رغم ما تزخر به من امتيازات فلاحية

سكان مشاتي ثليجان بتبسة يطالبون ببرامج للتنمية

سكان مشاتي ثليجان بتبسة يطالبون ببرامج للتنمية
  • 86
نجية بلغيث نجية بلغيث

تعاني العائلات القاطنة ببلدية ثليجان في تبسة والمشاتي التابعة لها، نقائص عدّة حوّلت حياتهم إلى معاناة حقيقية أرهقتهم، ورغم أنّ هذه البلدية، تعتبر من أكبر بلديات الولاية من حيث المساحة، ناهيك عن الامتيازات الفلاحية التي تؤهّلها لأن تكون من أغنى البلديات، إلا ّأنها تعد ّمن أفقرها، وفي حاجة ماسة لمشاريع تنموية مختلفة.

إمكانيات فلاحية هامة تصطدم بالنقائص والصعوبات التي يشتكي منها سكان بلدية ثليجان، التي تعتبر منطقة فلاحية بامتياز، حيث تتوفّر على مقوّمات فلاحية كبرى، ومستثمرات إنتاجية ناجحة من شأنها أن تدفع بالاقتصاد الوطني نحو الأمام، حيث تتوفّر منطقة الدرمون الريفية التابعة لها، على أكثر من 30٪ من الثروة الحيوانية المقدّرة من رؤوس الماشية والأبقار والماعز بولاية تبسة، وتنتج أجود أنواع اللحوم الحمراء التي تجاوزت شهرتها الحدود مع المهربين، غير أنّ سكانها يعانون حياة صعبة بسبب النقائص والمشاكل التي تقف حاجزا أمامهم وتزيد من حدّتها، أهمّها العطش، العزلة وانعدام الغاز، النقل...وغيرها.

في جولة قامت بها "المساء" ببلدية ثليجان ومشاتيها، وجّه السكان نداءاتهم للسلطات المحلية، التي تصبّ في مجملها حول تخصيص مشاريع كبرى للبلدية ومناطقها الريفية، ترفع عنهم الغبن من أجل مواصلة نشاطاتهم الفلاحية والتمسّك بأراضيهم. ومن بين هذه المناطق الريفية مقسم لغواسي، الدرمون، الحميمة، الفراحنة، الزورة، الغنجاية، الفايجة المرة، قيبر، فزقية الرتم، وهي مشات متفرّقة ومنعزلة بسبب العديد من النقائص، انطلاقا من العزلة بسبب انعدام المسالك الريفية وهي الحال التي وقفت عليها "المساء" خلال جولتها بين أرياف البلدية، فهي مسالك مهترئة ومليئة بالحفر والمطبات، يصعب السير من خلالها، إن لم نقل يستحيل أن تسير فيها السيارات، إن كانت سيارات قديمة أو جرارات بسبب تواجد الأودية.

وما إن تطأ قدماك أيّ منطقة من مناطق الظل بثليجان، تقف على مشهد يبرز صور الحياة البدائية التي يعيشها السكان، الذين كشفوا عن الظروف المزرية التي يعيشونها، والتي رمت بهم نحو العزلة القاتلة بين مسالك ريفية جدّ وعرة يصعب السير من خلالها، ويرفضها أصحاب السيارات نظرا لما تخلّفه من أضرار بمركباتهم، زادها في ذلك، غياب الجسور التي تعبر الأودية.

تدهور الطرقات والمسالك زاد من حجم المعاناة 

أوضح السكان، أنّه بمجرد تساقط الأمطار، تتوقّف الحركة وتقطع الطريق نهائيا بسبب ارتفاع منسوب المياه في الأودية، ما يرفع من نسبة الأخطار، حيث لا تستطيع حتى الجرارات المرور عبرها، لتصبح بذلك هذه المناطق أكثر عزلة من قبل لفترات طويلة، ثم تتحوّل بعدها إلى مسالك يكون المرور من خلالها مستحيلا، وهو نفس حال سكان منطقة الزورة وفم السد، الذين ظلوا في عزلة تامة لأيام عديدة بسبب اهتراء الجسور الصغيرة، وفي مرات بقي التلاميذ المتمدرسون القاطنون بعدة مشات خارج بيوتهم لأوقات متأخرة من الليل إلى غاية تدخّل السلطات الأمنية وعناصر الحماية المدنية لإيصالهم إلى منازلهم، حيث يشكّل اهتراء المسالك الريفية، الشغل الشاغل لدى سكان كافة المشاتي بثليجان، الذين أكّدوا أنه كان سببا في صعوبة التنقّل وفي مختلف فصول السنة، ويعتبرون ذلك، السبب الرئيسي في معاناتهم الكبرى، حيث عطّلت قضاء مصالحهم اليومية، وأرّقت عملية تنقلاتهم خاصة أثناء توجّه أبنائهم للدراسة أو تنقّلهم للطبيب، أو دفن الموتى.

في صورة زادت من معاناة السكان، وتشكّل خطرا على حياتهم، غياب مياه الشرب ورحلة البحث عنه، حيث تسبّبت الطرقات المهترئة في غلاء أثمان الصهاريج، إن استطاعوا الحصول عليها والتي لا تكفيهم سوى لفترة جدّ قليلة، دون الحديث عن انعدام الغاز وقارورات غاز البوتان التي باتت تشكّل أعباء ومصاريف لا يقوى أغلبهم على تحمّلها، تضاف إليها أثمان سيارات الأجرة المرتفعة، خاصة وأنّ الغاز يعتبر أيضا، حسب تصريحات السكان، مطلبا هاما وأساسيا لحياتهم.

