"المساء" ترصد أحوال مدينة الحمّامات زلفانة (غرداية)

مرافق خدماتية غائبة.. بطالة قاتلة ومشاريع مؤجلة

مرافق خدماتية غائبة.. بطالة قاتلة ومشاريع مؤجلة
  • 2008
 حنان سالمي حنان سالمي

❊ طرق مهترئة وإنارة عمومية منعدمة والنقل العمومي أتعب السكان

بلدية بدون استثمارات والترفيهُ لا أثر له 

تجميد تقسيم المحيطات الفلاحية زاد من حدة البطالة

تُعرف بلدية زلفانة بولاية غرداية بمدينة الحمّامات المعدنية؛ لاحتوائها العديد من الحمّامات الفردية والجماعية... حيث تشهد في هذه الفترة من السنة، توافدا ملحوظا من المواطنين والزوار من مختلف الولايات، الباحثين عن الراحة والاسترخاء تحت مياه معدنية تصل حرارتها إلى 41 درجة مئوية. وتقع مدينة زلفانة على بعد حوالي 60 كلم جنوب شرق عاصمة الولاية غرداية، حيث تسجل نقائص تنموية، حسب شهادة بعض أبناء المنطقة لـ "المساء"، الذين طالبوا السلطات بالنظر إلى هذه المدينة الفلاحية والسياحية بامتياز، بعين الاعتبار.

تحدثت "المساء" بالقرب من المؤسسة العمومية لتسيير الحمامات المعدنية، إلى مواطنين، اتخذوا إحدى الزوايا مكانا للتسامر وارتشاف أكواب الشاي، حيث تحدّث إلينا كل من سمير بن علي، ولحسن بوطبة، وعبد الرزاق نمشي، عن أحوال مدينتهم "زلفانة"، والذين أجمعوا في كلمة واحدة، على أنها "منطقة ضائعة!"، وأن كل مسؤول يعد بتجسيد العديد من المشاريع، لتحسين الإطار المعيشي لسكانها... "لكن بدون جدوى!".

مدينة الحمّامات المعدنية تعاني الإهمال

أوضح بعض الشباب القاطنين بمنطقة زلفانة، أن هذه المدينة مشهورة بالحمامات المعدنية؛ ما أكسبها سمعة وطنية كبيرة، "إلا أن شهرتها هذه، لم تنعكس على وجهها"، يقول سمير، الذي أكد أنه أراد الاستثمار في مشروع سياحي، ولكنه اصطدم بعراقيل بيروقراطية كبيرة، جعلته يتراجع. وأضاف الشاب أن زلفانة تحصي 6 حمّامات معدنية فردية وجماعية، وذكر منها: حمّام الشط الجميل، وحمام البرج، وأيضا حمام الريم. وهناك كذلك حمام الشلغي، وحمام البركة التابعان للمؤسسة العمومية للحمامات المعدنية. كما أشار إلى مشروع لإنجاز حمّام آخر، سجل تقدما ملحوظا في الأشغال. وفي معرض التعريف بهذه البلدية، أشار سمير إلى كون زلفانة منطقة حموية تقع فوق ينابيع مياه ساخنة تخرج من باطن الأرض، ولها فوائد كثيرة للشفاء من عدة أمراض، لا سيما الجلدية، وأمراض المفاصل والروماتيزم بالنظر إلى المعادن المتوفرة فيها.

وتحدّث عبد الرزاق عن النقائص التنموية الكبيرة، لا سيما من ناحية الخدمات التي لا تترافق مع شهرة المنطقة الحموية، ومن ذلك انعدام النقل، والمساحات الخضراء، والمخيمات الصيفية، إضافة إلى اهتراء كبير في الطرقات والأرصفة، وتراجع النظافة، وكثرة الكلاب الضالة، التي أصبحت، مؤخرا، ظاهرة في حد ذاتها، تتطلب تدخلا مستعجلا قبل وقوع الكارثة، يقول المتحدث.

ومن جهته، تحدّث لحسن بالكثير من الأسى، عن مدينته زلفانة، التي قال عنها إنها "جوهرة ضائعة!" بالنظر إلى المقومات السياحية الكبيرة التي تزخر بها بدون أن تجد في مقابل ذلك، اهتماما كبيرا. ويتحدث الشاب في السياق، عن انتشار كبير للبطالة وسط الشباب بالنظر إلى غياب الاستثمار، وانعدام مصانع توفر الشغل وتمتص البطالة. وأشار لحسن، في المقابل، إلى عمل موسمي يدوم ما بين سبتمبر ونوفمبر، ويتمثل في جمع التمور، مؤكدا أن هذه هي الفترة الزمنية الوحيدة في السنة، التي يتوفر فيها شغل لكسب بعض الأموال. كما لفت في السياق، إلى غياب دُور الشباب، وملاعب جوارية تكون بمثابة متنفس لشباب المنطقة، والنأي بهم عن مشاكل الآفات الاجتماعية؛ فبالرغم من وجود دار شباب وملعب جواري واحد، إلا أن ذلك لا يكفي لتغطية احتياج كل الشباب"، مضيفا أن شباب المنطقة يتطلعون لمشاريع أخرى، على غرار مسابح، وملاعب جوارية، ومساحات خضراء".

