الباحث والخبير أحمد بن ناعوم:

الذاكرة التاريخية تسبق الترميم والجامعة غائبة

الذاكرة التاريخية تسبق الترميم والجامعة غائبة
  • 1362

يحرص الباحث والخبير الدكتور أحمد بن ناعوم، من المركز الوطني للبحث في الأنثروبولوجيا وعلم الإنسان وما قبل التاريخ، على أن يسمي القصبة بمدينة الجزائر المحروسة، ويؤكد لـ»المساء»، أن تسمية القصبة ظهرت سنة 1830 مع الاستعمار الفرنسي، وهي تعني «السجن». القصبة التي كانت عاصمة الدولة الجزائرية تحولت إلى مدينة تابعة لفرنسا، كما أن العاصمة هي جزء من القصبة وليس العكس، ولا يكفي الترميم والتهيئة ـ حسبه- دون التنقيب في تاريخها الضارب في جذور التاريخ، كما أن لا وجود حقيقي لهذه المدينة لا في الحاضر ولا في المستقبل دون سكانها الأصليين، ويطلب المتحدث أيضا أن يتم فتح أرشيفنا باسطنبول.

تمثل القصبة الهوية والتاريخ والحياة الجزائرية عموما، وظلت صامدة، لكن الباحث يقول بمرارة «عندما خرج الاستعمار منها سنة 1962 «سمحنا فيها»، لتصبح فيما بعد في المخيّل الجماعي الجزائري مجرد حي شعبي فقير لا يسكنه إلا البؤساء وغير المتحضرين، كأننا «وسخناها» بأنفسنا من خلال اللاوعي والإهمال.

يعتبر المتحدث أن القصبة من أعرق 5 مدن قديمة عبر التاريخ، لذلك لا تضاهيها اليوم مدينة أخرى إلا القليل والقليل، مثل سومر أو صنعاء مثلا، فعمرها يتجاوز الـ31 قرنا، وهذه الثروة التي يقول «سمحنا» فيها، حان الوقت لاستدراكها واسترجاعها، ولا يكفي الاعتماد على الترميم، بل يرى أن ذلك يسبقه التوقّف عند «تاريخ الأمكنة» وأيضا «أمكنة التاريخ»، فلا عمل دون تاريخ ولا مخيال السكان الأصليين، لذلك فإن ساكن الدار عندما يدرك هذا التاريخ سوف يحافظ عليها، وأي جهل سيكون بنتائج عكسية مدمرة وقد يساهم في تدميرها.

يتمنى الخبير أن تسترجع المحروسة تاريخها الذي هو تاريخ الجزائر جمعاء، وبداية المستقبل تكون بالمدرسة الابتدائية كي يصبح الطفل «قصباجي»، كما أن دور الجامعة لم يفعّل كما يجب ولم تستغل كفاءات الباحثين.

أحمد بن نعوم أستاذ علم الاجتماع في جامعة بربينيان منذ عام 1997، كان سابقا باحثا في جامعة الجزائر من عام 1975 إلى سنة 1989، وكان مديرا، شارك في إعادة بناء المركز الوطني للبحث في الأنثروبولوجيا وعلم الإنسان وما قبل التاريخ في الجزائر، وتركز أبحاثه على الأنثروبولوجيا للأقاليم والثقافات، والأنثروبولوجيا من الممارسات الدينية ومعرفة علم الإنسان والمجتمع. وله عدة كتب منها «أقاليم البدو» ومجموعة من المنشورات العلمية، وله أعمال مع وكالة الطاقة الدولية من نانت.

م.ن

مراد بوتفليقة:تعدد التجارب يكسبنا الخبرة

أكد السيد مراد بوتفليقة، مدير حفظ التراث والترميم والحماية القانونية للممتلكات الثقافية بوزارة الثقافة، في حديثه لـ»المساء»، أن لقاء الخبراء الدولي في الجزائر هو لحظة احتكاك بين قصبة الجزائر وما تم إنجازه في مدن تاريخية منتشرة عبر العالم.

