رأس العجل والبيض المسلوق والإفطار فوق سطح المنزل

- 1878
يعتبر صيام الطفل لأوّل مرة بمنطقة القبائل خطوة جد هامة ومميزة تحتفل بها العائلات بطريقة خاصة، لأنّها تأكيد على انتقاله إلى مرحلة النضج، حيث يسعى الأهل إلى إشعار الأبناء بأهمية الصيام في حياتهم من خلال تشجيعهم وتعويدهم الصبر على الأكل والشرب، على أن يتم تخليد هذا الحدث باحتفال مميز ليترك ذكرى جميلة في ذهن الطفل، ولعل ذلك أحد المحفزات للأطفال الذين يأتون بعده بمشاهدتهم للهدايا التي يتلقاها الطفل والاحتفال الذي يصاحب المناسبة.
تعطي العائلات القبائلية أهمية كبيرة لصيام أبنائها لأول مرة، حيث يعد ذلك حدثا خاصا يترك بصمة مميزة في نفسية الطفل وأهله، إذ يعدّ حدثا عائليا هاما يمتدّ إلى دعوة الأهل والأقارب لمشاركتهم أجواء الاحتفال بهذا اليوم، حيث تحرص على إحياء هذه العادات والتقاليد باعتبارها جزء وجودها وتعمل على الحفاظ عليها ونقلها للأجيال القادمة. إذ يخصّص للطفل احتفال بهيج، تسبقه التحضيرات المكثفة باقتناء العائلة مستلزمات الاحتفال لطهي وإعداد مختلف الأطباق والمأكولات التقليدية والحديثة، حيث يتوجّه الجد أو الأب إلى السوق لاقتناء ما يتطلّبه طبق الطفل الصائم لأوّل مرة والتي يكون رأس العجل سيدها مع طبق الكسكسي، إضافة إلى البيض المسلوق والمسمن.
وبحضور الأقارب والأهل والجيران، يفطر الطفل فوق سطح البيت، حيث يرفع الطفل الذي يصوم لأول مرة فوق سطح المنزل وهي دلالة على الرفعة والسمو وبلوغ مرحلة النضج، حيث يفطر على وجبة رأس العجل والبيض المسلوق وسط فرحة كبيرة تعتريه لشعوره بالالتحاق بعالم الكبار بجلوسه إلى مائدة إفطار الكبار.
وتحضر النساء لهذا الحدث أطباقا تقليدية مختلفة ومتنوّعة في جوّ من الفرح مصحوب بأهازيج جميلة ورائعة تمدح الطفل وأهله، حيث يحضر طبق الكسكسى برأس العجل ومن ثمة تحضير المائدة التي تتزين بأطباق مختلفة، ويبدأ المدعوون بالتوافد إلى منزل العائلة المحتفلة بطفلها ومعهم هدايا مختلفة تقدم له تشجيعا وإكراما للصائم الصغير، حيث يلتئم شمل أفراد العائلة على مائدة تغمرها الفرحة والمحبة التي تمتد إلى ساعات متأخرة من الليل في سهرة رمضانية تعيد إلى الأذهان كيفية إحياء الأجداد لليالي رمضان.
وتقول "نا زهية"، إنّ الاحتفال بصوم الذكر والأنثى لا يختلف، فالعادة نفسها فقط أن البنت لا ترتدي البرنوس ويعوض بالفضة، وكما لا يتم اقتناء رأس العجل تكتفي البنت بالإفطار على طبق المسمن والبيض والكسكسي المحضر بالبقول فوق سطح المنزل، حيث يتم تجهيزهما بأجمل اللباس ويحمل الطفل الصائم على الكتف ويوضع فوق سطح المنزل دقائق قبل أذان المغرب، حيث يفطر على وقع الزغاريد ليتم إنزاله لاستكمال إفطاره مع الكبار ليشاركهم مائدة الإفطار.
ويتم اختيار يوم الصيام حسب رغبة العائلة واستعداداتها، فهناك من تقوم بإحياء الحدث في أول يوم من رمضان وهناك من تفضل ليلة 27 منه، مع إحياء ليلة القدر التي لها ميزة خاصة، إذ أن النساء يحضرن طبقين على اعتبار أن هذه الليلة تسمى "27 نرمضان بو سناث ثيربا" أي ليلة الـ27 ذي طبقين، ويتم إعداد طبق الكسكسى بالبقول الجافة وتقديمه في طبق من الفخار وبعد الانتهاء من الأكل توضع عدد ملاعق الأكل بحسب عدد أفراد العائلة ويترك ليلة كاملة، أما الطبق الثاني فيختلف بحسب أذواق العائلات وتضاف إلى هذين الطبقين طبق خاص بصيام الطفل لأول مرة، كما تتميز هذه الاحتفالات بتحضر كل عائلة طبق من الأطباق التي أعدتها لترسلها إلى المسجد والتي يتناول منها عابري السبيل والفقراء.
❊س. زميحي