نور الهدى شريفي.. طالبة من ذوي الهمم:
أتطلع لوضع بصمتي في الاقتصاد الوطني
- 84
رشيدة بلال
شريفي نور الهدى طالبة من ذوي الهمم، تعاني من إعاقة حركية. تدرس في السنة الثالثة ليسانس تخصص علم نفس العمل، والتنظيم، والمقاولاتية. شابة مرحة، متفائلة، ومفعمة بالحياة. وقع عليها اختيارنا لتكون واحدة من النماذج الملهمة لذوي الاحتياجات الخاصة.
بكل ثقة وإرادة قوية تقول: "سأتخرج بمشروع مؤسسة مبتكرة. وسأعمل للحصول على وسام لابل (إذا كتب ربي أكيد). وإن تم رفضي في لجنة الانتقاء فسأتخرج بمذكرة أكاديمية. لكن هذا لا يعني أنني سأستسلم، بل سأجتهد أكثر في الماستر، والدكتوراه؛ لأضع بصمتي في الاقتصاد الجزائري وليس في الجامعة فقط". هذه العبارات وحدها كفيلة بأن ترسّخ في الأذهان، أن العبرة في قصص النجاح تكمن في الإيمان القوي، والعزيمة، والإرادة الراسخة.
وتقول نور الهدى في حديثها مع "المساء": "قبل دخولي الجامعة كانت لدي قاعدة أسير عليها، وأؤمن بها؛ أن الإنسان يبني نفسه قبل أن يبني مستقبله “؛ لذلك ركزت على تطوير مهاراتها في العديد من المجالات. فحين كانت في الرابع عشرة من عمرها، خضعت لأول تكوين في التنمية البشرية. وتحمل، اليوم، شهادتين في هذا المجال، إضافة إلى تكوينات معتمدة من الدولة في تطوير مواقع الويب، والتصميم الغرافيكي. وتضيف: “في أول عام لي في الجامعة وبعد شهرين فقط من دخولي إليها، قمت بتأسيس أول نادٍ علمي جامعي خاص بتقديم المساعدة العلمية للطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة. وهو الأول من نوعه في كل الجامعات الجزائرية. ومازلتُ على رأسه منذ ثلاث سنوات” .
تأسيس هذا النادي لم يكن مجرد إنشاء هيكل، بل كان بداية مسار حافل. فخلال السنوات الثلاث الماضية نظّمت نور الهدى العديد من الملتقيات. وشاركت في مؤتمرات وطنية ودولية داخل الجامعة وخارجها بالتعاون مع المجلس الأعلى للشباب. وفي فيفري 2025 عرضت فكرة على الدكتور محمد معمري مدير مركز تطوير المقاولاتية بجامعة البليدة 2 لونيسي علي بالعفرون، تتعلق ببرمجة دفعة خاصة بالطلبة ذوي الهمم؛ تقول: “وعند الافتتاح كانت المفاجأة أننا أول دفعة على مستوى الوطن تُخصَّص بالكامل لطلبة ذوي الهمم". كما شاركت في الملتقى الدولي للصحة النفسية وجودة الحياة في المحيط الجامعي، ممثلةً لطلبة جامعة البليدة 2.
وخلال الأسبوع العالمي للمقاولاتية أُعلن عن مسابقة لأحسن محتوى رقمي، تنافس العشرات من الطلبة، فتم اختيار خمسة فائزين. وكانت نور الهدى منهم؛ حيث احتلت المرتبة الرابعة، وتشرّفت – كما تقول – بتمثيل فئة ذوي الهمم خير تمثيل. وتختم الطالبة المرحة حديثها بالقول: "سأتخرج هذا العام، بحول الله، بمشروع مؤسسة مبتكرة. وسأعمل جاهدة للظفر بوسام لابل. وحتى إن لم يُتح لي ذلك فلن أفشل أبداً. سأواصل دراستي في الماستر، والدكتوراه؛ لأضع بصمتي في الاقتصاد الجزائري، الذي يحتاج إلى كل أطياف المجتمع؛ للمساهمة في بنائه، وازدهاره".
التوحد وتحديات الإدماج بعد سن الـ 18.. جمعيات ترفع شعار:
نرافق جهود الدولة لتعزيز تواجد المعاق في المجتمع
قال رشيد رحّال، رئيس جمعية التوحد لولاية البليدة، في تصريح لـ"المساء"، “إن الدولة سهلت الكثير من الصعاب بإنشاء المراكز الجهوية، والمركز الوطني للتوحد"، مضيفًا أنه على مستوى الجمعية يُتكفل بـ 72 طفلًا. أما التحدي الأكبر فيتمثل في “غياب الإدماج المهني لمن تجاوزوا 18 سنة". ورغم استفادة بعضهم من تكوينات في بعض الورشات مثل صناعة الفخار، إلا أنه بمجرد انتهاء التكوين يكون مصير المتكون المكوث في البيت في الوقت الذي يُفترض أن الهدف من التكوين هو ولوج السوق، والاندماج في المجتمع، مشيرا إلى أن بعض الجمعيات تعاني من مشكلة دفع أعباء المختصين، والإيجار. وطالب رحّال بإدماج العاملين في المراكز الاجتماعية الطبية ضمن مناصب ممولة من الدولة؛ لتخفيف العبء عن الجمعيات التي لاتزال تبحث عن مقر ثابت لها، خاصة أن هذه المراكز على الورق موجودة ويتم إحصاؤها، لكن على الواقع تعاني في صمت.
