فيما سجلت المصالح المختصة وفاة 93 شخصا باختناقات الغاز

وزارة التجارة تشن حربا على أجهزة التدفئة المغشوشة

وزارة التجارة تشن حربا على أجهزة التدفئة المغشوشة
  • 1951

تشن، مصالح وزارة التجارة هذه الأيام حملة مراقبة واسعة لمحلات بيع التجهيزات الكهرومنزلية، بهدف حماية المستهلك وتجنب حوادث الاختناق بالغاز خلال فترات البرد، حيث تم تسجيل أرقام مرعبة في حالات الوفاة بسبب استعمال أجهزة مغشوشة وغير مطابقة للمعايير المطلوبة. فيما سجلت مختلف المصالح المختصة وفاة 93 شخصا نتيجة الاختناق بالغاز المتسرب من أجهزة التدفئة أو سخانات الماء بالحمامات المنزلية.

بخصوص المراقبة التي تقوم بها المصالح الخارجية لوزراة التجارة، والمتعلقة بالأجهزة الكهرومنزلية، ووفقا للبرنامج الذي سطرته الوصاية، قامت بعمليات تحقيق واسعة النطاق على مدار العام الجاري، شملت مختلف أجهزة التدفئة والتسخين، وسطرت برنامجا  يشمل مختلف محلات بيع الأجهزة الإلكترومنزلية، وهي العملية التي شهدت تكثيفا خلال الأيام الأخيرة، بالنظر إلى إقدام المواطنين على اقتناء هذه التجهيزات بالموازاة مع حلول فترة تدني درجات الحرارة، إذ يتم خلالها مراقبة شهادة الضمان ووسم المنتوج ودليل الاستعمال، حسب تأكيد مدير الجودة والاستهلاك بالوزارة، السيد قولي سامي، الذي أشار خلال تدخله، تزامنا مع انطلاق الحملة التحسيسية التي تستمر فعالياتها طيلة فصل الشتاء، لتفادي الحوادث المنزلية والاختناقات، إلى أنه خلال دخول منتوج جديد للسوق تقوم مصالح المراقبة بالتدقيق في مدى صلاحيته. مؤكدا في نفس السياق أنه «لم تسجل هذه السنة أية مخالفة إلى حد الآن». مشيرا إلى أن المخبر الوطني للتجارب بالعاصمة الذي دخل مؤخرا حيز الخدمة، «يعمل على مراقبة الأجهزة المستوردة أو المصنعة محليا، التي تعمل بالغاز لضمان منتوجات آمنة وتجنب حوادث الاختناق، إذ ساهم بشكل كبير في منع دخول أجهزة التدفئة والتسخين المغشوشة».

برنامج مشترك لحماية المستهلك من الاختناقات

أكد السيد سامي قولي أن وزارة التجارة تعمل بالتنسيق  مع المديرية العامة للحماية المدنية ومصالح أخرى، على غرار وزارة التربية والصحة والجمارك و « سونلغاز»، على حماية المستهلك وفق برنامج مسطر لتفادي الحوادث التي تسجل عدة وفيات خلال الفترة الشتوية.

بدوره، أكد المكلف بالإعلام في المديرية العامة للحماية، أن عدد  التدخلات فاق 433131 سنة 2017، ومن أسباب الاختناق؛ عدم صيانة أجهزة التسخين والتدفئة والتوصيلات الكهربائية المتعلقة بها،  والتركيب العشوائي لهذه الأجهزة والتعديلات العشوائية التي لا تراعي التهوية الجيدة.

و دعا إلى اقتناء أجهزة التدفئة الأصلية ذات النوعية الجيدة، مشيرا إلى أن مصالح التدخل للحماية المدنية، لاحظت أن أغلب الحوادث المسجلة ناجمة عن أخطاء متعلقة بالوقاية وعدم اتباع النصائح والإرشادات المقدمة بهذا الخصوص.

15 وفاة منذ بداية السنة

بلغ عدد الأشخاص المتوفين جراء الاختناق بغاز أول أكسيد الكربون المنبعث من أجهزة التدفئة المختلفة على مستوى ولاية الجزائر وحدها؛ 15 شخصا منذ بداية سنة 2017، حسبما أكده المكلف بالإعلام لدى مديرية الحماية المدنية لولاية الجزائر.

أوضح الملازم أول خالد بن خلف الله، أنه تم تسجيل ارتفاع محسوس قدر بـ4 حالات في عدد الوفيات، بسبب استنشاق غاز أول أكسيد الكربون (مونوكسيد الكاربون)، حيث بلغت هذه السنة 15 وفاة مقابل 11 حالة وفاة خلال نفس الفترة من السنة المنصرمة 2016، بسبب عدم أخذ الحيطة والحذر وصيانة أجهزة التدفئة والتسخين وانعدام التهوئة.

