شاهدًا حيًا على معاناة أجيال من أبناء الجزائر، وهو ما جعله واحدًا من أهم المحطات في المسلك السياحي التاريخي بالمنطقة. فقد ارتبط اسمه بالتضحيات الجسام التي قدمها الشعب في سبيل الحرية، ليصبح فضاءً يختزن بين أركانه قصص البطولة والصمود، ويترجم معنى المقاومة في أوضح صورها.
ولأن الذاكرة الوطنية، لا يمكن أن تُمحى، فقد أُدرج مركز التعذيب رقم "5"، ضمن البوابة الرقمية لمسارات الجزائر السياحية، ليكون متاحًا أمام الزوار والباحثين والمهتمين بالتاريخ، حيث يفتح إدماج هذا الموقع في الخارطة السياحية للبلاد، الباب واسعا أمام ما يُعرف بـ"السياحة الذاكراتية"، التي تمزج بين التثقيف والتأمل، والاعتراف بجميل من ضحوا بأرواحهم من أجل استقلال الجزائر. ويمثل هذا الفضاء، عنصرا مهما في الترويج للسياحة التاريخية بعنابة، حيث يجمع بين البعد الوطني والبعد السياحي.
فالزائر، وهو يتجول بين ممراته ويستمع إلى شهادات موثقة عن ممارسات الاستعمار، لا يعيش فقط تجربة ثقافية، بل يجد نفسه في مواجهة مباشرة مع الذاكرة الجماعية للأمة. إنه نوع من السياحة التي لا تكتفي بالترفيه، بل تحمل رسالة عميقة، تعيد وصل الحاضر بالماضي، وتغرس في الأجيال الناشئة قيمة الوفاء لبطولات الأسلاف. ويأتي تسليط الضوء على هذا المعلم التاريخي، في سياق إحياء اليوم الوطني للمجاهد، الموافق لـ20 أوت من كل سنة، حيث تستحضر الجزائر، ذكرى أبطالها الذين نذروا حياتهم للحرية، حيث تعكس زيارة هذا المركز، في مثل هذه المناسبات الوطنية، بُعدا رمزيا كبيرا، لأنها تضع المواطن أمام مسؤولية حفظ الذاكرة وصونها من النسيان.
ولا يمكن فصل هذا المعلم عن باقي المكونات السياحية لولاية عنابة، التي تجمع بين التاريخ والثقافة والطبيعة. فبعد جولة في مركز التعذيب، يمكن للزائر، أن يواصل رحلته نحو الآثار الرومانية في "هيبون"، أو يستمتع بسحر الشواطئ الممتدة على المتوسط، أو يتأمل جمال الغابات الجبلية في سرايدي وشطايبي، حيث يمنح الربط بين هذه المسارات الزائر تجربة متكاملة، تتنقل بين عبق التاريخ وثراء الثقافة وروعة الطبيعة.
إن الحديث عن مركز التعذيب رقم "5" ببلدية العلمية في عنابة، هو في جوهره، حديث عن مجد لا يزول وخلود لا ينقطع، فهو جزء من ذاكرة جماعية صنعتها تضحيات الشهداء والمجاهدين، ورسالة واضحة بأن الجزائر التي قاومت الاستعمار بدماء أبنائها، لن تنسى أبدا ثمن الحرية. وبين حجارة هذا المكان الصامدة، تتجدد العزيمة لمواصلة بناء وطن متين، راسخ في تاريخه، متطلع إلى مستقبله.
بلدية شطايبي
ديناميكية تنموية وأمنية متكاملة
تعرف بلدية شطايبي، بولاية عنابة، حركية غير مسبوقة، حيث تتكامل المشاريع التنموية مع الإجراءات الأمنية والوقائية، بما يمنح المنطقة دفعة جديدة نحو تحسين الإطار المعيشي، وجعلها وجهة سياحية وتنموية في آن واحد.
ففي الجانب التنموي، يجري تنفيذ عدة مشاريع، تهم إعادة تهيئة الطرق الداخلية، كربط الأحياء بالغاز الطبيعي، وتجديد شبكات المياه والتطهير التي طالها الاهتراء، فضلًا عن إعادة الاعتبار للواجهة البحرية، بتهيئة الأرصفة والإنارة العمومية، حيث سمحت هذه العمليات، بظهور ملامح حضرية جديدة، تمنح شطايبي صورة أكثر جاذبية.
أما في الجانب الأمني، تعمل البلدية، بالتنسيق مع مصالح الدرك الوطني، على إنجاز مراكز مراقبة جديدة، من المنتظر أن تعزز التواجد الميداني، وتساهم في ضمان الأمن على الطرقات وحماية الزوار والسكان على حد سواء، خاصة في موسم الاصطياف، الذي يعرف تدفقًا كبيرًا للمصطافين، حيث ستضيف هذه المشاريع، فور دخولها حيز الخدمة، طمأنينة أكبر للمواطنين، وتساهم في ضبط حركة المرور، ومراقبة الأنشطة على طول الواجهة البحرية.
وفي سياق متصل، تعمل وحدات الحماية المدنية، على تعزيز مخططاتها الوقائية والاستباقية، من خلال توفير فرق تدخل سريعة، ونقاط إسعاف على الشواطئ، إلى جانب حملات توعية موجهة للمصطافين حول احترام قواعد السباحة والسلامة. حضورها الميداني الدائم، ساهم في إنقاذ العديد من الأرواح وتفادي الحوادث. كما لم تغفل السلطات المحلية قطاع التربية، حيث تتواصل تحضيرات الدخول المدرسي القادم، عبر إعادة تأهيل بعض المؤسسات التربوية وصيانة الهياكل التعليمية، مع ضمان النقل المدرسي وتوفير المطاعم في المناطق الريفية.
وتندرج هذه الاستعدادات، في إطار رؤية أشمل، لرفع مستوى الخدمات الموجهة للتلاميذ والأولياء معًا. ويرى سكان شطايبي، أن هذه الديناميكية التنموية والأمنية والوقائية، تمثل صفحة جديدة في تاريخ بلديتهم، حيث بدأت المنطقة تستعيد موقعها كوجهة ساحلية آمنة وجذابة، قادرة على استقطاب السياح وتلبية احتياجات السكان اليومية في آن واحد.