سكان العاصمة يتنفسون الصعداء
توسيع شبكة النقل لتحسين الخدمة وربط الأحياء الجديدة

- 1434

كشف مدير النقل لولاية الجزائر، السيد مراد بوقريعة، في تصريح لـ "المساء"، عن انطلاق مصالحه في تجسيد مخططات نقل واسعة النطاق، لفك العزلة عن بعض المناطق، وتوفير النقل بالمجمعات السكنية الجديدة. ويتم في هذا الإطار - حسبه - العمل بالتنسيق مع الجماعات المحلية، وفق الاحتياجات المطروحة والمقترحة من قبل هذه المصالح، مشيرا إلى أن عدد الرخص الممنوحة لاستغلال خطوط النقل في الأحياء الجديدة، بلغ، منذ أفريل الماضي، 114 رخصة.
تراعي مختلف المشاريع السكنية المستحدثة حاليا، سواء في العاصمة أو في غيرها من ولايات الوطن، توفير مختلف المرافق العمومية، منها المؤسسات التعليمية، والمراكز الصحية، وتقريب مختلف المصالح الإدارية من المواطن، إلا أن مشكل النقل ظل لسنوات، هاجس السكان، والانشغال الرئيس المطروح بشدة، سيما من الذين لا تتوفر لديهم وسائل نقل نفعية خاصة، تسمح لهم بالتنقل بأريحية من مقرات سكناهم إلى أماكن العمل. ويؤكد العديد من المواطنين في تصريحات لـ "المساء" حول الموضوع، تسجيلهم نوعا من الارتياح مقارنة بالسنوات الأولى من ترحيلهم إلى سكنات جديدة بالمناطق المعزولة.
ضمان النقل في الأحياء الجديدة
يؤكد مدير النقل لولاية الجزائر، أن توفير النقل للمواطن يعد أولوية قصوى بالنسبة لسلطات البلاد. وفي هذا الإطار وبناء على قرار صدر عن وزارة النقل، انطُلق في تجسيد برامج عمل، تشمل ضمان النقل في المناطق المعزولة والأحياء الجديدة. كما شُرع في تهيئة خطوط النقل في العاصمة، وتحيينها، وإعادة تنظيمها وفق احتياجات كل منطقة. وحسب محدثنا، فإن منح التراخيص لاستغلال خطوط النقل، يكون بناء على مراسلات مصالح الجماعات المحلية، التي يقع على عاتقها تحديد الاحتياجات، وتقديم دراسة مسبقة تأخذ بعين الاعتبار الكثافة السكانية في كل منطقة، وجدوى الخطوط المقترحة بها.
وشاب عملية فك العزلة عن مناطق الظل عند انطلاقها، نوع من الخلل، اتضح بمجرد الانطلاق في عملية منح الخطوط. ولم تأت العملية في مرحلتها الأولى بنتيجة تذكر بسبب تداخل الخطوط، وغياب الجدوى الاقتصادية التي تضمن استمرار المستثمرين في النشاط. واكتُشف أن بعض المناطق غير آهلة بالسكان. ويتم، حاليا، إعادة دراسة الخطوط المقترحة من قبل رؤساء البلديات، وترتيب الاولويات، وتحديد مجموع الطلبات التي تخص الأحياء المعزولة ونقاط الظل، حتى يتوفر النقل للجميع وفق مقاييس مضبوطة.
الأحياء الجديدة... إقبال متباين للمستثمرين
يؤكد مدير النقل للعاصمة أن رفع التجميد عن تراخيص النقل، جاء بناء على قرار صدر عن الجهة الوصية، من أجل فتح خطوط تغطي الأحياء الجديدة بوسائل النقل الضرورية، حيث حددت في هذا الإطار، الاحتياجات والنقائص المعبر عنها من قبل المواطنين والجمعيات المحلية، فضلا عن الجماعات المحلية. ووُضع، بالتنسيق مع هذه الأخيرة، مخطط مدروس، جُردت فيه الخطوط المعنية بالتغطية، وعدد المركبات المطلوبة للاستغلال.
ونُشرت، في أفريل الماضي، قوائم الخطوط المقترحة للاستغلال على الصفحة الرسمية للمديرية على "فايسبوك"، وعلى مستوى مقرها الإداري. وانطلقت عملية منح التراخيص لاستغلال خطوط النقل بالولاية، في ماي الماضي. وحددت المديرية، حسب مسؤولها الأول، خطوط النقل من نقطة الانطلاق إلى نقطة الوصول والوجهات، فضلا عن محطات التوقف. وعرفت العملية نوعا من عدم احترام السائقين هذه الضوابط، واعتمادهم العشوائية في ممارسة نشاطهم، عكس ما هو محدد في التغطية المبرمجة، وهو ما استدعى اللجوء إلى توضيح الأمور، وتحسيسهم لضبط الأمور وتفادي الفوضى في استغلال الخطوط، واحترام ما تتضمنه التراخيص الممنوحة لهم. وبالمقابل، سُجل إقبال كبير على الخطوط التي يرى فيها المستثمرون مردودا جيدا، وهو ما أدى إلى تشبّع بعضها دون غيرها، بسبب عامل الكثافة السكانية، وحركة تنقّل المواطنين من وإلى بعض المناطق.