أداء القصبة حسن، يؤكد المتحدث، حيث يتم إعادة تأهيل نسيج عمراني قديم، قد يأخذ سنوات يمكن أن تصل إلى عقود، لكن يمكن تقليص الوقت إذا تم الاهتمام ـ حسبه- بالأخذ بتجارب أخرى ناجحة، منها تجربة هافانا وبرشلونة وباري واسطنبول وتونس، لتأخذ القصبة منها ما يفيدها ضمن إستراتيجية جديدة، علما أن السلطات كان لها عمليات لم يكن لها الصدى الكافي على أرض الواقع، بالتالي استمر التدهور.

يرى المتحدث أن هناك بعض الحلول المطابقة لحالة القصبة، وسيكون هناك تواصل مستمر مع السكان، إذ كان الاعتماد من قبل على الطرق التقنية المحضة، وهو أمر مهم طبعا، لكن من الضروري أيضا ـ كما يضيف- تفعيل الدور الاقتصادي من خلال الاستثمار الخاص وفتح القصبة أمام أفق جديد.

م.ن

ندى الحسن:تثمين للتدخل الاستعجالي

أكدت ندى الحسن، رئيسة قسم الدول العربية في مركز التراث العالمي في منظمة «اليونسكو»، استعداد المنظمة للعمل مع الجزائر من أجل وضع قانون للعمران يتميز بالسلاسة والعمالتية، ويسمح بحماية النسيج العمراني الذي تزخر به الجزائر، وفي نفس الوقت بناء نسيج جديد يساير التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

واقترحت إيجاد آلية قانونية فعالة لتنسيق العمل بين مختلف المؤسسات المكلفة بالبناء والتنمية، وتلك المختصة في حماية التراث المعماري.

من جهة أخرى، ثمّنت المتحدثة ما تحقق، خاصة فيما يتعلق بالتدخل الاستعجالي الذي أوقف استمرار الانهيارات، ملحة على النهوض بهذا الترميم بالتعاون والتنسيق مع عدة جهات، منها المجتمع المدني.

م.ن

المهندس المعماري زبير الموحلي:لا مستقبل للتراث بعيدا عن أهله

اعتبر المهندس المعماري زبير الموحلي ومدير عام جمعية صيانة مدينة تونس المتحدث، تجربة تونس رائدة في المنطقة وتحمل خصوصية محلية، على اعتبار أن بلدية تونس أنشأت هذه الجمعية منذ سنة 1969، وهي تعتني بكل ما يصون تراث مدينة تونس، وهناك تعاون دائم بين الجمعية والبلدية.

تم ـ حسبه- النظر إلى المدينة العتيقة بنظرة شمولية تطورت مع الزمن ويتم من خلالها التوفيق بين التراث ومن يسكن في هذا التراث، إذ لا معنى لعملية إنقاذ التراث دون تحسين حياة السكان، لأنهم هم من سيحافظون على هذا التراث وبه تتم السياحة الثقافية، أي أن السكان يسبقون السياح.

ويؤكد الموحلي أن القصبة في الجزائر لا بد أن تراعي هذا البعد مستقبلا لأنه الأبقى.

م.ن

بلقاسم باباسي:يجب عدم المغالاة في طرح البعد الاقتصادي

يقول رئيس جمعية القصبة، بلقاسم باباسي لـ»المساء»، بأن القصبة تراث عريق بناه الأجداد، وتملك الجزائر اليوم كفاءات ذات قيمة دولية، لكن التأخّر في تحقيق مشروع القصبة ظل على حاله، فكل من يأتي «يلغى بلغاه» لكن يبقى الطرح الاقتصادي أمرا مهما، على أن لا يكون مبالغا فيه، لتكون القصبة مثل قصبة تونس مثلا، على الأقل في الجانب السياحي، لذلك من المهم بعث الحرف وفتح الفنادق وكل ما يرتبط بالمدينة الأثرية بعيدا عن مفهوم التجارة والبزنس المطلق، وقال «لا ينبغي أن نضخم هذا المشروع الاقتصادي ونعطيه أكثر من حجمه».

كما دعا إلى انسجام المبادرات، وعلى قصبة المستقبل أن تحافظ على ذاكرة ثورتها التحريرية التي اجتمع فيها كل الجزائريين، علما أن أولى الاجتماعات جرت بها.

م.ن