"المساء" تتقفى آثار التنمية ببلدية بئر توتة في العاصمة

تطلع لاستدراك النقائص في غياب الأوعية العقارية

تطلع لاستدراك النقائص في غياب الأوعية العقارية
رئيس البلدية بئر توتة، محمد رامي
  • القراءات: 11284
رشيد كعبوب رشيد كعبوب

 عجز في التغطية الصحية وعيادتان تفتقدان للتأطير 

البرامج السكنية الممنوحة قليلة والطلبات أكثر من 6 آلاف

 13 عملية تنموية معطلة بسبب رفض المنتخبين 

  طبيعة الأراضي الفلاحية عائق أمام تجسيد المشاريع التنموية

تتطلع بلدية بئر توتة، بولاية الجزائر، إلى تجسيد جملة المشاريع التي استفادت منها المنطقة، خلال السنوات الماضية، لاستدراك النقص في المرافق الضرورية، على غرار التربوية والصحية والشبانية، التي تحدث عنها رئيس البلدية، محمد رامي، لـ"المساء"، والذي كشف عن أسباب تعطل مشاريع أخرى، نظرا لغياب الأوعية العقارية، في هذه البلدية ذات الطابع الفلاحي بامتياز.

يلاحظ الزائر لهذه المدينة، أنها تقع بمنطقة استراتيجية، يقطعها الطريق الوطني السريع رقم واحد، وتتوفر على خط السكة الحديدية ومختلف وسائل النقل الأخرى، وقد صارت بئر توتة لأكثر من عقد من الزمن، مستقرا للعديد من سكان البلديات الأخرى، الذين تم ترحيلهم إلى أحياء جديدة، مثل سيدي امحمد، أو أولئك الذين استفادوا من سكنات "عدل" من قبل، وغيرها، كإقامات السكنات الترقوية، مثلما نجده بقلب المدينة.

اكتظاظ لا يطاق بالثانوية الوحيدة ومشروع معطل لإنجاز أخرى

تفتقر بلدية بئر توتة، إلى ثانوية تخفف عن أبنائها حدة الضغط داخل الأقسام، ففي ثانوية "أحمد سرير" بوسط المدينة، يصل عدد المتمدرسين إلى 2500 تلميذ، وهو ما يتعارض مع المقاييس المطلوبة، مما جعل المجلس يطالب منذ سنوات ببناء ثانوية أخرى، لكن المشروع اصطدم بمشكل العقار، الذي يشكل هاجسا كبيرا، ويحرم أبناء المنطقة من توفير الهياكل الضرورية. وفي هذا الشأن، أوضح رئيس البلدية، أن المجلس اقترح قطعة أرض بمنطقة علي بوحجة المعروفة بـ«الكحلة"، لكن تم رفضها من قبل المصالح التقنية، ليتم استغلالها في مشروع محلي آخر.

لم ينف المسؤول، أن البلدية استفادت من مشاريع تربوية أخرى، تخص الطور الابتدائي، الذي حظي بعدة مشاريع، من شأنها تحسين ظروف التمدرس لأبناء المنطقة، منها 4 مطاعم مدرسية انطلقت أشغالها، ومجمع مدرسي يضم 12 قسما، مضيفا، أن مصالح البلدية اتفقت مع إحدى المؤسسات لتوفير الرفوف بـ 20 مدرسة ابتدائية التي تضمها البلدية، في إطار الإجراءات التي أقرتها الدولة لتخفيف وزن المحفظة، وتوفير نسخ من الكتب المدرسية.

المنطقة الصناعية لبابا علي..زحمة وتلوث ومشاريع مؤجلة

ومعلوم، أن المنطقة الصناعية بمنطقة بابا علي، التي تعود لسنوات طويلة، تطرح عدة تساؤلات بشأن مشكل التلوث والزحمة المرورية بهذا الحي الكبير، الذي توسعت به رقعة المحيط العمراني، وصارت الحاجة ماسة إلى مشاريع التهيئة وتوفير المرافق العمومية، في العديد من القطاعات. وأكد محمد رامي، أن البلدية لم تتلق أي شكوى بخصوص مشكل التلوث، فالمصانع 42 المتواجدة بمنطقة النشاطات، تلتزم بالتخلص من نفاياتها بطريقة تراقبها مديرية البيئة، لكن المواطنين اشتكوا، حسب المتحدث، مرارا من مشكل الزحمة المرورية، التي تتسبب فيها الشاحنات التي تمر بالحي بالطريق الولائي المؤدي نحو الشبلي، والذي يعد المسلك الوحيد بالمنطقة.