التريزوميا.. تكوين الأولياء ضرورة ملحّة
أما جمعية إدماج المصابين بالتريزوميا بولاية البليدة التي تتكفل بـ240 طفل، فترى أن أكبر تحدٍّ ليس في المختصين أو المرافقة، وإنما هو جهل الأولياء طريقة التعامل الصحيحة مع أبنائهم؛ ما ينسف جهود المختصين. وقال رئيس الجمعية محمد جعفري: "نحتاج إلى برامج تكوين خاصة بالأولياء بدعم من الوزارة الوصية؛ لأن الجمعيات عاجزة عن التكفل بمثل هذه التكوينات. وبعض الأولياء ـ بسبب الجهل ـ يتوقفون عن متابعة أبنائهم، ويفضلون بقاءهم في المنازل”، مضيفا: “هذا خطأ كبير نعاني منه اليوم رغم جهودنا الكبيرة في مرافقة وتعليم أطفال التريزوميا".
المكفوفون.. رفع المنحة من شأنه تحرير المعاق من التبعية
من جهته، أكد معمر صحراوي، رئيس اتحاد المكفوفين لولاية البليدة، أن المطلب الأساسي لذوي الاحتياجات الخاصة وتحديدا فئة المكفوفين، هو رفع المنحة؛ لكونها تقدَّم، فقط، لمن لا يملك دخلًا. ولأن المكفوف يعيش في تبعية دائمة، فإن المنحة هي الوسيلة الوحيدة التي تحقق استقلاليته من خلال تلبية احتياجاته الأساسية التي فاقت 12 ألف دينار.
وفي السياق، ثمّن المتحدث جهود الدولة في تهيئة بعض المرافق العمومية؛ بجعلها مكيفة لتسهيل وصولهم، إلا أنها في رأيه، تبقى غير كافية، خاصة في الشوارع، وبعض المساحات التي تحتاج إلى تهيئة حقيقية، تساعد المعاقين عموما، على التنقل دون الحاجة الى مرافق. أما على مستوى الاتحاد، يضيف، فيعملون كوسيط بين المكفوف والإدارة. وينظمون نشاطات ثقافية لخلق فضاء للتفاعل، وتبادل الأفكار؛ حتى لا يشعروا بالانعزال، وتظل علاقتهم تفاعلية مع المجتمع.
"أمل الحياة" توسّع خدماتها لأطفال الشلل الدماغي
أكد أحمد مقدم، رئيس الجمعية الوطنية "أمل الحياة" لحماية أطفال الشلل الدماغي، أن الجمعية تمكنت من تحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها. وأبرز في هذا السياق، أن أهم إنجاز حققته الجمعية هو التكفل بأكثر من 10 آلاف طفل استفادوا من قوافل طبية جراحية مجانية على مدار خمس سنوات. وهي العملية التي ماتزال متواصلة بفضل الأطقم الطبية المتطوعة، إلى جانب مجهودات ومرافقة السلطات العمومية.
وأوضح مقدم أن القوافل الطبية لاتزال مستمرة، حيث تمكنت الجمعية بدعم مختلف المختصين من أطباء ودكاترة ومرافقة السلطات العمومية ممثلة في وزارة الصحة ومديريات الصحة عبر الولايات، من تثمين جهود هذه القوافل، وتمديد عمرها. ويُنتظر أن تمس القوافل المقبلة عددًا من أطفال الشلل الدماغي بولايات ورقلة، وتقرت، والمدية، وباريكية ومسعد؛ للاستفادة من مختلف الخدمات الطبية مطلع شهر ديسمبر، مضيفا أن من بين المكاسب الهامة التي تفخر بها الجمعية أيضًا، تأسيس خمسة مراكز للعلاج الطبيعي، سيتم الانتهاء من تجهيزها مع نهاية شهر ديسمبر، وأن التحدي الأكبر الذي يعوِّل عليه ذوو الإعاقة، يتمثل في الرفع من قيمة المنحة التي يُفترض، حسبه، أن تكون دون شروط، وأن تُمنح للطفل بشكل فردي، إضافة إلى ضرورة توفير بطاقة الشفاء. وأكد مقدم أن تلبية احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة والوصول إلى إقرار أريحية حقيقية لهم، تبقى مرتبطة بتحسن وضعهم المالي. وهذا لن يتحقق إلا من خلال رفع قيمة المنحة بما يضمن كرامتهم، ويساعدهم على مواجهة متطلبات الحياة.