الإسلام في فرنسا
وقفة مع الباحث جيل كيبل
- 3666
استطاع الصحافي والكاتب الفرنسي جيل كيبل المختص في الشؤون الأمنية أن يعدّ مرجعا هاما في الإسلام المعاصر، وخاصة الإسلام في فرنسا بكل تفاعلاته. وقد سبق غيره من الباحثين الفرنسيين في هذا الموضوع، ففي سنة ١٩٨٧، أصدر كتابا بعنوان «إسلام الضواحي» في وقت لا نكاد نجد فيه كتابا واحدا حول الإسلام في فرنسا، وكان عمره يومئذ ٣٢ سنة.
وقد مزج في كتابه طريقتين؛ طريقة التحقيق الصحافي وطريقة المنهج الأكاديمي، وكان له السبق في هذا المجال، وقد جاء إلى الجزائر أكثر من مرة، ويقول في مقدمة كتابه؛ «منذ ١٥ سنة مضت، لم يكن لنا في فرنسا عشرات المساجد (وفرنسا اليوم تلقب ببلد ألف مسجد) وجمعيات إسلامية، وأول هذه المساجد هو مسجد باريس الذي تم تدشينه في ١٥ مايو ١٩٢٦ بحضور شخصيات فرنسية وإسلامية، ويبقى مسجد باريس مجسد للوجود الإسلامي في فرنسا بحكم تاريخه وإشعاعه، و بعضا كتب جيل كيبال ترجمت إلى الإنجليزية والفارسية والعربية، حيث ظهرت ترجمة في تونس لكتابه «إسلام الضواحي»، ولازلت أذكر عندما أهدى جيل كيبال كتابه إلى الشيخ عباس بن الشيخ الحسين بكلمات عربية...
وقد استهل كتابه بقوله؛ «في فرنسا اليوم أكثر من ألف مسجد وقاعات للصلاة وأكثر من ٦٠٠ جمعية إسلامية أسست بموجب قانون الجمعيات الصادر في فرنسا سنة ١٩٠١ والمسجل
في محافظات الشرطة». إن هذا الوضع تأكد مؤخرا وإلى هذا التاريخ لم يكن هناك من كتب عن الإسلام في فرنسا والمسلمين في هذا البلد. حقا إن الكاتب والصحافي جيل كيبال كان من السابقين الأوائل الذين بحثوا في الإسلام في فرنسا المعاصرة، ثم تلاه فيما بعد برونو إتيان، وهو أكثر دقة وله منهاج أكاديمي وأول من قال؛ «إن الإسلام في فرنسا ينبغي أن يكون إسلاما فرنسيا، وليكون كذلك، ينبغي أن يكون قادته فرنسيي الجنسية عارفين بالمجتمع الفرنسي وخصوصياته، متمكنين من اللغة الفرنسية»، وكان مناهضا لفكرة استقبال الأئمة من خارج فرنسا (المغرب والجزائر والسعودية) دول ثلاث وحدها دخلت معترك الحياة الإسلامية في فرنسا، ومؤخرا دخلت الدولة التركية هذا الفضاء مع أنها بلد علماني منذ عشرينيات القرن الماضي.
بمصانع السيارات ولّد الإسلام في فرنسا
ألح عمال مصانع السيارات في منطقة بيانكور منذ منتصف السبعينات، بتوفير قاعات للصلاة في هذه المصانع وهم من أصول جزائرية ومغربية، حيث أسسوا لفكرة بداية الاهتمام بالوجود الإسلامي في فرنسا كحق يطبع خصوصياتهم وانتماءاتهم. وقد تم اكتشاف ظهور الإسلام في مصانع السيارات سنة ١٩٨٢ واتهم رئيس وزارء فرنسا بيير مورقار يومئذ، العمال المسلمين الذين كانوا وراء الإضراب الذي شل مصانع السيارات، ويمكن القول بأن منذ هذا التاريخ، أخذ تواجد الإسلام يتعزز بطريقة واضحة في فرنسا المعاصرة، وكان أول من أرخ له هو الباحث الفرنسي جيل كيبال في كتابه «إسلام الضواحي».
أزمة الطاقة في أوروبا طريق للحديث عن الإسلام في فرنسا
منذ عام ١٩٧٤، أوقفت فرنسا أبواب الهجرة إليها بسبب أزمة الطاقة التي كانت وراء الكساد الاقتصادي وأبقت فقط على قانون شمل الأسرة، بحيث يجوز للمهاجر استقدام أسرته إلى فرنسا وفق شروط معينة، نشرتها الصحافة الفرنسية...
وكان عدد المسلمين في هذا التاريخ، وجلهم من المغرب العربي، قد بلغ حوالي مليونين، يضاف إليهم آلاف المهاجرين السّريين، إلى جانب جماعة «الحركى» وهم يحملون الجنسية الفرنسية ومستقرون بشكل دائم بها. وقد قدر عددهم يومئذ بحوالي ٤٠٠ ألف نسمة، وقد يبلغ عددهم حاليا مليون شخص.
