حي برج السمار بقسنطينة خارج مجال التنمية

عزلة أدخلت المنطقة دائرة النسيان

عزلة أدخلت المنطقة دائرة النسيان
  • القراءات: 510
شبيلة. ح شبيلة. ح

يطالب سكان منطقة برج السمار المعروفة بـ "أرض بشتارزي" التابعة إداريا لبلدية قسنطينة، السلطات الولائية بالوقوف على حقيقة المشاكل التي يتخبطون فيها، والعمل على برمجة مشاريع تنموية تخرجهم من "دائرة النسيان" و«الإهمال" الذي يعيشونه منذ سنوات.

لم يفهم قاطنو المنطقة سر العزلة الإدارية المفروضة عليهم، في الوقت الذي نال العديد من نظرائهم بالمناطق المجاورة وحتى بعض مناطق الظل بالبلديات الأخرى، العديد من حقوقهم التنموية، التي سمحت لهم بتخطي بعض عراقيل الحياة اليومية، متسائلين عن خلفية العراقيل التي ترهن حظوظ التنمية في منطقتهم؛ حيث لاتزال مطالبهم هي نفسها منذ سنوات؛ غياب الكهرباء، والغاز، والماء، وتهيئة الطرق، وعيادة متعددة الخدمات، وتوفير الأمن.

أزيد من 60 مسكنا بدون ماء

استنكر سكان حي برج السمار بأرض بشتارزي الذي يضم 90 مسكنا وتقطنه 60 عائلة والذي أنشئ منذ 1995، غياب مياه الشرب عن حنفياتهم؛ ما يدفع شاغليه إلى الاعتماد في الوقت الحالي، على الآبار والصهاريج للتزود من مياه الشرب والغسيل، وهو ما أثقل كواهل أرباب العائلات لغلاء المعيشة، خاصة أن سعر الصهريج الواحد لا يقل عن 1500 دينار، علما أن الأغلبية الساحقة من قاطني هذا التجمع السكني، يعيشون البطالة القاتلة.

وأوضح المشتكون على لسان رئيس جمعية "الازدهار" عشاش عبد الحميد، أنهم لايزالون في حيرة من أمرهم بسبب هذا الوضع غير المفهوم، خاصة بعدما توقف مشروع الربط بالمياه الصالحة للشرب عند مدخل أرض بشتارزي لأسباب يجهلها السكان، لكن الجهات المعنية أوصلته، في المقابل، إلى غاية أعالي جبل الوحش.

اِنعدام الكهرباء والغاز زاد من معاناة السكان

وفي هذا الإطار، عبّر سكان الحي على لسان رئيس جمعيتهم، عن استيائهم الشديد من عدم توصيل شبكة الغاز الطبيعي والكهرباء إلى منازلهم، وتحديدا إلى 60 منزلا.

وأكد المعنيون أنهم يضطرون للبحث في رحلة طويلة، عن قارورات غاز البوتان، متحملين شقاء حملها لمسافات طويلة، وأحيانا يضطرون للتنقل إلى المناطق المجاورة نتيجة ندرة القارورات، ومشقة الحصول عليها.

كما أثار محدثنا مشكلا آخر طرحه السكان، وهو انعدام الكهرباء؛ ما جعلهم يلجأون إلى الربط بشبكة الكهرباء عشوائيا؛ من خلال تركيب توصيلات عشوائية انطلاقا من بعض المنازل المجاورة بحي الباردة بالنظر إلى الخطر الكبير الذي تشكله هذه العملية. ورغم مناشدة الجهات المعنية في عدة مناسبات تجسيد مشروع ربط حيهم بشبكة الكهرباء، إلا أن نداءهم لم يجد آذانا صاغية، خاصة من قبل المسؤولين المحليين بالمنطقة.

الصرف الصحي نقطة سوداء بالحي

وقفت "المساء" خلال زيارتها المنطقة على الوضعية المزرية التي تعيشها عائلات حي أرض بشتارزي المجاور لحي سركينة، وتحصيص الباردة، والذي لا يبعد عن وسط المدينة الأم سوى بـ 4 كيلومترات؛ حيث يعيشون حياة صعبة بسبب انعدام قنوات صرف المياه القذرة، وغياب التهيئة، وهي الوضعية التي دفعت بكثير من المعنيين إلى هجر فيلاتهم نحو أحياء أخرى.

وانتقد المواطنون الذين التقت بهم "المساء" وضعية الحي؛ حيث لم يتلقوا استجابة إيجابية من السلطات المحلية المعنية رغم رسائل الشكوى الموجهة إليهم عبر جمعية الحي طيلة السنوات الماضية، مؤكدين أن غياب قنوات الصرف الصحي والتي جُسدت بطريقة عشوائية من قبل المواطنين أنفسهم وبمالهم الخاص، بات يشكل خطرا على حياتهم وحياة أبنائهم بسبب الأمراض.