تم تسجيل أكبر عدد من حالات الوفيات جراء استنشاق غاز أحادي الكربون، خلال شهر أوت المنصرم بـ8 حالات وفيات على مستوى بلديتي القبة ووادي قريش، فيما تم تسجيل حالة وفاة واحدة في شهر جانفي و3 وفيات في شهر فيفري و3 أخرى خلال شهر جوان الماضي بالعاصمة.

المدافئ المصنوعة محليا تلقى الرواج

تخلى العديد من التجار في السنوات الماضية عن بيع الأجهزة المستوردة، حيث قرروا التوقف عن بيعها بشكل كلي، بحجة أن الأسعار غير مستقرة والعرض أكثر من الطلب، وأن المنتوج المحلي يعرف إقبالا كبيرا من المواطنين بمختلف الماركات المحلية الأخرى، فيما يعرف المنتوج المستورد في السنوات الأخيرة عزوفا من قبل المواطنين.

أشار أحد التجار بالحميز لـ «المساء»، إلى أن المنتوج المستورد تسبب في السنوات الأخيرة في حصد الكثير من الأرواح، لاعتمادها على المظهر الخارجي، ولا يتوفر على شروط الأمن والسلامة، وبه قطع غيار ذات نوعية رديئة ومغشوشة.مضيفا أنه واجه العديد من المشاكل مع الزبائن بعد بيع المنتوج المستورد، حيث تفاجأ بتصرف واحد منهم حينما أعاد له المدفأة بعد استعمالها وأراد استبدالها ـ بالقوة ـ بأخرى محلية، بعد أن عانى من مشكلة تسرب الغاز دون معرفة سبب ذلك.

و أضاف المتحدث أن أجهزة التدفئة تعرف إقبالا فقط في فصل الشتاء، وعند توزيع سكنات جديدة، و لم يعد والمواطن لم يعد يطلب العلامات المستوردة التي كانت تعرف رواجا كبيرا في السنوات الماضية نظرا لشكلها الجذاب، وإنما أصبح يعتمد على المنتوج المحلي لتوفره على شروط الأمن والسلامة ولجودة قطع الغيار وأنابيب التوصيل الداخلية، مشيرا إلى أنه يعتمد فقط على المنتوج المحلي.

في المقابل، أوضح مواطن بأنه سبق أن اشترى أخرى ذات علامة تركية في العام الماضي، بعد أن انتقل إلى منزل جديد، مشيرا إلى أنه حينها لم يكترث بالنوعية بقدر مع اهتم بالشكل، لإضفاء لمسة جمالية على ديكور المنزل، غير أنه كان يعاني خلال الشتاء الماضي من انتشار رائحة الغاز في كل أرجاء المنزل، مما اضطره إلى صيانتها في العديد من المرات، لينصحه بعدها الرصاص بعدم استعمالها لأنها قد تتسبب في كارثة حقيقية، ودله على علامات مصنعة في الجزائر، باعتبارها ذات جودة عالية وتحتوي على قطع غيار جيدة. مضيفا أن جل الأجهزة التي يقوم بإصلاحها مستوردة.

غياب ثقافة التنظيف والصيانة

من جهة أخرى، اتفق المختصون على أن المواطن الجزائري لابد أن ينتبه للمخاطر الناجمة عن سوء استعمال وسائل التدفئة والتسخين، ولابد من الاستعانة بمختصين في المجال قبل إعادة تشغيل المدفأة، حتى في تنظيفها وإعادة توصيلها بأنابيب التهوية. علما أن أغلب المواطنين يقومون بأنفسهم بربط شبكة الغاز دون إخضاعها حتى للمراقبة وعملية التنظيف.

مؤكدين على ضرورة الاستعانة بمختص من أجل الحصول على إرشادات لتفادي حوادث الاختناق، خصوصا ما تعلق منها بمراقبة المدفأة وإخضاع أنابيب الغاز الموصولة بها للاختبار بمادة الصابون، بهدف معرفة إذا كان هناك تسرب لغاز أحادي أكسيد الكاربون، مع الحرص على سلامة قنوات التهوئة على أنها موصولة بشكل جيد، مع التأكد دائما من أن مخرج الغاز السام خال من أي شيء يتسبب في غلقه.

أشار محدثونا من أهل الاختصاص، إلى أن مهنة الترصيص لا يمكن أن يمتهنها هاو، لأنها تتطلب أشخاصا مختصين ملمين بمجال تخصصهم، موضحين أن سبب اختناق العديد من العائلات، بالرغم من أن الأجهزة سليمة، يرجع إلى الاستعانة بأشخاص يدعون أنهم رصاصون، ويقومون بوضع شبكات توصيل غير سليمة ولا تخضع للشروط اللازمة، مما ينجم عنه حوادث مميتة.

نسيمة زيداني