وجميع المسلمين يومئذ كانوا يشكلون حوالي ٣ ملايين نسمة، والمسلمون اليوم يتراوح عددهم بين ٥ و٦ ملايين نسمة.
كانت إضرابات عمال السيارات سنة ١٩٨٢ ومظاهرة (مسيرة) الجيل الثاني من أبناء العرب من المغرب والجزائر، تعبر عن وجود جالية إسلامية في فرنسا بخصائصها، وقد فوجئ الرأي العام الفرنسي بمسيرة الجيل الثاني في «ليون» سنة ١٩٨٣ ووصلت هذه المسيرة إلى باريس واستقبل قادتها من طرف رئيس الجمهورية الفرنسية فرانسوا ميتران، وقد وصل أنذاك إلى الحكم باسم الاشتراكيين في ١٠ مايو ١٩٨١، حيث تمت في عهده عملية إعادة إحياء قانون الجمعيات (١٩٠١)، وأنشأ المسلمون بموجب ذلك جمعيات ثقافية وبنوا مساجد.
ويقول جيل كيبال بأن الحديث عن الإسلام في فرنسا ينبغي أن يأخذ بعين الاعتبار ثقافة مسجد باريس المجهول تاريخه في كثير من الأوقات من الذين يتحدثون عن الإسلام في فرنسا، حيث تأسس في عهد الجمهورية الثالثة الفرنسية (بالضبط تم وضع حجر أساسه عام ١٩٢١، وكان الرئيس الفرنسي جيسكار ديستان يتحدث عن الإسلام «كإسلام السلام الاجتماعي»، ذلك أن عهد جيسكار لم يعرف صحوة إسلامية وسط الجالية الإسلامية التي استعادت وعيها، كما استعادت هويتها التي كادت تضيع، فأخذت ترمم ما أفسدته السنوات الغابرة في عهد فرانسوا ميتران (١٩٨١- ١٩٩٥) وفي عهده كانت جمعيات إسلامية عديدة ومحطات إذاعية وجرى التفكير في تنظيم مسلمي فرنسا ضمن هيئة ممثلة لشرائح الجاليات الإسلامية.
مهد كتاب جيل كيبال حول الإسلام في فرنسا الطريق لصدور كتب أخرى في الموضوع، ورغم ذلك فإن ما كتبه المسلمون في الموضوع قليل جدا، والبعض منه تجاوزته الأحداث، ومساهمتنا نحن الجزائريون في الموضوع لا تكاد تذكر ـ وسوف نعود إلى هذا الموضوع في المستقبل بحول الله ـ.
وقد مزج في كتابه طريقتين؛ طريقة التحقيق الصحافي وطريقة المنهج الأكاديمي، وكان له السبق في هذا المجال، وقد جاء إلى الجزائر أكثر من مرة، ويقول في مقدمة كتابه؛ «منذ ١٥ سنة مضت، لم يكن لنا في فرنسا عشرات المساجد (وفرنسا اليوم تلقب ببلد ألف مسجد) وجمعيات إسلامية، وأول هذه المساجد هو مسجد باريس الذي تم تدشينه في ١٥ مايو ١٩٢٦ بحضور شخصيات فرنسية وإسلامية، ويبقى مسجد باريس مجسد للوجود الإسلامي في فرنسا بحكم تاريخه وإشعاعه، و بعضا كتب جيل كيبال ترجمت إلى الإنجليزية والفارسية والعربية، حيث ظهرت ترجمة في تونس لكتابه «إسلام الضواحي»، ولازلت أذكر عندما أهدى جيل كيبال كتابه إلى الشيخ عباس بن الشيخ الحسين بكلمات عربية...
وقد استهل كتابه بقوله؛ «في فرنسا اليوم أكثر من ألف مسجد وقاعات للصلاة وأكثر من ٦٠٠ جمعية إسلامية أسست بموجب قانون الجمعيات الصادر في فرنسا سنة ١٩٠١ والمسجل
في محافظات الشرطة». إن هذا الوضع تأكد مؤخرا وإلى هذا التاريخ لم يكن هناك من كتب عن الإسلام في فرنسا والمسلمين في هذا البلد. حقا إن الكاتب والصحافي جيل كيبال كان من السابقين الأوائل الذين بحثوا في الإسلام في فرنسا المعاصرة، ثم تلاه فيما بعد برونو إتيان، وهو أكثر دقة وله منهاج أكاديمي وأول من قال؛ «إن الإسلام في فرنسا ينبغي أن يكون إسلاما فرنسيا، وليكون كذلك، ينبغي أن يكون قادته فرنسيي الجنسية عارفين بالمجتمع الفرنسي وخصوصياته، متمكنين من اللغة الفرنسية»، وكان مناهضا لفكرة استقبال الأئمة من خارج فرنسا (المغرب والجزائر والسعودية) دول ثلاث وحدها دخلت معترك الحياة الإسلامية في فرنسا، ومؤخرا دخلت الدولة التركية هذا الفضاء مع أنها بلد علماني منذ عشرينيات القرن الماضي.
