تراجعت كثيرا مقارنة بالسنوات الماضية
الرياضة المدرسية خزان بعيد عن الاهتمام
- 4192
تشهد الرياضة المدرسية تراجعا ملحوظا ومستمرا، لاسيما عند فئة الإناث، حسبما كشف عنه أولياء التلاميذ بأغلب المؤسسات التربوية عبر الوطن التي زارتها «المساء»، وأوضحوا أن سبب ذلك يعود إلى نقص المنشآت الرياضية داخل المؤسسات التعليمية، خاصة على مستوى المدارس الابتدائية، إذ لا تتوفر واحدة منها - كما قالوا ـ على أي فضاء مخصص لمزوالة الرياضة، ناهيك عن انعدام الدعم سواء المالي أو التربوي.
تعرف الرياضة في المؤسسات التربوية والتعليمية الموجودة بالعاصمة، حسب معاينتنا الميدانية، غيابا شبه تام رغم تزايد عدد التلاميذ الملتحقين بالمدارس سنويا، الأمر الذي يثير تساؤلات عديدة عن أسباب تراجع حضورها، مثلما كانت عليه خلال العشريات السابقة
وبما أن الرياضة المدرسية تشكّل اللبنة الأولى للحركة الرياضية في أي بلد، ورافدا أساسيا للمنتخبات الوطنية، فإنها تساهم في توسيع قاعدة أية لعبة وتطويرها وإنشاء خزان يدعم مختلف التخصصات ويساهم في تنشيط المنافسات.
تراجع لغياب التأطير والتكوين
لاحظت «المساء» أن السبب في عدم تطوير التربية البدنية والرياضية في المؤسسات التعليمية، هو غياب الأساتذة في الطور الابتدائي ووجود ملاعب بأرضيات إسمنتية، ونقص المنشآت الرياضية، حيث دعا أولياء التلاميذ الذين التقت بهم «المساء»، إلى إعادة النظر في الرياضة بالمدارس، وتكوين أساتذة مختصين في الرياضة وتوفير عتاد ومنشآت بالمدارس الابتدائية.
أجمع الأولياء على أن الرياضة المدرسية والتربية البدنية والرياضية، لها مفهومان متكاملان يساهمان بطريقة مختلفة وغير منفصلة في العمل التربوي والتكويني العام للتلميذ، مشيرين إلى أن التربية البدنية والرياضية مادة إجبارية والرياضة المدرسية تطوع.
بخصوص الحجم الساعي في تدريس المادة، خصصت ساعتان للثانوي ونفس الفترة الزمنية للطور الإكمالي، و45 دقيقة لأقسام الابتدائي، وهي غير كافية، مما يستدعي توسيع وتنمية ممارسة التربية البدينة والرياضية في المؤسسات التربوية، بإلزام أساتذة التربية البدنية والرياضية بالتكوين في فريق رياضي مدرسي، وتوظيف الحاصلين على شهادة الليسانس في التربية البدنية والرياضية لضمان التأطير بانتظام، يقول محدثونا.
فناء إسمنتي لممارسة الرياضة بباش جراح
زيارتنا لبعض المدارس ببلدية باش جراح، كشفت لنا عن غياب المنشآت الرياضية، مما أجبر الأسرة التربوية والتلاميذ على ممارسة الرياضة بساحة الفناء، أي على الإسمنت، حيث أكد لنا أولياء التلاميذ بمتوسطة 17 أكتوبر، أن أبناءهم يمارسون حصص التربية البدنية في ظروف صعبة، وعلى أرضية الإسمنت، مما يشكل خطرا على حياتهم في ظل غياب البديل، لاسيما أن المتوسطة ضيقة جدا ولا تتسع للجميع.لا يختلف الأمر بالابتدائيات المجاورة للمتوسطة ولا حتى بثانوية «جنان مبروك» التي تفتقر لقاعة رياضية وملاعب، رغم أن للطلبة امتحان رسمي في الأطوار النهائية، الأمر الذي اعتبره الأولياء غير معقول، ويضطر تلاميذ متوسطة «الكاليتوس» بالمنطقة إلى الخروج بدون رخصة لممارسة الرياضة في إحدى الملاعب الجوارية بالحي. أجمع أساتذة التربية البدنية، على أن غياب المنشآت بالمدارس وراء تراجع الرياضة المدرسية، حيث يضطر العديد منهم إلى العمل في ظروف صعبة وغير ملائمة، لاسيما مع تهاطل الأمطار، حيث تتوقف كليا الحصص المبرمجة ويتأخر التلاميذ في استرجاع قواهم بسبب غياب ملاعب جوارية مغطاة، تساعد الأساتذة على استكمال البرنامج المسطر خلال السنة التربوية.
