إقبال لافت على المدارس القرآنية بقسنطينة
مؤسسات بهيكلة جديدة بحاجة للتأطير والدعم
- 732
تضاعف عدد المنتسبين للمدارس القرآنية بقسنطينة بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة؛ حيث أصبحت بديلا لرياض الأطفال والأقسام التحضيرية بالنسبة لكثير من العائلات، وهو ما أفرز تحولات جذرية في مفهومها، لترتقي من حلقات بسيطة لتحفيظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، إلى مدارس بهيكلة حديثة ونموذجية، أقرب إلى الأقسام التربوية، فيما تشهد، بالموازاة مع ذلك، العديد من الاختلالات، التي كانت محل نقاش من طرف أعضاء المجلس الشعبي الولائي بقسنطينة مؤخرا.
تسجل المدارس القرآنية والمساجد عبر ولاية قسنطينة، إقبالا لافتا من قبل الأطفال لتعلم وحفظ القرآن الكريم على أيدي أئمة مؤهلين ومربين، وكذا متطوعين؛ حيث باتت تعوّل أغلب العائلات على هذه الأخيرة، لتمكين أبنائها من تحصيل جانب من العلوم الشرعية، خاصة أن جل العائلات وجدت في المدارس القرآنية بديلا لأبنائها؛ إذ تحوّل هذا التعليم إلى جسر للعبور نحو الطور الابتدائي، مقابل تكاليف أقل مما تتطلبه المؤسسات الأخرى.
266 مدرسة قرآنية بقسنطينة
يستند تأسيس هذه المدارس في بلادنا للمرسوم التنفيذي رقم82/94 في مادته 2.3.6 المؤرخ في 14 ديسمبر 1994، والمتضمن قواعد إنشاء المدارس القرآنية، وتنظيمها وتسييرها؛ حيث تحصي الولاية 266 مدرسة قرآنية تضم 194 قسم، منها 42 قسما متصلا، و30 قسما منفصلا، أغلبها ببلدية قسنطينة الأم؛ بتسجيل 106 مدرسة قرآنية، تليها بلدية الخروب بـ 38 مدرسة، وحامه بوزيان بـ 34 مدرسة، فضلا عن 4 مدارس نموذجيه، 3 مدارس منها على مستوى بلدية قسنطينة، والتي تضم 62 قسما، ومدرسة نموذجيه واحدة ببلدية حامه بوزيان تضم 28 قسما. والمعروف أن هذه المدارس على اختلافها، تشهد تزايدا في الإقبال من سنة إلى أخرى، خصوصا في السنوات الأخيرة، التي عرفت إدراج التعليم التحضيري كمرحلة أساسية في الطور الابتدائي.
ضعف في التأطير والتجهيز
ومن جهته، أكد رئيس لجنة الشؤون الدينية بالمجلس الشعبي الولائي بقسنطينة، خلال عرضه ملفا حول واقع التعليم القرآني في قطاع الشؤون الدينية والأوقاف، أنه بالنظر إلى أهمية التعليم القرآني، غير أن هذا الأخير يعرف العديد من النقائص التي أثرت سلبا على التحصيل من جهة، وعلى عمل المؤطرين من جهة أخرى؛ كمشاكل التجهيز والتأطير؛ حيث أثار المتحدث جملة من النقائص؛ على غرار غياب الوعي من قبل الجمعيات الدينية، التي ترتكز، فقط، على بناء المسجد، وإهمال المدرسة القرآنية، وهو ما جعله يطلب من مديرية الشؤون الدينية، تنظيم لقاءات دورية مع رؤساء الجمعيات؛ من أجل توعيتهم بأهمية المدرسة القرآنية والتعليم القرآني عموما، فضلا عن مشكل غياب التمويل، وعدم الحصول على رخصة جمع التبرعات، مع تقاعس بعض الجمعيات، أو عدم توفر رخصة البناء، وهو الإشكال الذي أصبح مطروحا، أيضا، في التجمعات السكانية الجديدة؛ ما يستدعي، حسب المتحدث، من مديرية الشؤون الدينية القيام بعملية إحصاء دقيقة للمدارس القرآنية، التي تحتاج للدعم، وإعطائها الأولوية في جمع التبرعات.
