"مرشي الحوت" بعنابة

ملتقى الفنانين وسكان بونة الأصليين

ملتقى الفنانين وسكان بونة الأصليين
  • القراءات: 894
سميرة عوام سميرة عوام

يعتبر السوق المغطى المعروف بـ"مارشي الحوت"، من الأسواق العريقة بمدينة عنابة، بني في العهد الاستعماري، ويتميز بطراز معماري تطبعه منمنمات منقوشة على الجدران، وتزينه ساعة كبيرة تتوسط الجهة الأمامية لـ"المارشي"، وهي تقابل الاتجاهات الأربع للمدينة، فيما تعتبر بوصلة حقيقية لتحديد الأماكن المجاورة للسوق، خصوصا للزائر، من خلال هذه الساعة التي توقفت منذ سنوات قليلة.

بقيت الساعة شامخة في أعلى مبنى "مرشي الحوت"، تختزل داخلها ذكريات جميلة لسكان بونة الأصليين، الذين كانوا يترددون على هذا الفضاء التجاري، وحتى الأوربيين في العهد الاستعماري. ما يميز هذا "المارشي"؛ توفره على عدة خانات مرتبة ومنظمة، توفر كل ما يطلبه الزبون خلال شهر رمضان. فالجزء السفلي خصص لبيع السمك بمختلف أنواعه وكل فواكه البحر. أما الجهة العلوية للسوق، فمفتوحة على بيع مختلف أنواع المواد الاستهلاكية واللحوم البيضاء والحمراء، وحتى الخضر والفواكه، لكن ما ينفرد به "مارشي الحوزت"؛ الغلاء الفاحش للأسعار، لهذا لا يزوره إلا الأغنياء والفنانون والأوفياء له، فإذا أردت مقابلة فنان معين من مدينة عنابة، ما عليك إلا أن تقصد هذا السوق، ولعل القليل فقط من الناس العاديين يتسوقون فيه، لأن وجهتهم المفضلة سوق "الحطاب".

"مارشي الحوت" له حكاية مع الفنانين ومطربي الأندلسي، وحتى الممثلين الكبار والمخرجين، أمثال المخرج السينمائي الراحل عمار العسكري الذي كان يفضل زيارة هذا السوق، لشم "ريحة عنابة" العريقة، وكذلك الراحل الفنان حمدي بناني، وغيرهما من الوجوه الفنية التي كانت ترى أن "مارشي الحوت" مقصد فئة معينة، بعيدا عن الفوضى والتزاحم عند شراء بعض الضروريات. علما أن السوق المغطى قريب من ساحة الثورة "الكور العنابي"، إذ بعد ارتشاف فنجان قهوة مع الأصدقاء والأصحاب، يأتي في بال الجالسين ارتياد "المارشي"، لقربه من "الكور" من أجل اقتناء كل ما يشتهونه.