زياني محند، عضو مؤسس للمدرسة المهنية للتكوين في حرفة الحلي الفضية التقليدية بفريحة

تكوين متربصين لضمان الخلافة والتعريف بها بواسطة التصدير

تكوين متربصين لضمان الخلافة والتعريف بها بواسطة التصدير
  • 13428

تعود فكرة إنشاء مدرسة مهنية لتكوين المتربصين في مجال صناعة الحلي الفضية، إلى عائلة بوشراب من افليسن (تيقزيرت)، حيث كانت هذه العائلة تمتهن الحدادة قبل أن تنقل صناعة الحلي الفضية، فالبداية كانت من محل بالمنزل العائلي، حيث يمارس أفراد العائلة هذه الحرفة ليقرروا بعدها تطوير هذا المجال، خاصة بعد المشاركة في مختلف الصالونات التي سمحت بعرض مختلف المنتجات التقليدية بعدة ولايات الوطن.

وخلال هذه التنقلات والمعارض، وأمام التساؤلات الكثيرة حول تاريخ الحرفة، معنى الأشكال والألوان والدلالة وغيرها، وجد الحرفيون أنفسهم في حالة انسداد معرفي حول هذا الإرث، فرغم نجاح الجانب التطبيقي بقي النظري ناقصا، خاصة ما تعلق بالجانب التاريخي، أصل الحلي وغيرها، وفي خضم هذه التساؤلات الكثيرة، عجز الحرفي عن إيجاد أجوبة لها، لتأتي فكرة إنشاء مدرسة تكوين للحلي الفضية التقليدية التي فتحت أبوابها لأكثر من سنتين، حتى تصبح ليس فقط حرفة يدوية وإنما يدرسها التلاميذ والمتربصون بالمدارس التكوينية، مثل ما هو سار بالدول المتقدمة.

يقول الحرفي زياني محند الذي التقت به "المساء" بمحل للحلي الفضية بمدينة فريحة، بأن حرفة صناعة الحلي الفضية ورثتها العائلة منذ زمن بعيد، لتنتقل من جيل لجيل إلى أن أصبحت حرفة الجميع ومن أجل ضمان الحفاظ عليها، قرروا إنشاء مدرسة تكوين تتولى نقل الخبرة وتجربة سنوات لمن يريد تعلم الحرفة في إطار الاستفادة من تربص الذي يمر بمراحل، موضحا أن الحرفي عندما تكون له دراية ومعرفة بتاريخ الحرفة يساعد الزبون على اختياراته، خاصة عندما يعرف غرض كل شكل ونموذج من المجوهرات.

وأضاف أن التركيز على الجانب المعرفي، الجمالي، الإتقان والنوعية نقاط هامة وأساسية للرقي بهذه الصناعة التي لا يجب حصرها في جني المال بصناعاتها، بقدر ما يجب أن يهتم بالجانب الجمالي والمعرفي حتى يكون عمله مكتملا بشكل يحفز الجميع من أجل العمل في نفس السياق لترقية الصناعة، قائلا "إنها ليست فقط حرفة لكسب الرزق وإنما إرث قديم حافظ عليه الأجداد حتى وصل إلينا اليوم، وعلينا كحرفيين اليوم مواصلة الجهود لتطويرها ونقلها لأجيال صاعدة،  لكن مع دعمها بالمعرفة وتعليم تاريخها".

وأكد المتحدث أن الهدف من تكوين المدرسة هو تعليم الحرفيات كيفية ممارسة هذه الحرفة، وتمكينهن من الحصول على شهادة لاستغلالها للعمل على حسابهن الخاص، وعن ورشات صناعة الحلي، كما تمكن هذه الشهادة الحرفيين عند مشاركتهم في تظاهرات للصناعات التقليدية وعلى رأسها الحلي الفضية، سواء داخل أو خارج الوطن،  بالتسلح بالمعرفة الكاملة حول تاريخ هذه الحرفة التي تعزز مكانة الحرفة وتطورها.

وذكر أنه كان مقررا إنشاء المدرسة في عام 2011 ونظرا للصعوبات الإدارية، تم تأجيل عملية فتحها إلى غاية 10 ديسمبر 2013، حيث تزاول حاليا نحو 20 متربصة تكوينا بها، مشيرا إلى أنه في بداية التكوين تم التركيز على شريحة النساء، في انتظار توسيعها في المستقبل لتمس الشباب الذين تزيد أعمارهم عن 17 سنة، طالما أن الهدف هو ترقية وتطوير الحرف ومنعها من الزوال.

تضمن هذه المدرسة تكوينا تتراوح مدته بين 6 أشهر إلى غاية 18 شهرا، وهذا يختلف حسبما يريد المتربص تعلمه، حيث تكون البداية مع تعلم الأساسيات في مجال صناعة الحلي، ومنه الانتقال إلى مراحل أخرى تصاحب تشكيل الحلي من وضع الشكل بالرسم، التقسيم، التلحيم، التزين وغيرها، إلى أن تصبح الحلي جاهزة للبيع، حيث أن هذه الحرفة اليدوية بحاجة للجانب التطبيقي أكثر من الجانب النظري، كما يشرف أساتذة التاريخ، الرياضيات والرسم في تلقين المتربص أساسيات العمل لتفادي وقوع الحوادث، كما يشرف المصنعون من خلال تعلمهم طرق استعمال المواد خاصة منها الكيميائية والوقاية منها.

وقال المتحدث بأنه تم ومنذ أن فتحت المدرسة أبوابها إلى غاية اليوم، بتكوين 15 متربصا، معتبرا العدد قليلا بسبب المدة التي يقضيها المتربصون في التكوين، مشيرا إلى أن سياسة العمل مبنية على الخلافة، وذلك بتكوين حرفيين يساهمون بدورهم في تكوين آخرين في المستقبل لضمان استمرار الحرفة، حيث أن المستفيدون من التكوين لهم حرية الاختيار بعد إنهاء التربص، إما بمواصلة عملهم كمهنيين بورشات تابعة للمدرسة ويكون تربصهم مجانيا، أو المغادرة بعد الحصول على شهادة لفتح محل أو ورشة خاصة به، وهنا يدفع المتربص تكلفة تكوينه التي تتباين من مستوى لآخر، موضحا أنه في كلتا الحالتين يخضع المتربص بعد نهاية التكوين لامتحان نظري يجرى على مستوى مديرية التربية للولاية، أما التطبيقي فيكون على مستوى الورشة تحت مراقبة ممثلي قطاع التربية، لتمنح لهم المدرسة شهادات نهاية مرحلة التربص.

ونوه المتحدث بأهداف المدرسة وسعيها لتوسيع نطاق التكوين حتى يمس فئة المعاقين، حيث تجري التحضيرات مع جمعية ذوي الاحتياجات الخاصة من ولاية تيزي وزو، بغية الوصول إلى اتفاق يسمح لفئة المعاقين الذين يمكنهم استغلال أيديهم للاستفادة من التكوين في هذه الحرفة اليدوية خاصة، موضحا أن هذه المبادرة التي تسمح للمعاق بالحصول على شهادة، تعتبر خطوة لمساعدتهم على الإدماج الاجتماعي، مؤكدا أن المدرسة أنشئت لتحقيق هدف أساسي يتمثل في ترقية الحلي الفضية من خلال التعريف بها عبر العالم،  بواسطة التصدير، لضمان حمايتها من الزوال لأنها إرث ثقافي عريق.