المنتخبون يشرّحون واقع المدارس القرآنية
وبخصوص توزيع المدارس القرآنية عبر تراب الولاية، أضاف رئيس اللجنة سفيان بن عامر خلال عرضه ملف التعليم القرآني بالدورة العادية الأولى للمجلس الشعبي الولائي التي انعقدت نهاية الأسبوع الماضي، أن بلدية قسنطينة تستحوذ على النسبة الكبيرة من عدد المدارس مقارنة بباقي البلديات، غير أنه بالمقارنة بعدد مساجد البلدية الذي يقدر بـ 141 مسجد، نجد أن عددا كبيرا منها لا يحتوي على تعليم قرآني؛ إما بسبب غياب التأطير، أو لعدم وجود أقسام، أو أنها عبارة عن مشروع لم يكتمل بعد، فضلا عن افتقار البلديات البعيدة عن مركز الولاية، للمدارس النموذجية، مضيفا أن المدارس العاملة عبارة عن أقسام لصيق بها قسم أو قسمان بالمسجد، وبعضها لا تتوفر على التجهيز الكافي؛ كالطاولات. أما النسبة الكبيرة من المدارس القرآنية، فهي عباره عن أقسام.
ومن جهة أخرى، تطرق بن عامر لمشكل التجهيز، مؤكدا أن جل المدارس القرآنية تعرف مشاكل في التجهيز بالرغم من الدور الكبير الذي تقوم به هذه الأخيرة، خصوصا في التعليم التحضيري؛ حيث طالب بإلحاق تجهيز المدارس القرآنية بالبلديات خاصة الصغيرة منها، مع القيام بعملية إحصاء دقيقة لحاجيات هذه المدارس من حيث التجهيز والتدفئة. ونفس الحال بالنسبة لمشكل المؤطرين، الذين بلغ عددهم بالمدارس القرآنية 262، ما لا يقل عن 617 مؤطر لفائدة 19341 تلميذ، مشيرا إلى أن عدد المتطوعات بهذه المدارس بلغ 740 متطوع؛ حيث تعود حصة الأسد في ذلك، للنساء، ليطالب المتحدث بفتح المجال أمام المتطوعين أصحاب الشهادات، مع العمل على إخضاع معلمات القرآن اللائي لا يملكن شهادات جامعية ويحفظن مقدارا من القرآن بجميع أصنافهن، للتكوين، فضلا عن فتح المجال أمام الجامعيات والجامعيين، بتخفيف اشتراط حفظ مقدار كبير من القرآن.
دعوة إلى إحصاء النقائص بدقة
أوصى أعضاء لجنة الشؤون الدينية بالإسراع في تشكيل لجنة متخصصة في إحصاء نقائص المدارس القرآنية من حيث الجمعيات الدينية، على بناء أقسام إضافية في المدارس التي تعاني الاكتظاظ، مع إقامة دورات تكوينية دوريه لمعلمي القرآن، خاصه لصنف أقل من 6 سنوات، ولقاءات تحسيسية مع الجمعيات الدينية؛ من أجل توعيتهم بأهميه مدارس تعليم القرآن، وتأطير المدارس النموذجية بمعلمين أكفاء، وإدارة فعالة، فضلا عن تعجيل العمل على صيانة أقسام التعليم القرآني الحالية، وتجهيزها التجهيز المناسب، مع استحداث فضاءات للترفيه واللعب، وتجهيزها، كذلك، بالوسائل السمعية البصرية الضرورية، ناهيك عن إنشاء صندوق خاص بدعم التعليم القرآني، تكون منابعه من خلال الترخيص بجمع التبرعات كل 3 أشهر، مع صب نسبة من أموال الوقف العام في الصندوق.