مصدر جذب وعنوان لهوية مدينة عريقة

شرفات الباهية.. السياحة من علٍ

شرفات الباهية.. السياحة من علٍ
  • القراءات: 332
رضوان. ق رضوان. ق

لطالما كانت مدينة وهران، ولسنوات، قبلة الباحثين عن الراحة والسياحة، في المدينة المتوسطية التي تحولت إلى محج للسياح من داخل وخارج الوطن، الذين يقبلون على معالم الولاية المختلفة والمتنوعة تنوع الحضارات التي تعاقبت عليها منذ نشأتها، وساهم هذا التنوع في جعل وهران الوجهة المفضلة لكل باحث عن التاريخ والذاكرة والسياحة، عبر مواقع عديدة تنتشر عبر ربوع الولاية، فيما اكتسبت مدينة الباهية سمعتها أيضا من مجموعة الشرفات المطلة على زرقة البحر بهوائه العليل، ومواقعها السياحية المنتصبة في شموخ على مرتفعاتها، مانحة لزائرها نظرة بانورامية، تصور تقاسيم المدينة الجميلة من علٍ.

تتميز مدينة وهران بمواقع سياحية خلابة، ومعالم تاريخية وسياحية تحتاج للزيارة والاستكشاف، كما تضم معالما أخرى، تجعل منها قبلة تستهوي كل زائر لها، وتعطي صورة تعريفية بالمدينة من الأعالي، وهي "الشرفات"، أو كما يسميها سكان الباهية بـ"البالكونات"، المأخوذة من الكلمة الأصلية باللغة الفرنسية، والتي أكسبتها طابعا خاصا، كونها تقع في معالم سياحية وتاريخية، تسمح لزائرها بالتعرف على المدينة على بعد عدة كيلومترات ومن أعلى، ما يسمح للسياح باختيار المواقع وزيارتها لاحقا بهدف استكشافها، ولعل أهم شرفة صنعت الفارق السياحي في وهران؛ شرفات أعالي جبل المرجاجو أو "الأفق الجميل"، الذي يتوفر بدوره على مجموعة معالم سياحية، حيث يمكن لزائرها التعرف على المدينة من واجهتين؛ واجهة شمالية، تضم المناطق الساحلية بكل ما تزخر به من ساحل جميل ونظرة مباشرة على ميناء مرسى الكبير التاريخي، وسلسلة جبال "المرجاجو" بغطائها الغابي المتميز، إلى جانب الحصن القديم للواجهة البحرية، ونظرة شاملة على منطقة الكورنيش الوهراني، التي تعد أهم قبلة للسياح.

المرجاجو أو "الأفق الجميل" منظر بانورامي ساحر

تقابلها أيضا شرفة الجهة الجنوبية الواقعة فوق سفح جبلي، وبجوارها صرح ومقام "مولاي عبد القادر"، الذي يعد موقعا سياحيا بامتياز، من خلال إطلالته على مدينة وهران بعمرانها ومبانيها وشوارعها، وبجوارها مسجد "رباط الطلبة"، الذي يحكي انخراط شباب طلبة القرآن في الثورة ضد المستعمر الفرنسي، إبان سنوات الاحتلال الأولى، وتسمح هذه الشرفة بأخذ صورة كاملة عن مدينة وهران مترامية العمران، بالتالي التعرف على النمط العمراني للمدينة، أو ما يعرف بالمربعات السكنية، التي تتخللها مساحات خضراء، ومواقع سياحية رائعة يتعرف عليها السائح من علو يتجاوز 800 متر.

كما تمكّن الشرفة الشرقية، من التعرف على موقع ميناء وهران، أسفل منطقة واجهة البحر بنمطها العمراني المتميز، كما تعد الشرفة قبلة سكان المدينة ليلا، وتوفر مشهدا خياليا، يمتزج فيه صخب المدينة ليلا بهدوء منطقة المرجاجو، وجرت العادة أن يقصد الأزواج الجدد الشرفة لأخذ الصور والتبرك بمقام "مولاي عبد القادر"، كما توفر الشرفة نظرة أخرى على حصن "سانتا كروز" التاريخي، الذي يبقى أشهر معلم في المدينة، فالتعرف على الحصن من أعلى يختلف عن زيارته، والشرفة توفر نظرة شاملة على الحصن، وطريقة بنائه وهندسته الدقيقة فوق صخور كبيرة، ما يجعل السائح يشاهد قوة الإبداع الهندسي للحصن، الذي تجاوره كنيسة "مريم"، أو (لالة مريانا)، كما يسميها سكان وهران، والتي تبقى تحاكي أساطير من مروا بالمدينة، وكيف نجوا من بطش الطاعون الفتاك.

