السهرات العائلية تفقد بريقها

السهرات العائلية تفقد بريقها
  • 2837

جدّدت العائلات السكيكدية عهدها مع السهرات الرمضانية، مع أوّل يوم من الشهر الكريم، إلا أنّ تلك السهرات بدأت تفقد نكهتها، بخلاف السنوات الأخيرة، حيث كانت العائلات تفضّل الإفطار على موائد جماعية، خاصة بالنسبة للذين يقطنون في سكنات جماعية أو كما تسمى بالمنازل العربية، ناهيك عن السهرات المميزة التي كانت تستمرّ إلى ما قبل السحور، أمّا اليوم فكل شيء تغيّر لاسيما هذه السنة، حيث غابت سهرات الزمن الجميل، سواء داخل المنازل فيما بين العائلات أو حتى على مستوى الأحياء الشعبية القديمة وداخل مقاهيها، وأزقّتها وساحاتها.

يرى السيد عثمان متقاعد، (61 سنة)، أنّ هناك عوامل عديدة جعلت السهرات الرمضانية بسكيكدة، لاسيما خلال السنوات الأخيرة، تفقد نكهتها التي تميّزها عن سائر الشهور، منها طبيعة الحياة التي أصبحنا نعيشها في عصر التكنولوجيا المتطورة، وحلّ التلفاز المزوّد بالانترنت بقنواته التي تضمّ برامج جد متنوعة، ولكلّ الأذواق محل القعدة العائلية، ناهيك عن طبيعة الأسرة التي تعصرنت هي الأخرى إذ لم تعد كما كانت من قبل سواء من حيث العدد أو التشكيل، بعد أن أصبح شعار العديد منها، كما قال "عائلتي.. عائلتي"، يضاف إليها أن جيل هذا الزمان بدأ يفقد العديد من عادات الأجداد والآباء.

من جهته، يرى السيد عاشور (55 سنة) موظف بشركة اقتصادية وأب لـ 5 أطفال، أنّ غلاء المعيشة من جهة، واهتمام العائلة بمشاغلها ومشاكلها أمام صعوبة الحياة، إلى جانب الهروب إلى العالم الافتراضي وبعض مواقع التواصل الاجتماعي التي قد حلّت محل الجلسة العائلية.

الأطفال في الشارع والعائلة في خبر كان

في صورة أخرى من صور السهرات الرمضانية، بوجهها السلبي، مشهد الأطفال الذين تعجّ بهم شوارع المدينة، مباشرة بعد الانتهاء من الإفطار، في مشاهد أقل ما يقال عنها أنّها تعكس مدى تخلي الأسرة السكيكدية عن رسالتها التربوية، التوجيهية والأخلاقية خاصة وأنّ الفئة التي باتت تشكّل الديكور الليلي للمدينة في هذا الشهر الفضيل، يتراوح عمرها بين 6 إلى 15 سنة ومن الجنسين، يجدون أنفسهم بدون رقيب، يلعبون في الساحات العمومية والشوارع غير مكترثين بالأخطار المحدقة بهم، ليستمر المشهد إلى غاية منتصف الليل، والمؤلم أنّ كل هذا يحدث بعيدا عن أعين العائلة المنشغلة بالتلفاز أو عند الجيران، كما أن الكثير من النسوة يفضلن ترك أولادهن في الشارع والتوجه إلى المساجد لأداء صلاة التراويح.

ومن المظاهر المشينة التي بدأت تعرف انتشارا رهيبا بسكيكدة خلال شهر الصيام،  انتشار طاولات "البابي فوت" التي حوّلت ساحات أحياء المدينة إلى قاعات للعب مفتوحة على الهواء وسط الضجيج العارم وما يتبعه من كلام فاحش كما هو الحال بحي 20 أوت 55 وممرات 20 أوت 55 ونهج هواري بومدين وصالح بوالكروة،  وحتى على مستوى ساحة أول نوفمبر، إلى غاية منتصف الليل وإلى جانب طاولات "البابي فوت"، فقد تفاقمت أيضا بسكيكدة ظاهرة كراء بعض ألعاب الأطفال كالسيارات الكهربائية الصغيرة التي اكتسحت كل أحياء المدينة خاصة أمام المركز الثقافي البلدي "عيسات إيدير"، أو بممرات 20 أوت 55 وأيضا بساحة الحرية التي أضحت تستغل من قبل بعض البزناسية في كراء الدراجات النارية للأطفال.

تحويل المسجد إلى شبه روضة

حتى مساجد المدينة لم تشذ عن القاعدة، حيث تحولت خاصة خلال صلاتي العشاء والتراويح إلى شبه روضة للأطفال، ويفضل العديد من المصلين من الجنسين اصطحاب أطفالهم الصغار ما دون 6 سنوات إلى المسجد، حيث ترتفع أصواتهم وتزيد تحركاتهم، من جري، وضحك ولعب، متسببين في فوضى عارمة تعكر في كثير من الأحيان تركيز وخشوع المصلين.

 

بوجمعة ذيب