بمصانع السيارات ولّد الإسلام في فرنسا
ألح عمال مصانع السيارات في منطقة بيانكور منذ منتصف السبعينات، بتوفير قاعات للصلاة في هذه المصانع وهم من أصول جزائرية ومغربية، حيث أسسوا لفكرة بداية الاهتمام بالوجود الإسلامي في فرنسا كحق يطبع خصوصياتهم وانتماءاتهم. وقد تم اكتشاف ظهور الإسلام في مصانع السيارات سنة ١٩٨٢ واتهم رئيس وزارء فرنسا بيير مورقار يومئذ، العمال المسلمين الذين كانوا وراء الإضراب الذي شل مصانع السيارات، ويمكن القول بأن منذ هذا التاريخ، أخذ تواجد الإسلام يتعزز بطريقة واضحة في فرنسا المعاصرة، وكان أول من أرخ له هو الباحث الفرنسي جيل كيبال في كتابه «إسلام الضواحي».
أزمة الطاقة في أوروبا طريق للحديث عن الإسلام في فرنسا
منذ عام ١٩٧٤، أوقفت فرنسا أبواب الهجرة إليها بسبب أزمة الطاقة التي كانت وراء الكساد الاقتصادي وأبقت فقط على قانون شمل الأسرة، بحيث يجوز للمهاجر استقدام أسرته إلى فرنسا وفق شروط معينة، نشرتها الصحافة الفرنسية...
وكان عدد المسلمين في هذا التاريخ، وجلهم من المغرب العربي، قد بلغ حوالي مليونين، يضاف إليهم آلاف المهاجرين السّريين، إلى جانب جماعة «الحركى» وهم يحملون الجنسية الفرنسية ومستقرون بشكل دائم بها. وقد قدر عددهم يومئذ بحوالي ٤٠٠ ألف نسمة، وقد يبلغ عددهم حاليا مليون شخص.
وجميع المسلمين يومئذ كانوا يشكلون حوالي ٣ ملايين نسمة، والمسلمون اليوم يتراوح عددهم بين ٥ و٦ ملايين نسمة.
كانت إضرابات عمال السيارات سنة ١٩٨٢ ومظاهرة (مسيرة) الجيل الثاني من أبناء العرب من المغرب والجزائر، تعبر عن وجود جالية إسلامية في فرنسا بخصائصها، وقد فوجئ الرأي العام الفرنسي بمسيرة الجيل الثاني في «ليون» سنة ١٩٨٣ ووصلت هذه المسيرة إلى باريس واستقبل قادتها من طرف رئيس الجمهورية الفرنسية فرانسوا ميتران، وقد وصل أنذاك إلى الحكم باسم الاشتراكيين في ١٠ مايو ١٩٨١، حيث تمت في عهده عملية إعادة إحياء قانون الجمعيات (١٩٠١)، وأنشأ المسلمون بموجب ذلك جمعيات ثقافية وبنوا مساجد.
ويقول جيل كيبال بأن الحديث عن الإسلام في فرنسا ينبغي أن يأخذ بعين الاعتبار ثقافة مسجد باريس المجهول تاريخه في كثير من الأوقات من الذين يتحدثون عن الإسلام في فرنسا، حيث تأسس في عهد الجمهورية الثالثة الفرنسية (بالضبط تم وضع حجر أساسه عام ١٩٢١، وكان الرئيس الفرنسي جيسكار ديستان يتحدث عن الإسلام «كإسلام السلام الاجتماعي»، ذلك أن عهد جيسكار لم يعرف صحوة إسلامية وسط الجالية الإسلامية التي استعادت وعيها، كما استعادت هويتها التي كادت تضيع، فأخذت ترمم ما أفسدته السنوات الغابرة في عهد فرانسوا ميتران (١٩٨١- ١٩٩٥) وفي عهده كانت جمعيات إسلامية عديدة ومحطات إذاعية وجرى التفكير في تنظيم مسلمي فرنسا ضمن هيئة ممثلة لشرائح الجاليات الإسلامية.
مهد كتاب جيل كيبال حول الإسلام في فرنسا الطريق لصدور كتب أخرى في الموضوع، ورغم ذلك فإن ما كتبه المسلمون في الموضوع قليل جدا، والبعض منه تجاوزته الأحداث، ومساهمتنا نحن الجزائريون في الموضوع لا تكاد تذكر ـ وسوف نعود إلى هذا الموضوع في المستقبل بحول الله ـ.