سؤال حيَّر ربات البيوت

العالم الافتراضي يجيب عن: "ماذا أطبـخ اليـوم؟"

العالم الافتراضي يجيب عن: "ماذا أطبـخ اليـوم؟"
  • 124
رشيدة بلال رشيدة بلال

ماذا أطبخ اليوم لمائدة الإفطار؟ لم يعد هذا السؤال الذي تعجز ربات البيوت عن الإجابة عنه، محيِّرا بالنظر إلى الزخم الكبير للوصفات التي أصبح الوصول إليها سهلا وسريعا على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، التي لعبت دورا هاما في إعادة إحياء وصفات تقليدية، ومنح ربات البيوت الفرصة لتجريب أي وصفة من داخل الوطن أو من خارجه، ما دفع بالبعض إلى التعليق على منصات التواصل الاجتماعي، بأن "الكل أصبح "شاف" من منزله".

المتصفح لمواقع التواصل الاجتماعي منذ حلول شهر رمضان الكريم، يقف على التنوع الكبير في مختلف الوصفات التي يتم تقديمها لتزيين المائدة الرمضانية، بعضها مستوحى من التراث الجزائري، وأخرى أُدرجت عليها بعض التعديلات لجعلها عصرية. وغيرها تم استنباطها من المطابخ العربية وحتى الأوربية، كل هذا جعل من السهل على ربات البيوت التفنن في تحضير المائدة؛ حيث يكفي كتابة ما ترغب في تجريبه سواء تعلق الأمر بأنواع الأطباق الرئيسة، أو المقبلات، أو الشوربات، أو المملحات، أو التحليات أو العصائر.

وأصبحت بعض الموائد تتوفر على أكلات تركية ومصرية ولبنانية، وحتى غربية وآسيوية، ما جعل الكثيرات يعبّرن عن ارتياحهن، خاصة أن المائدة الرمضانية، حسبما رصدت "المساء" على ألسنة البعض، تحتاج، يوميا، إلى تجديد؛ لإرضاء الصائمين، فهذه مواطنة بليدية تقول في معرض حديثها، "في ما مضى كان من الصعب التنويع في المائدة الرمضانية وكان الأمر ينحصر في تحضير بعض الأطباق التقليدية المعروفة مثل: المثوم، والدولمة، أو شطيطحة دجاج، أو طاجين الزيتون.

كما  كان يتم الاعتماد على بعض الوصفات التي كانت تقدَّم عبر شاشة التلفاز من بعض الطهاة المعروفين، الذين كانوا يحاولون تقديم وصفات مستوحاة من بعض الولايات". واليوم، حسب المتحدثة، إن حدث وطرحت ربة البيت سؤال: "لا أعرف ما أطبخ اليوم؟"؛ يعني أنها هي التي لا ترغب في الطبخ، لأن مواقع التواصل الاجتماعي تقدم وصفات متنوعة، وتستجيب للقدرة الشرائية للجميع. وهو ذات الانطباع الذي لمسناه عند عدد من النساء المستجوَبات، من اللواتي أجمعن على التسهيلات التي قدمتها مواقع التواصل الاجتماعي، فإلى جانب أنها ساهمت في عرض وصفات ناجحة بخطوات مصورة، لعبت، أيضا، دورا هاما في تعليم بعض الفتيات، وحتى المتزوجات حديثا؛ كيفية تحضير مختلف الأطباق دون ارتكاب أي أخطاء.

والملاحَظ أيضا أن المؤثرين عبر منصات التواصل الاجتماعي، ساهموا، من جهتهم، في الترويج لبعض الوصفات؛ من خلال مشاركة متابعيها عبر صفحاتهم لعدد من الوصفات انطلاقا من أن كل ما له علاقة بالطبخ يثير اهتمام النساء والرجال على حد سواء، ما شجع، حسبما جاء على لسان إحدى المواطنات، حتى الرجال على تصفّح ومتابعة مختلف الوصفات، واختيار ما يرغبون في تناوله على مائدته الرمضانية، حيث ساعدت بعض المواقع الرجالَ على دخول المطبخ الافتراضي، والمساعدة في تحضير المائدة.

.. وهذا رأي المختصين في الطبخ

قالت الشيف فهيمة فقير، مختصة في الطبخ التقليدي من البليدة في تصريح لـ "المساء"، بأن الزخم الكبير لوصفات الطبخ عبر منصات التواصل الاجتماعي، مرجعها الطلب الكبير على هذا النوع من المحتويات في شهر رمضان، الذي ينظر إليه الكثيرون على أنه شهر للأكل أكثر من العبادة. وتردف: "أنا كمختصة في الطبخ، أشجع مثل هذه المحتويات، خاصة التي تتناول وصفات جزائرية تقليدية، لأنها بشكل أو بآخر، تروّج للطبخ الجزائري، ولكن، في المقابل، لديّ بعض التحفظات خاصة بالنسبة لبعض الهواة من الذين هدفهم من وراء مثل هذه المحتويات رفع عدد المشاهدات عبر ما يتم  الترويج له من وصفات، أن لا يتم التعدي على خصوصية بعض الأطباق التقليدية والحلويات أيضا، التي أُدرجت عليها العديد من التعديلات من باب العصرنة، وتقديم الجديد، بل وفي الحقيقية تحولت إلى مصدر للأمراض بالنظر إلى كثرة المواد المضافة والملونات!".

وحسب الشاف فهيمة، فإن "هؤلاء الذين حوّلوا منصات التواصل الاجتماعي إلى فضاء لمشاركة ما يعرفونه من وصفات لعلمهم أنها من المحتويات التي تستقطب إليها عددا كبيرا من المشاهدات، حبّذا لو أنهم يطّلعون على بعض المعلومات المرتبطة بالأطباق خاصة التقليدية منها؛ حتى لا يتم الإساءة لتراثنا، فنجد، مثلا، بعض المؤثرين الذين فضلوا، أيضا، البقاء في الفضاء الافتراضي خلال شهر رمضان، يقدمون بعض الوصفات على أنها تقليدية، ولكن العارفين بالتخصص سرعان ما يكتشفون أنها غير ذلك، وبالتالي حبذا لو يتم مراعاة هذا الجانب".