ضرورة برمجة مشاريع تنموية 

في هذا الشأن، يطالب سكان مختلف المشاتي، بضرورة برمجة مشاريع تنموية من شأنها رفع الغبن عنهم وتحسين ظروف معيشتهم، من خلال ربط سكناتهم بالغاز، نظرا لمعاناتهم الدائمة في اقتناء قارورات غاز البوتان التي تكلّفهم عناء التنقّل إلى محطات الوقود التي تبعد عن سكناتهم بمسافات كبيرة، وهي الحالة التي تفرض عليهم واقعا صعبا ومعاناة متواصلة، تزداد حدّتها في فصل الشتاء الذي تزداد فيه حاجة السكان لهذه المادة الطاقوية، ويكثر الطلب عليها نظرا لطبيعة مناخ هذه البلدية التي تعرف بشدّة البرد شتاء، معتبرين، أنّ مطالبهم بسيطة ولهم الحق في المطالبة بها باعتبار المسالك الريفية والطرقات، الماء والغاز والعلاج وسائل ضرورية لتحقيق العيش الكريم. وحسب معلومات موثوقة، فقد استفادت منطقة ريفية واحدة ببلدية ثليجان من غاز البروبان، فيما تبقى باقي المشاتي الأخرى تنتظر حقها من هذه المادة الحيوية، عكس العديد من البلديات التي استفادت جلّ مشاتيها تقريبا من الغاز.

السكان يشكون غياب الخدمات الصحية

من جهة أخرى، كشف سكان بلدية ثليجان بأنّ غياب الخدمات الصحية حتى البسيطة منها، شبه منعدمة بالعيادة متعدّدة الخدمات، التي توجد فيها نقطة مناوبة أيضا، غير أنّها تشهد انعدام الأطباء المختصين، ومصلحة متابعة الحوامل. وقد أكّد القاطنون، أنّ معاناتهم تتفاقم يوميا خاصة لدى المرضى والنساء الحوامل اللواتي يجبرن مع اقتراب موعد ولادتهن على التنقل إلى المؤسّسات الصحية ببلدية الشريعة للولادة أو لتلقي العلاج، وفي كثير من الأحيان، يتم تحويلهن إلى عاصمة الولاية لنفس الأسباب، وقد يفارق المريض الحياة بسبب هذه الوضعية وتأخّر التكفّل، لذلك فإنّ سكان ثليجان يطالبون بضرورة برمجة مشروع صحي مع توفير أطباء اختصاصين لرفع الغبن عنهم في عمليات التنقل نحو البلديات والمدن المجاورة، ويبقى مشكل عدم توفر البلدية لعيادة توليد، عائقا كبيرا يجعل الحوامل يضعن مواليدهن بمستشفى الشريعة على مسافة 17 كلم، حيث يتم تسجيل المواليد الجدد، لذلك لازلت بلدية ثليجان تسجّل نفس التعداد لمجموع عدد السكان الفعلي، الذي يتجاوز بكثير 15 ألف ساكن، في حين أن التسجيل الرسمي غير ذلك، لذلك أصبح من الضروري، التفكير في فتح مصلحة توليد بالمركز الصحي الكائن بمركز البلدية، لتقريب الخدمة من المواطنين من جهة، وتسجيل المواليد الجدد في السجلات الرسمية للبلدية من جهة أخرى.

في نفس السياق، يناشد سكان المشاتي القريبة من منطقة فزقية الرتم، ضرورة إعادة الاعتبار لقاعة العلاج المتواجدة بالمنطقة وفتحها لأجل تقديم الخدمات الطبية البسيطة، التي يضطر  المرضى في كثير من الأحيان لقطع مسافات كبيرة والتنقّل إلى البلدية لتلقيها، كما يطالب السكان، بتحسين الخدمات البريدية لضمان التكفّل الأمثل بالمواطنين، موضّحين أنّ الخدمات الحالية غير كافية.

رئيس البلدية يردّ 

من جهته، أكّد رئيس بلدية ثليجان إبراهيم جباري، في ردّه على انشغالات السكان، بأنّ هذه المطالب مشروعة، مضيفا بأنّ مصالحه تسعى دائما لتوفير احتياجات السكان، حسبما هو متوفّر من إمكانيات، مشيرا إلى أنّ بلدية ثليجان، لم تستفد من مشاريع الربط بالغاز كغيرها من البلديات التي قاربت فيها نسبة الربط 100 بالمائة، مؤكّدا أنّه رغم استكمال الدراسة الخاصة بالغاز وإرسالها لمديرية الطاقة، إلاّ أنّها لم تحرّك ساكنا، موجّها بذلك نداء للسلطات المحلية بضرورة أخذ هذا الانشغال بعين الاعتبار. 

أما فيما يخصّ المسالك والطرقات، فقد أوضح نفس المسؤول، وقوفه فعليا على معاناة السكان في اهتراء الطرق المؤدية إلى مشاتيهم، وأنه طرح انشغالاتهم على السلطات المحلية من أجل التكفّل بها، في ظلّ انتظار الأغلفة المالية للتكفّل بالطريق الرابط بين بلدية ثليجان ومنطقة قيبر، مرورا بـالحميمة، مضيفا أنّ انشغال إعادة الاعتبار لقاعة العلاج بمنطقة فزقية الرتم، تحتاج إلى التهيئة بغلاف مالي كبير، والبلدية لا تستطيع التكفّل بها، وسيتم طرح هذا الانشغال على الجهات المعنية.