واجهة البحر .. شرفة الساحل والهواء العليل

كما تُعرف مدينة وهران بمنطقة واجهة البحر الواقعة بقلب المدينة، والتي توفر هي الأخرى جذبا سياحيا كبيرا، فلا يمكن للسياح زيارة المدينة دون المرور بشرفة الواجهة، التي تقدم للزوار نظرة أخرى على مدينة وهران، من خلال مشهد شامل للساحل الشرقي، الممتد على مد البصر، يتداخل فيه منظر موقع "سيدي أحمد" الذي يضم ضريح الولي الصالح، ومجموعة مساحات خضراء وفضاءات للراحة والاستجمام تستقطب الزوار، كما توفر الشرفة نظرة شاملة على ميناء وهران، الذي يعد هو الآخر قبلة لمشاهدته من على شرفة واجهة البحر.

شرفات حديقة "ابن باديس" .. نظرة على التاريخ القديم

بالمقابل، تبقى شرفات حديقة "ابن باديس" المصنفة كمحمية وطنية، إحدى أهم المعالم التي لا يعرفها الكثير من السياح وزوار المدينة، وتبقى مفاجأة وفضاء من الضروري زيارته، لما توفره من مناظر ومعالم تؤرخ للمدينة القديم، بتواجد الشرفة فوق معالم مدينة "سيدي الهواري"، ووسط فضاء أخضر متميز، وبين أشجار نادرة غير موجودة عبر ربوع الوطن، وحتى في الدول المجاورة، ما يجعل الشرفة تجمع بين المتعة السياحية والموقع الفريد، وتمكّن من مشاهدة المعالم القديمة بـ"سيدي الهواري"، حيث تضم "قصر الباي" المجاور للحديقة، ومسجد "الباشا" ومقام "سيدي الهواري" وكنيسة "سان لويس" ومسجد "محمد بن عثمان" الكبير، ومجموع المباني القديمة للمنطقة.كما يمكن مشاهدة أعالي "المرجاجو"، لكن هذه المرة، من أسفل الجبل المطل على البحر، ليجمع بذلك السائح نظرة شاملة على المنطقة، بعد أن شاهدها من أعلى، كما تجمع الحديقة عدة شرفات صغيرة بمناطق متفرقة، تمكن من مشاهدة المدينة من الجهات الأربع، ليحصل بذلك الزائر على نظرة متكاملة عن المدينة ومعالمها.

شرفات جديدة بمناظر نادرة

ضمن مشروع تهيئة وعصرنة طريق الكورنيش العلوي، الذي بادرت به ولاية وهران بتخصيص أغلفة مالية هامة، تم إنجاز شرفات جديدة موزعة على طول طريق الكورنيش العلوي، في نظرة استشرافية، لدعم المواقع السياحية بالولاية، وهو ما تم بالفعل، حيث تحولت الشرفات إلى مواقع سياحية بامتياز، تستقطب الزوار من كل ربوع الوطن، وهي شرفات يحق زيارتها والتعرف على ما تمنحه من مناظر خلابة، ومواقع سياحية غير موجودة حتى في بعض الدول المعروفة بمواقعها السياحية، وهو الاستثمار الذي يشجع على السياحة بالمنطقة.

توفر هذه الشرفات، التي دُعمت بمواقف للسيارات وأماكن للراحة، نظرة أخرى عن الساحل الوهراني، حيث أصبح بالإمكان التعرف على الساحل الوهراني بجماله المترامي، لأول مرة، ويمكن مشاهدة عدة مواقع سياحية على امتداد الطريق المتعرج، حيث توفر كل شرفة نظرة ومشاهد غير موجودة في الشرفة التي قبلها، وسط فضاء غابي متميز، وهواء عليل، ومن فوق منطقة يتجاوز ارتفاعها 600 متر، إذ تنتشر الشرفات عبر الطريق السفلي للكورنيش والطريق العلوي، في مزيج نادر يستهوي كل زائر لمدينة سيدي الهواري.