تراخيص لفك العزلة عن مناطق الظل
باشرت مديرية النقل لولاية الجزائر، بالتنسيق مع الجماعات المحلية، تجسيد البرنامج الخاص بفتح مجال منح تراخيص النقل لفك العزلة عن المواطنين، وتوفير النقل في المناطق المعزولة. وأكد مدير مكتب النقل الحضري بمديرية النقل لولاية الجزائر، مصطفى حجيج لـ "المساء"، أن أول عملية لمنح التراخيص انطلقت في سبتمبر 2020، تم خلالها دعوة المستثمرين في هذا المجال، إلى التقرب من المديرية، والاستفادة من التراخيص، لكن بدون جدوى، يقول المتحدث، حيث لوحظ عزوف المتعاملين عن طلب الخطوط المقترحة من قبل مصالح الجماعات المحلية، بسبب عدم توفرها على ضوابط مدروسة. والسبب يرجع إلى سعي هذه المصالح للبحث عن حلول استعجالية لمواطنيها بدون دراسة مسبقة. ووضع المخطط بشكل غير مدروس، أدى إلى عدم استجابة متعاملي النقل، وهو ما حال دون تطبيق المخطط.
ووفق تصريح السيد حجيج، استهدفت هذه المرحلة كل أحياء المدينة الجديدة سيدي عبد الله، وأحياء المقاطعة الإدارية بئر توتة، والمقاطعتين الإداريتين الشراقة ودرارية، وأحياء ببلدية أولاد فايت، وهي منطقة يعاني معظم سكانها من غياب وسائل النقل بها. كما دُعم عدد من الخطوط ببلدية براقي. واستُحدثت خطوط أخرى في مناطق معزولة بنفس البلدية، على غرار حي بليوب، وحي مرحبا وحي شرشرة. وستتم تغطية جميع الأحياء المعزولة في المقاطعات الإدارية الأخرى، بالتنسيق مع الجماعات المحلية، حسب ما تقتضيه الاحتياجات المضبوطة المعلن عنها.
17 أفريل... صدور أولى التراخيص
يؤكد السيد حجيج أن المرحلة الثانية ارتبطت بتوفير النقل في الأحياء الجديدة. وتم بتاريخ 7 أفريل من السنة الجارية، إعلام نقابات النقل والمستثمرين في المجال، بالانطلاق في منح التراخيص لاستغلال الخطوط. وأعيد، على هذا الأساس، ضبط قوائم الخطوط لتفادي التداخل في ما بينها، وتجنب الفوضى في الميدان، ومحاولة توفير أكبر عدد من وسائل النقل، وتقريبها من الأحياء لتحسين الخدمة العمومية للمواطن، وتوفير النقل في جميع المناطق بشكل متوازن.
وأول رخصة صدرت، حسب المتحدث، كانت بتاريخ 17 أفريل 2022. وشملت دعم خط منطقة أولاد فايت بـ3 رخص في المرحلة الأولى، و7 أخرى في المرحلة الثانية باتجاه الدويرة والشراقة. وفُتحت خطوط في المدينة الجديدة سيدي عبدالله، حسب طلبات السلطات المحلية للمدينة، منها خطوط ورخص تربط بين مدينة سيدي عبد الله وزرالدة. وانتقل عدد الحافلات المرخص لها بين شهري أفريل وجويلية، من 12 حافلة إلى 32 حافلة. كما رُبطت منطقة الرحمانية ومختلف أحيائها بزرالدة، بخدمات النقل.
وتبقى عملية إصدار الرخص متواصلة بالتنسيق مع الولاة المنتدبين، حيث يصل عدد الخطوط المبرمجة للاستغلال إلى حد الآن، إلى 108 خط. كما يمكن إعادة النظر في بعضها بطلب من البلديات في حال غياب الجدوى عنها، لوضع مخطط جديد. كما يتم في حال إجراء تحيين أي خط، إعلام المواطنين والمستثمرين بالأمر. ويقدر عدد الطلبات المودعة من قبل متعاملي القطاع، بـ 250 طلب، مُنح منها إلى حد الآن 144 رخصة، ورُفض 70 ملفا، 40 منها لعدم استيفاء الشروط اللازمة، و30 طلبا تم تكراره، وطلبات أخرى هي قيد الدراسة. وانطلاقا من الميدان، سجلت مصالح المديرية عدم انطلاق 10 ٪ من المستفيدين من التراخيص في العمل.
3050 حافلة تنشط بالعاصمة
يبلغ العدد الإجمالي للحافلات التي تنشط في مجال النقل في العاصمة، 3500 حافلة تغطي مختلف الاتجاهات بالولاية. ويشهد هذا المجال، حسب مدير النقل للولاية، عملية تحيين ودراسة الخطوط القديمة، التي تعرف تذبذبا في النشاط لعدة أسباب، منها من تخلى أصحابها عن النشاط، حيث يتم العمل على معالجة الأمور، وإعادة تفعيل الخطوط من خلال دراسة حالة بحالة، بهدف إجراء تعديلات في المخطط الخاص بها، لضمان تنقّل مريح للمواطنين.
ومن جانب آخر، يؤكد السيد حجيج أن التعليمة التي صدرت بتاريخ 28 سبتمبر 2014 الخاصة بتجميد رخص استغلال خطوط نقل الحافلات، كان الهدف منها، آنذاك، تطهير وتحيين قوائم الناقلين لاتخاذ القرارات المناسبة المرتبطة بإعادة فتح خطوط، أو رفع التجميد عنها، أو إبقائها، أو فتح خطوط جديدة. واستثنت التعليمة في تلك الفترة، حسبه، الأحياء الجديدة، ومنحت الاستثناء للمؤسسات العمومية. وفي حال عجز هذه المؤسسات عن توفير وسائل النقل، يتم اللجوء إلى الخواص الذين استفادوا في 2017 من رخص الاستغلال. وتم توفير النقل في بعض الأحياء الجديدة، حيث لايزال العمل متواصلا في هذا الإطار.