الصيام عند اليونان والرومان

الصيام عند اليونان والرومان
  • 2028

ارتبط الصيام عند اليونان بشعائر من وضع الكهنة؛ إذ أسبغوا عليه طابع الخفية، وقسموها إلى: أسرار صغرى وأسرار كبرى، فالأولى تقام في فصل الربيع بالقرب من أثينا، ويغمر فيها طلاب الأسرار أنفسهم بالماء، فيستحمون ويصومون.

وعند طلب الأسرار الكبرى، وهي الفترة التي تدوم أربعة أيام لمن حاز الأسرار الصغرى، يعاد عليهم الاستحمام والصيام. والذين سبقوهم في الأداء في مثل ذلك الموعد من العام الماضي، كانوا يؤخذون إلى الاندماج حيث الاحتفال السري، وهناك يفطر المبتدئون الصائمون بأن يتناولوا عشاء ربانيًا؛ إحياء لذكرى "رملتر" الإله.

وكان طبيعيًا أن يتأثر الرومان بالصوم اليوناني، فأصبح صيامهم شبيهًا به، فشعيرة الصيام عندهم تمثل شعيرة الامتناع والحرمان الممزوجة بتعاليم مبهمة وضعها الكهان ليختصوا بها وحدهم.

يقول الدكتور رافد علاء الخزاعي في دراسة حول التطور التاريخي للصيام، إن اليونانيين القدماء ومنهم الطبيب والفيلسوف "أبقراط"، كانوا يجدون في الصوم علاجا لكثير من الأمراض وتقويم النفس وتهذيبها.

ويُعد الحكيم أبقراط أول من أوصى بالصوم كوسيلة علاجية، وازداد اهتمامه بالامتناع عن الطعام والشراب كأسلوب للعلاج. كما أوصى بالاعتماد على نوع الغذاء والصوم والحمامات المعدنية والتمارين الرياضية والهواء النقي، أكبر من الاعتماد على الأدوية.

ومن أقوال أبقراط في هذا الشأن نجد على سبيل المثال: "عش عيشة صحية تنج من الأمراض إلا إذا انتشر وباء في البلد أو أصابتك حادثة". ويقول أيضا: "إذا مرضت ثم اتبعت نظاماً صالحاً في الأكل والحياة أتاح لك ذلك أحسن فرص الشفاء"، وكذلك قوله: "كلما أكثرنا من تغذية الأجسام المريضة زدنا تعريضها للأذى".

ولاحظ أحد الحكماء ويدعى "كونيلوس"، سرعة شفاء العبيد مقارنةً بالأحرار. وقد علل ذلك بأن الأرقاء أكثر صوماً وأكثر التزاماً بالصوم العلاجي من الأحرار. وفي عام 46 من الميلاد قال الحكيم بلونارك: "إن صوم يوم واحد أفضل من تعاطي الدواء".

وكان صوم اليوم الثالث من شهر "تهسموفيريا" اليوناني خاصاً بالنساء عند اليونان. كذلك عرف اليونان والرومان الصوم ومارسوه لغايات وأهداف، فقد كانوا يصومون قبل الحرب، ليعتادوا على الصبر والتحمل راجين من ذلك النصر. أما رجال الدين عندهم فقد كانوا يمتنعون عن تناول اللحوم والأسماك والطيور مدى حياتهم كلها.

وتؤكد موسوعة مقاتل من الصحراء، فلسفة الصيام عند اليونانيين والرومانيين، حيث جاء فيها أنه كان لهما صيام خاص بالدور الكهنوتي للصغير والكبير، وصيام تختلف أنواعه للشعب، فمنه ما يؤدى قضاءً لحق الشعيرة، ومنه ما يؤدى لظروف عارضة. كما كانت ظروف التنبؤ بالغيب تقتضي صيامًا بدورها.

وكان الإغريق جميعه يقبلون على أنواع مختلفة من الصيام؛ أيام النوازل والخطر، كما كانت هناك بلدان تستقل بصيام خاص بها، فكانت مدينة "تورنتم" تصوم في كل عام شكرًا لله على النجاة، من حصار نزل بها، فلما تخلصت منه لزمت هذا الصيام.

وكانت هناك أيام صيام تسبق تنقيح القوانين كل عام، وكان الشعب كله يصوم عشرة أيام قبل الحرب؛ طلبا للنصر. كما كان للتنبؤ صيامه، وكان على الكهنة أن يصوموا ثلاثة أيام استعدادًا للتنبؤ، لا يتناولون خلالها إلا أوراق شجر الغار الذي يتم مضغه ومص رحيقه. وكان رجال الدين في جزيرة كريت، يصومون مدى الحياة، عن أكل اللحوم والأسماك والطيور.