المؤسسات التربوية ببوروبة حدث ولا حرج
ونحن نتجول ببعض المؤسسات التربوية في بلدية بوروبة، لم نلاحظ الفرق عن سابقتها بباش جراح، حيث وقفنا في زيارتنا عند مدرسة الشهيد «مصطفى لعريبي» واكتشفنا أن التلاميذ لا يمارسون الرياضة في ظل غياب المرافق المناسبة، كما لاحظنا أن المدرسة ضيقة وبمحاذاتها ملعب بلدي غير مستغل وغير مهيأ، وأن بإمكان السلطات المحلية استغلاله لممارسة الرياضة المدرسية، يقول لنا أحد الأولياء. كما تحدث البعض عن ممارسة التلاميذ الرياضة بمتوسطة بوروبة في ساحات مهترئة تشكل خطرا عليهم، الأمر الذي دفعهم إلى الاستنجاد بالمسؤولين المعنيين لزيارة المؤسسات التربوية بالمنطقة والوقوف على واقعها المر.
ضغط رهيب بثانويات بئرتوتة وهياكل منعدمة
الزائر لبلدية بئر توتة، أول ما يشد انتباهه؛ غياب الثانويات والضغط الكبير على مستوى القاعات، حيث أكد لنا أولياء التلاميذ أن أبناءهم يتمدسون في ظروف صعبة دون الحديث عن الرياضة، لأن الضغط كبير جدا والهياكل غير متوفرة.
أكد أولياء التلاميذ أن السلطات المعنية مطالبة بتوسيع الثانويات أو إنجاز أخرى وتوفير الهياكل الرياضية، لتمكين التلاميذ من ممارسة الرياضة في ظروف حسنة.
ثانويات الأحياء الجديدة مجهزة
على عكس المناطق التي زرناها من قبل، لاحظنا أن ثانوية الشهيد «طاهر سرير» بالحي الجديد الشعايبية بأولاد شبل، مجهزة بقاعة رياضية وملعب معشوشب يساعد الطلبة على ممارسة الرياضة، حيث أكد البعض أنهم يمارسون الرياضة في ظروف حسنة ومساعدة على اجتاز الامتحانات النهائية في مادة التربية البدنية.
نفس الانطباع لمسناه لدى طلبة ثانوية «أولاد منديل» بالدويرة وهو من الأحياء الجديدة التي استفاد قاطنوه من السكن الاجتماعي، حيث تحوي الثانوية مرافق رياضية مجهزة تم إنجازها مع الأحياء الجديدة.
غياب أساتذة مؤطرين بمؤسسات الكاليتوس
أكد أولياء التلاميذ ببلدية الكاليتوس، أن معظم المدارس تحتوي على فضاءات ضيقة وغير مهيأة لا تصلح لممارسة الرياضة، منها مدرسة «مسعود حرحار» ومتوسطة «عيسى مسعودي» ومتوسطة «رمضان حمود».
كما يشتكي هؤلاء، من غياب أساتذة مؤطرين من خريجي المعاهد، يساعدون التلاميذ على تلقي دروس تدريبية صحيحة، مشيرين إلى أن بعض المتوسطات والثانويات لا تتوفر إطلاقا على الهياكل الرياضية.