زلفانة.. منطقة فلاحية بحاجة إلى اهتمام خاص

في نفس الموضوع، تحدثت "المساء" إلى الأمين العام بالنيابة لبلدية زلفانة إبراهيم شناني، الذي أشار من جهته، إلى أهم النقائص التنموية بالبلدية، مؤكدا أن زلفانة بلدية تحصي حوالي 16 ألف نسمة، وهي تقع في الجنوب الشرقي من عاصمة الولاية غرداية، وتبعد عنها بحوالي 60 كلم. كما تُعرف المنطقة بكونها مدينة حموية بامتياز بالنظر إلى وجود عدة حمّامات، كما ذكرنا آنفا، في حين ضم صوته لشباب المنطقة، ليؤكد تسجيل العديد من النقائص التنموية، التي تؤثر على سمعة هذه المدينة السياحية، وعلى رأسها ـ يذكر محدثنا ـ غياب النقل الحضري سواء العمومي أو الخاص؛ إذ يكاد ينعدم، مرجعا أسباب ذلك لغياب خواص للاستثمار في خطوط النقل المفتوحة.

وتم في السياق مؤخرا، فتح 5 خطوط تربط بين أحياء المدينة، وهي حي المصالحة، وحي زلفانة الوادي، وحي القويفلة، وحي حاسي نور، إضافة إلى أحياء أخرى وسط المدينة.. وهي كلها خطوط ـ يضيف ـ تسجل عجزا كبيرا في النقل، بما يؤثر على تنقّل المواطنين، ويفتح المجال واسعا لسيارات "الفرود"وأوضح المسؤول في هذا الصدد، أن حل هذا الإشكال يكمن في ضرورة تقدم الناقلين الخواص للعمل على هذه الخطوط، وسد العجز، واستغلال الخطوط في أقرب الآجال، يضيف السيد شناني، الذي لفت، أيضا، إلى غياب المؤسسة العمومية للنقل الحضري عن الاستثمار في خطوط النقل الحضري ببلدية زلفانة، معتبرا هذا الأمر عقوبة أخرى، تزيد من متاعب المواطنين في النقل والتنقل. وقال المسؤول: "سبق لمصالح البلدية أن راسلوا نفس المؤسسة عدة مرات، راجين منها التقدم لشغل خطوط النقل على مستوى البلدية، في طلب مزدوج ما بين البلدية والسكان، إلا أنه لم يتم تلقي أي رد إلى حد الآن".

ومن جهة أخرى، أشار السيد شناني إبراهيم، إلى نقائص تنموية أخرى تسجلها بلدية زلفانة، التي قال إنها "فلاحية بامتيازقبل أن تكون سياحية، متحدثا في هذا الصدد، عن غرس زلفانة الشهير، الذي يضيف سمعة طيبة أخرى للمنطقة. والغرس عبارة عن عجين التمر؛ حيث يتم جني هذه الثمرة لتحضير الغرس خلال شهر أكتوبر، وهو ذو جودة عالية. ورغم ذلك تفتقر زلفانة لسوق أسبوعي أو حتى يومي، لتسويق هذا المنتوج تحديدا بالنظر إلى الطلب الكبير عليه من كل ولايات الوطن. وأضاف أن زلفانة تحصي أسواقا متفرقة هنا وهناك، وبصفة غير منظمة، معيبا على المجالس البلدية المنتخبة المتعاقبة، عدم قدرتها على تنظيم هذا الأمر، إضافة إلى عجزها عن جلب الاستثمارات الخاصة لإحداث ديناميكية تنموية، وتوفير مناصب شغل. ويحدث هذا ـ يواصل ـ بالرغم من أن زلفانة تحصي بعض الأوعية العقارية التي يمكن أن تحتضن مثل هذه المشاريع، وبالتالي تحسين الواقع المعيشي للسكان، وعلى رأسهم الشباب البطالون.

وفي سياق متصل، تحدّث السيد شناني عن إشكالية المحيطات الفلاحية التي بقي أمر تقسيمها مجمدا منذ 2006، مما أثر ـ حسبه ـ على الشباب؛ على اعتبار أن هذه المحيطات كانت توجَّه، بالدرجة الأولى، للشباب، للاستثمار في قطاع الفلاحة، داعيا الجهات المعنية إلى النظر بعين الاعتبار، لإعادة بعث هذه المحيطات، التي تبقى آمال الشباب معلقة بها، خاصة أن المنطقة فلاحية، وأراضيها تنتج خيرات كثيرة.