الجامع القطب عبد الحميد ابن باديس بوهران
منارة دينية.. مركز علمي وتعليمي وصرح للوسطية والتآزر
- 2088
الشيخ زبار: جامع ابن باديس صرح من الصروح الدينية في الجزائر ويمثل وجه وهران العامرة بعلمائها وشيوخها
صرح إسلامي بامتياز وقطب ديني وعلمي وثقافي، الجامع القطب عبد الحميد ابن باديس بوهران، والذي استطاع أن يشكل علامة فارقة جمعت بين الدور الديني والاجتماعي والعلمي، ما مكنه أن يكون صورة للوسطية الدينية ومنبرا علميا جمع علماء الأمة، وحلقة تجسد معاني التكافل والوحدة بين أفراد المجتمع الجزائري.
شكل الجامع القطب عبد الحميد ابن باديس بولاية وهران ـ ومنذ تدشينه ـ منارة علمية ودينية استقطبت عددا كبيرا من العلماء من مختلف ربوع الأمة الإسلامية، وهو الذي ظل حلما بولاية وهران لأكثر من عقدين، حيث ساهم في التعريف بالهوية الجزائرية الإسلامية، وقد دشن الجامع القطب عبد الحميد ابن باريس بوهران سنة 2015 بعد أكثر من 30 سنة من الاعلان عن بناء مسجد بحجم ولاية وهران، وأقيمت أول صلاة جمعة به يوم 17 أفريل 2015 ويتميز الصرح الديني بطابع معماري فريد جمع في هندسته العمران الأندلسي والعمران المغاربي بزخرفة متميزة.
وخصص لإنجاز الجامع القطب مساحة شاسعة قدرت بـ 639 ألف متر مربع وروعي في إنجازه إدخال عدة لمسات هندسية ليكون جامعا متميزا، حيث شيّدت منارته التحفة بهندسة معمارية أندلسية ممزوجة بلمسة عصرية لتكون ثاني أطول منارة في جوامع الجزائر بطول 104 مترا بعد منارة المسجد الأعظم بالعاصمة، وبقدرة استيعاب تصل إلى 25 ألف مصلي، ويضم الجامع القطب 8 أبواب كبيرة شيدت لدخول وخروج جموع المصلين، كما يضم مدرسة قرآنية ومركزا للفنون الإسلامية وقاعة محاضرات تتسع لـ600 مقعد ليجمع بذلك بين الشق الديني والعلمي والثقافي والاجتماعي.
أوضح، في هذا الشأن، الشيخ الدكتور زبار بوعبد الله إمام الجامع القطب عبد الحميد ابن باديس في تصريح لـ"المساء" بأن الجامع يعتبر من الصروح الدينية في الجزائر، كما يمثل وجه وهران العامرة بعلمائها وشيوخها، حيث يلقى المسجد القطب عبد الحميد ابن باديس رعاية خاصة من والي وهران الذي يسهر على توفير كل حاجته ودعمه معنويا ومادیا"، مردفا أن "الصرح أقيم على تقوى من الله وإقامة ذكر الله"، كما أنه صرح ومعلم ذو طابع سياحي وترويجي للمدينة التي عرفت بشيوخها وعلمائها وأهلها، مضيفا أن "كل زائر لوهران يعرف حقيقتها ويتعرف على الولاية فعليا".
وكشف الشيخ زبار بأن الجامع القطب ينظم يوميا "الكراسي العلمية" التي تقام وينشطها كوكبة من الأئمة والدكاترة والتي تخصص للمجال العلمي في فروع الأصول والفقه والحديث وعلوم في اللغة العربية ليكون منبرا علميا بامتياز. كما يضم الجامع القطب أقسام دراسية موجهة للتلاميذ لكل المستويات وتلاميذ الأقسام المقبلين على الامتحانات.
1600 امرأة بأقسام حفظ وتجويد القرآن
وكشف الشيخ زبار عن فتح قسم للأمهات من دارسات وحافظات القرآن وهو القسم الذي يشغل أكبر حيز داخل الجامع من خلال تسجيل 1600 دارسة للقرآن، تشرف عليهن 20 معلمة، كما تم افتتاح قسم لمحو الأمية وقسم خاص لمرضى متلازمة داون والبالغ عددهم 25 تلميذا يحفظ بعضهم القرآن. كما يوفر الجامع القطب فضاءً للطلبة الداخلين أو ما يعرف بـ"الطلبة المسافرين" والذين يقيمون بفضاء خاص بالجامع، وعددهم حاليا 25 طالبا، بعضهم يشرف على ختم القرآن. وأضاف إمام الجامع بأن هذا الصرح نموذج للوسطية والتكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع من خلال النشاطات التضامنية المنظمة بكثرة طيلة أيام السنة.