ويبقى الأمل - حسب مسؤول البلدية- قائما على الاقتراح الذي قدمته الوالي المنتدب للمقاطعة الإدارية لبئر توتة، التي تحرص على تجسيد مشروع إنجاز طريق خاص بالمنطقة الصناعية، لتخليصها من حدة الزحمة التي تتشكل داخل المحيط العمراني، وما تسببه من تعطيل لمصالح السكان وتأثير على الجانب الصحي. لم ينف محدثنا، أن المنطقة الصناعية تدر على خزينة البلدية بجباية مالية هامة، تقدر بـ 40 مليار سنتيم سنويا، تضاف إلى الميزانية السنوية التي تصل إلى حدود 73 مليار سنتيم، لكن رغم ذلك، تقبى هذه الأموال غير كافية لتلبية احتياجات السكان. علما أن بئر توتة، عرفت ولا تزال تعرف توسعا عمرانيا وسكانيا متزايدا.

مشاريع تقدمت بخطوات وأخرى عطلتها البيروقراطية

ينتظر سكان العديد من الأحياء ببلدية بئر توتة، الإفراج عن مشاريع التهئية وتعبيد الطرقات، ومنها حي سيدي أمحمد الذي تعطل به المشروع منذ 2015، بسبب مرور أنبوب الغاز بالمنطقة، حيث أوضح رئيس البلدية، أن مصالحه دفعت الأعباء المالية لمؤسسة "سونلغاز" لتحويل مسار الأنبوب، لكنها لم تتحرك إلى حد الآن، لتدارك الوضع ميدانيا، مطالبا مصالح الولاية، بالتدخل لدى هذه المؤسسة لدفع المشروع نحو التجسيد، لاسيما أن الأموال رصدت لهذه العملية.

من جهة أخرى، أفاد محدثنا، أن هناك 13 عملية لتهيئة الأرصفة وتعبيد الطرق، منها ما توشك على الانتهاء، مثلما هو الحال بالنسبة لحي 34 مسكنا فرديا، الذي تصل به نسبة الإنجاز 95 بالمائة، فيما تصل نسبة تقدم الأشغال بحي علي بوحجة إلى 85 بالمائة، وأخرى متوقفة منها بحي أمتنان بسبب عدم الانتهاء من مشروع مد قنوات الصرف الصحي، وأخرى بقيت عقودها على مستوى المراقب المالي لاستكمال بعض الاجراءات الإدارية.

13 عملية تنموية معطلة بسبب رفض المنتخبين

لم ينف مسؤول البلدية كذلك، تواجد 13 مشروعا معطلا وذو أهمية كبيرة بالنسبة للمواطن، تتعلق بصيانة قنوات مياه الشرب، وتخص أحياء كل من عداش، والنخيل، والكحلة، وبابا علي، وسي لخضر، والرتيل 1 و2، وبيريكي 1 و2... وغيرها، حيث تم فتح الأظرفة واختيار المؤسسات المكلفة بالأشغال، لكن المجلس، لم يصادق على المداولة الاستثنائية التي أجريت مؤخرا، لأسباب لم يكشف عنها المنتخبون الرافضون إلى حد الآن، -يقول محدثنا-.

أكد السيد رامي، أن 10 منتخبين من أصل 18 منتخبا بالمجلس البلدي، رفضوا جدول الأعمال الذي تضمن عدة نقاط، تتعلق بتحسين الإطار المعيشي للمواطن والمتمدرسين، منها عمليات تخص التزويد بمياه الشرب المذكورة، وأخرى تتعلق بالتغذية المدرسية وزيادة رواتب عمال البلدية. واستغرب محدثنا هذه "الخرجة"، مؤكدا أن المنتخبين الرافضين للتوقيع على المداولة لم يقدموا أي تبرير، ولم يكشفوا عن الأسباب الحقيقية التي دفعتهم لذلك، مفيدا أنه سيرفع تقريرا للولاية المنتدبة لمقاطعة بئر توتة من أجل استدعاء المنتخبين.

المشاريع الشبانية تتحسن ولكن..

