تحولت إلى "بناء فوضوي"
نافورة "باب قسنطينة" محل استياء سكان سكيكدة
- 547
ما تزال النافورة التي أنجزت منذ أكثر من 7 سنوات، بوسط مدينة سكيكدة، في المكان المسمى "باب قسنطينة"، بمحاذاة ساحة الشهداء، تصنع الحدث عند العام والخاص بعاصمة التاريخ سكيكدة، بسبب التدهور الفظيع الذي أصبحت عليه، بعد أن شوهت مدخل المدينة، بمجسم أصبح المواطن السكيكدي يصفه بـ"البناء الفوضوي".
خلال حديث "المساء"، مع عدد من مواطني المدينة، الذين عبروا لنا صراحة، عن استيائهم لما آلت إليه هذه النافورة التي شوهت جمالية سكيكدة، على حد تعبيرهم، طالبوا بضرورة إزالتها، لأنها تفتقر صراحة للمسحة الجمالية، ناهيك عن وجود عيوب كبيرة في الإنجاز، فيما اعتبرها البعض وبنوع من التهكم، بأنها أغلى محور دوران في الجزائر، يجسد بصدق إحدى النماذج الممنهجة في إهدار المال العام دون حسيب ولا رقيب، كما اعتبره البعض، بأنه يجسد حقيقة ومجازا أمام صمت الصامتين، إهانة كبيرة لإحدى الشخصيات التاريخية، المتمثلة في البطل القائد الرمز الشهيد زيغود يوسف، كون هذا المعلم، كما وقفنا عنده، أصبح مرتعا للمنحرفين والمتسولين، تنبعث منه روائح كريهة، شوهت وسط المدينة.
9 ملايير لإنجاز مجسم رديء بوسط المدينة
حسب المعلومات التي بحوزتنا، فإن تكلفة إنجاز هذا المعلم قدرت بـ 9 ملايير سنتيم بكل حصصه، وقد أُسندت أشغال إنجازه إلى 3 مقاولات، الأولى أسندت إليها أشغال البناء من خرسانة وغيرها، أما المقاولة الثانية، فتكفلت بأشغال المضخات والأضواء، في حين تكفلت المقاولة الثالثة، وهي من تلمسان، بإنجاز التمثال.
وما لم يفهمه السكيكديون آنذاك، وحتى الآن؛ طريقة إسناد الأشغال للمقاولين، التي لم تُحترم فيها الإجراءات القانونية المعمول بها، حسب ما صرح لنا به مصدر من داخل البلدية، وكان من الأجدر على البلدية آنذاك، إطلاق مسابقة لاختيار أحسن مجسم يتناول أحداث "20 أوت 55"، يليق بمقام الشهيد البطل الرمز زيغود يوسف، ويليق أيضا بمكان الإنجاز الذي له خصوصية، لاسيما لدى سكان المدينة المتشبعين بروح الوطنية.
لمجسم "باب قسنطينة" قصة مع العصابة
بدأت قصة هذا المجسم، في عهد الوالي الأسبق بلحسين، الذي تورط في قضايا فساد وأُدخل سجن الحراش، وهو من اقترح فكرة إنجاز المعلم على شكل باخرة، يقودها البطل الشهيد زيغود يوسف، وقد تمت الموافقة عليها دون نقاش، رغم أن المشروع تابع لبلدية سكيكدة، وكان على المجلس البلدي آنذاك على الأقل، إبداء التحفظ على المجسم، وعلى المبلغ، وأكثر من ذلك، أنجز دون اللجوء إلى إطلاق استشارة ملاءمة أو عدم ملاءمة، في إطار ما يعرف بالديمقراطية التشاركية، لكن تجري الرياح بما لا يشتهيه المواطن السكيكدي، ليتقرر رغم أنف هذا الأخير، إنجاز مشروع النافورة، كما أراده الوالي الأسبق بلحسين، تحت إشرافه الشخصي، بعد أن كلف رئيس الدائرة الأسبق الذي تم توقيفه عن مهامه، لتورطه في قضايا فساد، بمتابعة مدى تطور الأشغال، بالتنسيق فقط مع مصالح البلدية.
عيوب بالجملة شوهت وسط المدينة
عند معاينتنا للمجسم، وقفنا على العديد من العيوب الظاهرة، التي يدركها حتى الأعمى، منها السلالم التي لم تنجز بدقة، إلى جانب العيوب التي تخص الأنابيب والمضخات وغيرها، دون الحديث عن رداءة نوعية الرخام والإنارة الداخلية ونوعية الأنابيب، والنافورة التي لا تعكس صراحة، المبلغ المالي الذي خصص للمشروع، فيما شوهت النافورة مدخل المدينة، إذ حجبت الرؤية عن شارع الأقواس، الذي يعد فريدا من نوعه على المستوى الوطني، كما تعرضت العديد من الركائز الحديدية، بما فيها القطع الرخامية ذات نوعية رديئة، إلى التلف، حيث بدأت تعتريها تشققات وانكسارات على حوافها.
مواطنو سكيكدة يطالبون بتدخل الوالي
أجمع كل المواطنين ممن تحدثت معهم "المساء"، على عدم حاجة مدينة سكيكدة لهذا المشروع الفاشل، الذي خدش وجه المدينة، بعد أن استهلك أموالا جد ضخمة، معتبرين عملية إنجازه بالهدر المقنن للمال العام، مطالبين بإلحاح كبير، من رئيس الجمهورية، بفتح تحقيق حول ما أصبح يصطلح عليه بفضيحة نافورة "باب قسنطينة".
بالموازاة مع ذلك، يناشد هؤلاء، والي سكيكدة، حورية مداحي، بضرورة التدخل لإعادة إنجاز مجسم جديد، حسب المواصفات، مع تهديم الحالي، من خلال إعداد دراسة خاصة قصد إعادة تأهيل وتهيئة نافورة "باب قسنطينة"، وكذا ساحة الشهداء، بالإضافة إلى الحديقتين المتواجدتين بـ"باب قسنطينة"، مطالبين من الوالي مداحي، الوقوف شخصيا على واقع هذا الأخير، الذي يبقى النقطة السوداء، التي أفقدت جمالية المدينة، التي كانت فيما مضى، تسمى بـ"باريس الصغيرة".