وأشار الشيخ زبار لدور الجامع الديني والتاريخي وعمق المنطقة الحضاري، حيث تحمل قاعة "المقرأة" اسم رائد من رواد الوسطية بوهران وهو الشيخ ابن أبي جمعة الوهراني الذي يعد من أعلام وهران وأحد أهم محاربي التطرف والداعين للوسطية، وأوضح الشيخ زبار بأن المقرأة هي هيئة رسمية تابعة لمديرية الشؤون الدينية وتتكون من عدة أعضاء وتعنى بالشأن القرآني بالولاية، وكل ما يتعلق بتوثيق الإجازات القرآنية لحفظة كتاب الله، وتخرج الطلبة المقرئين من حفظة القرآن، كما أكد المتحدث بأن خطبة الجمعة بالجامع تعتمد على دروس الوسطية والتوجه الذي يعرفه أبناء الجزائر منذ القدم والدعوة بالحسنى، دون الغلو والتعصب في الدين، لأن التشدد هو ما يهدم الدين.
فضاء لجمع الدم واستقبال عابري السبيل وإطعام الصائمين
كما برز دور الجامع القطب عبد الحميد ابن باديس من خلال دوره الاجتماعي والخيري منذ افتتاحه، وذلك بتنظيم حملات دورية لجمع الدم لصالح المرضى بالمستشفيات والمؤسسات الصحية، وذلك كل يوم جمعة وطيلة أيام رمضان بعد صلاة التراويح، حيث تلقى عمليات جمع الدم إقبالا من المصلين وتشجيعا من الأئمة، ليكون مساهما فعالا في إنقاذ الأرواح وتوفير أكياس الدم بكميات كبيرة.كما يشهد الجامع القطب سنويا تنظيم مائدة إفطار الصائم، والتي تقام كل شهر من رمضان بمبادرة من الكشافة الإسلامية الجزائرية، ويتم من خلالها تقديم وجبات الإفطار لعابري السبيل ليتجسد من خلاله مفهوم التكافل الاجتماعي داخل صرح ديني.
منارة إسلامية جمعت علماء و40 مفتي دولة
وكان الجامع القطب عبد الحميد ابن باديس، ومنذ أول يوم من افتتاحه مستقطبا للعلماء والمفكرين الإسلاميين الذي تداولوا على منبره لتقديم الدروس وإمامة المصلين، ولعل أهم حدث شهده الجامع القطب، تنظيم المؤتمر الدولي "السلوك الحضري" عام 2023 والذي شهد مشاركة علماء ومفكرين ومفتيين الديار الإسلامية من 40 دولة، والذين أبدوا إعجابهم بهذا الصرح الإسلامي الذي شيدته الجزائر واعتبروه إضافة هامة للتراث الإسلامي في العالم.
وقد ثمن المشاركون في المؤتمر الدولي "السلوك الحضري" تنظيم الجزائر للمؤتمر الدولي والذي جاء في وقت تشهد فيه الدول الإسلامية تحديات كبرى، عملت الجزائر على جمع أئمة وعلماء الأمة للتفكير والتدبير حول ما يقع في الأمة الإسلامية، وبارك المشاركون مبادرة الدولة الجزائرية أخلقة الحياة العامة واحترام سيادة القانون واحترام قواعده الضابطة للسير الطبيعي للمجتمع لما يحفظ مقدرات الأمة ويصون مكانتها.
فتاوى.. ردود على انشغالات المواطنين وإبراز للمذهب المالكي
ويحتضن الجامع القطب عبد الحميد ابن باديس بوهران المجلس العلمي للولاية، والذي يعد مرجعية يقصدها المواطنون وخصص للمجلس مكاتب لاستقبال المواطنين في ظروف جيدة، وتحت قبة الجامع القطب ليجتمع النصح بالكيان الديني.
كما تتواجد على مستوى المجلس العلمي لجنة الفتوى الموجهة لصالح المواطنين، وقد تم حسب مدير الشؤون الدينية اختيار عدد من الإطارات والأساتذة والأئمة المتمكنين لاستقبال المواطنين بجامع القطب عبد الحميد ابن باديس للإجابة عن انشغالات واستفسارات المصلين والمواطنين يوميا لإصدار الفتوى المختلفة خاصة خلال شهر رمضان، حيث يقبل المواطنون على اللجنة للاستفسار حول عدة أمور دينية ودنياوية والتي يعود فيها أعضاء لجنة الفتوى لأحكام الدين والمذهب المالكي، ما يجعل لجنة الفتوى جدارا مانعا لكل فتوى دخيلة وخارج المذهب المالكي أو الشريعة الوسطية.
"خدم المسجد".. شباب الكشافة الإسلامية
تعد فرقة "خدم المسجد القطب عبد الحميد بن باديس" بوهران من الفرق التي أنشأتها المحافظة الولائية للكشافة الإسلامية الجزائرية بولاية وهران سنة 2015 لتكون مثلا لانخراط الكشافة في مهام نبيلة، وتعكف الفرقة المكونة من 30 كشافا ومند إنشائها على التنظيم داخل وخارج المسجد خلال صلاة الجمعة من كل أسبوع، وخلال شهر رمضان الذي يتميز بإقبال كبير للمصلين على أداء الصلوات في وقتها، فيما يبرز نشاط الفرقة خلال صلاة التراويح من خلال تسهيل دخول المصلين الوافدين على المسجد لأداء الصلاة، ويقوم أعضاء الفرقة بتوجيه المصلين ومساعدة كبار السن وتسوية الصفوف، إلى جانب المساهمة في كل المبادرات الخيرية والنشاطات العلمية والثقافية التي تنظم بالجامع القطب عبد الحميد ابن باديس.