ظلام دامس جراء انعدام الإنارة العمومية

وفي هذا الإطار، يطالب السكان بتوفير الإنارة العمومية. وقالوا إن غيابها أغرق حيهم في ظلام دامس، وأدخله في حالة لا أمن، حرمتهم التنقل والتجول ليلا، ما فرض عليهم حظر التجول في الساعات المبكرة من المساء برغم الحر الذي يعاني منه الجميع هذه الصائفة.

تردي حالة الطرقات وانعدام النقل ساهم في عزلة الحي

ويزداد هذا الوضع تعقيدا بسبب انعدام النقل سواء المدرسي أو الحضري، حيث أكد رئيس الجمعية غياب وسائل النقل نهائيا؛ إذ لا توجد حافلة تشتغل على هذا الطريق؛ مما يضطرهم للاستعانة بسيارات "الفرود" رغم أن حيهم مجاور لثاني أكبر تحصيص في قسنطينة، وهو الباردة الذي يضم 1300 قطعة أرضية مقسمة على 6 أجزاء.

وأضاف المشتكون أن الانعدام التام للتهيئة بالحي من مدخلها إلى مخرجها، ساهم في تفشي هذا الوضع، خاصة أن كل الطرقات مليئة بالحفر والمطبات وحتى الأخاديد، والتي تتحول إلى برك ومستنقعات كل شتاء، يستحيل تجاوزها بسهولة، وتصبح مصدرا للغبار والأتربة في فصل الصيف؛ مما يسبب العديد من الأمراض الصدرية والتنفسية المختلفة؛ كالربو والحساسية.

بُعد المدارس وغياب المرافق يقلق الأولياء

رفع سكان برج السمار مشكل التمدرس؛ حيث يعاني ساكنو الحي المذكور من انعدام أدنى هذه المرافق؛ على غرار المؤسسات التربوية، وهو ما لم يرق للأولياء، الذين رفضوا خروج أبنائهم خاصة البنات للدراسة؛ بسبب بعد المؤسسات التربوية عن منازلهم، وحتى المرافق الأخرى، الأمر الذي دفع بالكثيرين إلى مغادرة الحي نحو أماكن أخرى رغم أنهم يمتلكون مساكن فردية على مستواه.

وعن مشكل انعدام متوسطة وثانوية قال هؤلاء إنهم باتوا يخافون على أبنائهم التنقل إلى الثانويات الموجودة بجبل الوحش، خاصة بالنسبة الفتيات اللاتي يضطر أغلبهن لترك مقاعد الدراسة في سن مبكرة؛ بسبب هذا الوضع.

ومن جهة أخرى، عبّر السكان عن استيائهم الكبير من غياب الفضاءات الرياضية والمنشآت الشبانية؛ حيث تفتقر المنطقة لدُور شباب، ومرافق ترفيهية، وثقافية وفنية.

وأكد المعنيون على ضرورة تدخّل رئيس المجلس الشعبي البلدي ووالي قسنطينة، لضمان أدنى المرافق؛ على غرار توفير ضروريات الحياة الكريمة؛ من كهرباء وغاز، وتعبيد شبكة الطرقات، ومد قنوات الصرف الصحي، وتوفير النقل والإنارة العمومية.. وقالوا إن الشكاوى التي رفعوها لم تجد آذانا صاغية.

"سونلغاز" و"سياكو" تعدان بحل مشكلي الكهرباء والماء

وبخصوص مشكل التزويد بالشبكة الكهربائية والغازية، أكد مسؤول الإعلام والاتصال بمديرية توزيع الكهرباء والغاز بقسنطينة، كريم بودولة، أن مصالحه قامت بالدراسة الخاصة بعملية الربط، وأرسلت الملف إلى مديرية الطاقة والمناجم في انتظار بثها في الموضوع. أما في ما يخص ربط الحي بالكهرباء، فقد ذكر المتحدث أن مديرية التوزيع قامت منذ أزيد من 7 أشهر، بالدراسة، وتثمين الأشغال المقدرة بمليارين و200 مليون سنتيم، غير أن مصالح البلدية لم تتحرك لدفع المبلغ لأجل الشروع في الأشغال، لتتم إعادة التثمين مرة ثانية، ورفع المبلغ في انتظار تحرك البلدية لدفع الرسوم المقدرة مؤخرا، لتتمكن مديرية توزيع الكهرباء والغاز من إطلاق ورشة الأشغال.

أما عن مشكل مياه الشرب فدعت مسؤولة الإعلام والاتصال بمؤسسة توزيع المياه بقسنطينة "سياكو"، المشتكين إلى التوجه إلى مصالح البلدية ومديرية الري، لإنجاز الشبكة الخاصة؛ حتى تتمكن مؤسستها من مباشرة مشروع الربط بهذه المادة الحيوية.