البطل العالميّ في رياضة الغوص مصطفى عبد الحميد قارة
عندما يكون للإعاقة معنى واحد هو الانتصار
- 1106
يُعد البطل العالمي في رياضة الغوص داخل المسابح مصطفى عبد الحميد قارة، واحدا من الشباب من ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين استطاعوا بفضل الإرادة القوية والمثابرة، أن يصبحوا مفخرة الجزائر على الصعيد القاري والدولي، وأن يؤكدوا أن المستحيل ممكن.
بدأ قارة الذي تعرّض لحادث مرور وكان صغيرا أدى إلى بتر رجله اليمنى، بدأ مشواره الرياضي سنة 1998 (13 سنة)، عندما التحق بجمعية النصر لرياضة ذوي الاحتياجات الخاصة، لممارسة السباحة بمدينة مستغانم. وبعد 6 سنوات من العمل المستمر والتدريبات المكثفة تُوج بأول لقب وطني في مسيرته الرياضية، ونال ذهبية السباحة على الظهر (50 مترا)، والتحق بالفريق الوطني للسباحة لذوي الاحتياجات الخاصة. وبعد 2004 أصبح قارة بطلا للجزائر لعدة مواسم وفي عدة اختصاصات، وحطم أربعة أرقام قياسية وطنية في أربعة تخصصات ومعها الرقم الإفريقي في السباحة الحرة (50 مترا) صنف S9 سنة 2009. كما تُوج مع فريقه "النصر" بـ 8 بطولات وطنية و9 كؤوس للجمهورية، قبل أن يفتك اللقب العالمي في رياضة الغوص داخل المسابح للمعاقين سنة 2016 بالمغرب.
وكانت تشكل رياضة الغوص تحديا جديدا لهذا الرياضي بعد سيطرته على رياضة السباحة وفي معظم التخصصات.
تجربة الغوص بدأها كأول هاوٍ في الجزائر سنة 2014. وأبرز قارة لوأج أن الإعاقة لم تكن يوما سببا للعجز أو عدم ممارسة الرياضة في حياته ولا ذريعة للاستسلام للواقع الصعب في يومياته، لاسيما أنه حوّل فقدان الرِّجل إلى طاقة إيجابية، مزجها بالعزيمة والثقة بالنفس، وصقلها بالعمل والانضباط، فأصبح قدوة لكل الرياضيين الصغار من ذوي الاحتياجات الخاصة.
مساعدة المعاقين على الاندماج الاجتماعي
وبعد قرابة 20 سنة من المنافسات والألقاب، قرر قارة أخيرا وضع حد لمسيرته الرياضية، وسخّر نفسه ووقته لجمعية "النصر" لرياضة ذوي الاحتياجات الخاصة بمستغانم. والهدف هذه المرة مساعدة هذه الفئة على الاندماج الاجتماعي، وممارسة الرياضة ودعمها ماديا ومعنويا، ونقل الخبرة والمهارة إليها في الرياضات المائية. وأشار إلى أن الرياضيين من الفئات الصغرى "هم مستقبل النادي، وهم النخبة الوطنية التي ستواصل حصد الألقاب القارية والدولية؛ ليس في رياضة السباحة والغوص فقط ولكن في كل رياضات ذوي الاحتياجات الخاصة الفردية والجماعية".
وبعيدا عن الرياضة والنشاط الجمعوي، يعمل عبد الحميد قارة موظفا بمؤسسة "الجزائرية للمياه"، لكن غيره من الرياضيين ومن ذوي الاحتياجات الخاصة، لايزالون يفتقرون إلى العمل، ولا تنال نواديهم الدعم المادي اللازم، على حد تعبيره.
بعض المرافق الرياضية التي يقصدها الرياضيون من ذوي الاحتياجات الخاصة اضطرارا، ليست مكيفة ومهيأة لممارسة هذا النوع من التخصصات، كما لا توجد بها ممرات أو مواقف مخصصة للمعاقين؛ ما يضاعف معاناة النوادي، التي تبقى خزائنها فارغة من الأموال، ومملوءة بالألقاب وصبر الأبطال، وفق نفس المتحدث.
نقص الإمكانات المادية دفع جمعية "النصر" لرياضة ذوي الاحتياجات الخاصة وهي تمتلك مدرسة للفئات الصغرى، إلى التركيز فقط على السباحة والتعاون مع جمعيات ونواد محلية أخرى، لتطوير المهارات وتدريب الرياضيين في الغوص.
ويقول مصطفى عبد الحميد قارة في الأخير، إن على فئة ذوي الاحتياجات الخاصة أن "تركز على الجوانب الإيجابية في حياتها؛ فمع الإرادة والعزيمة لا يوجد مستحيل، ومع الرغبة الجامحة في الفوز تتحقق الانتصارات".
«لا فرق بين الرياضيين"، يؤكد قارة؛ "فالهدف والرغبة والطموح في الفوز واحد. والمضمار هو الموهبة والثقة في النفس والاجتهاد في العمل".