بالنسبة لقطاع الشباب والرياضة، كشف مسؤول البلدية، أن اللقاء التقييمي مع والي العاصمة، سيحرك العديد من المشاريع، منها 3 مشاريع تخص إنجاز قاعات متعددة الرياضات بكل من أحياء "عدل"، وبابا علي، وسيدي أمحمد، ومعلب للكرة الحديدية، حيث تم اختيار مكتب دراسات وسيتم قريبا اختيار مؤسسات الإنجاز. لكن النقص، حسبه، يبقى مسجلا بالنسبة لهياكل كرة القدم، إذ رغم وجود 24 ملعبا جواريا بالعديد من الأحياء السكنية، إلا أن البلدية تفتقر إلى ملعب بلدي لائق، وما هو موجود حاليا عبارة عن ملعب قديم يقع وسط المدينة، ولا يحتوي على المرافق الضرورية كالمدرجات وغيرها، وهو ما جعل المجلس البلدي- حسب مسؤوله- يقترح إنجاز ملعب بمواصفات عصرية، لفائدة أبناء المنطقة.

مناطق الظل متكفل بها وغياب العقار مشكل عالق

أكد "مير" بئر توتة، أن البلدية تضم 8 مناطق ظل، تتمثل في أحواش الرتيل، وبيريكي 1 و2، وأحواش الحاج، والقازوز، وسي لخضر، وأمتنان، والصابون، مشيرا إلى أن هذا الأخير تم إحصاء سكانه سنة 2014، وينتظر أن تشمله عمليات الترحيل من قبل ولاية الجزائر. وأضاف المصدر، أن البلدية قامت في إطار التكفل بهذه المناطق المعزولة والنائية، بتوصيل الشبكات الضرورية، كالكهرباء والماء والتهيئة، في انتظار الفصل في قانون هذه المجمعات السكنية التي تشغل مساحات معتبرة من الأراضي الفلاحية، غير القابلة للتعمير، حسبما تفرضه قوانين المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير، الذي لم يحين بعد.

ذكر رئيس الجماعة المحلية المذكورة، أن البلديات ذات الطابع الفلاحي مثل بئر توتة، وغيرها من بلديات العاصمة، تجد صعوبة كبيرة في تجسيد مشاريعها المحلية، لصعوبة إدماج الأراضي الفلاحية في المحيط العمراني، حيث يأمل المجلس البلدي، في حل هذا المشكل المطروح بحدة، الذي حرم العديد من البلديات من الاستفادة من مشاريع تنموية، خاصة ما تعلق بالمرافق العمومية الضرورية.

خدمات الصحية لا ترقى إلى المطلوب

لم ترقَ الخدمات الصحية ببلدية بئر توتة، إلى المستوى المطلوب، فهي لا تلبي احتياجات السكان الذين يزايد عددهم بشكل محسوس، فرغم تدشين عيادتين بكل من حي "عدل" وسيدي أمحمد، إلا أن التأطير غائب، حيث لا تقدم هاتان المصحتان اللتان أنفقت عليهما الدولة أموالا طائلة، الخدمات المنوطة بها، لذلك يدعو رئيس البلدية، مديرية الصحة لولاية الجزائر، إلى توفير الطاقم الطبي اللازم لتخفيف الضغط المسجل على المصحة القديمة، وإزالة متاعب المواطنين في نقل مرضاهم إلى عيادات البلديات المجاورة أو تحويلهم إلى المستشفيات. وفي هذا السياق، أكد محدثنا، أن المجلس البلدي راسل المقاطعة الإدارية لبئر توتة، لإيجاد حل لهذا النقص المسجل في التغطية الصحية، وتخفيف متاعب المواطنين.

قلة البرامج السكنية الممنوحة مقابل 60 ألف ملف

أكد المسؤول الأول على تسيير شؤون بلدية بئر توتة، بخصوص قطاع السكن، أن حصص البلدية من السكن الاجتماعي قليلة، ولا تستجيب للعدد الهائل من الطلبات المودعة على مستوى المقاطعة الإدارية، إذ تحصلت في 2019 على 140 مسكن، وهو لا يتناسب مع حجم الملفات التي وصل عددها إلى 6 آلاف طلب، داعيا مصالح الولاية، إلى منح البلدية حصة أخرى لتخفيف معاناة العائلات التي تواجه مشكل الضيق، كما أفاد المتحدث، بأن البلدية استفادت من حصة بصيغة السكن العمومي المدعم تضم 210 مسكن، سيتم إنجازها بمنطقة الكحلة بالقرب من مشروع مساكن "عدل"