مديريات التربية منشغلة ولا ترد
للاستفسار عن المشكل، توجهت «المساء» إلى مديريات التربية لشرق ووسط الجزائر، لكن لم نتلق أي جواب بسبب انشغال المديرين بالاجتماعات مع وزيرة التربية، الأسبوع المنصرم، لحل مشكل الإضرابات التي شهدها القطاع مؤخرا.
نسيمة زيداني
النوادي الرياضية بالمؤسسات التربوية ... ثمار لم تقطف كليا
ينضم مشروع النوادي الرياضية بالمؤسسات التربوية، إلى جملة الجهود الرامية إلى استعادة عافية الرياضة المدرسية، وإعادتها إلى مسارها الطبيعي، ويؤكد الفاعلون في الحقل الرياضي المدرسي، أن هذا المشروع الذي تمّ إطلاقه سنة 2006، وعكس السالف «دراسة ـ رياضة» يسير إلى النجاح، بإنشاء أندية رياضية مدرسية، بالتنسيق مع أندية منخرطة في الرابطة المعنية، حتى تسمح للرياضي بالمشاركة في المنافسات الرياضية المنظمة من قبل الرابطة للرياضة المدرسية، وكذا الرابطة المختصة في اللعبة، وبعدها وضع مؤسسات تربوية كأقطاب تطوير، وفقا لمجموعة توصيات دعت إليها وزيرة التربية الوطنية السيدة نورية بن غبريط سنة 2015، من بينها إلزام كل أساتذة التربية البدنية والرياضة تكوين فريق رياضي مدرسي داخل كل مؤسسة، بالإضافة إلى وضع آليات لاكتشاف المواهب الشابة بالتعاون مع الاتحاديات المختصة.
رغم إقرار السيد عبد الحفيظ بن تازي، الأمين العام لرابطة وهران للرياضة المدرسية، ضياع مواهب واعدة بسبب انتقالهم من طور تعليمي إلى آخر، لم يجدوا معه المتابعة اللازمة والكافية، إلا أن ذلك لم يمنع من ملامسة بعض ثمار المشروع كحال اللاعبات المتمدرسات بمدرسة «ابن سينا»، اللائي توجن بكأس الجزائر لكرة اليد للشبلات مع المدرب دوبالة مصطفى. يعترف من جهته، ممثل مديرية التربية السيد عمرون، بضرورة الاهتمام أكثر بهذه النوادي، رغم بعض المثبطات التي لخصها المتحدث في شساعة رقعة ولاية وهران، التي تصعب معها المتابعة الدقيقة. فإلى حد الآن، تحصي الولاية 40 ناديا مدرسيا، حسبما كشف عنه بوحديبة المسؤول بمديرية الشباب والرياضة.
م. سعيد
«دراسة - رياضة» .... مشروع ولد ميتا
أهم المشاريع التي أريد بها نهضة حقيقية للرياضة المدرسية بالجزائر؛ مشروع «دراسة ـ رياضة» الذي عاد إلى الواجهة سنة 2006، بجهود وهرانية خالصة، بعد نشأة الفكرة سنة 1978. وقد أتيح لهذا المشروع العودة إلى النور من جديد بموجب اتفاقية بين وزارتي التربية الوطنية والشباب والرياضة، إذ يهدف هذا المشروع بشكل مختصر، إلى إنشاء أقسام رياضية بثانويات رياضية عبر كل ولايات الوطن، من أجل انتقاء المواهب وصقل قدراتها المسلم بها.
اندفعت ولاية وهران بحماسة المؤطرين والناشطين في حقل الرياضة المدرسية، لتكون سباقة في تجسيد هذا الفعل الرياضي النموذجي على مستوى أربع متوسطات «بن سعيد» و«درغام حنيفي» بوهران، «مفدي زكرياء» بمسرغين، و«الشط» بعين الترك، في ست اختصاصات هي؛ المصارعة المشتركة، الجيدو، ألعاب االقوى، كرة اليد، كرة السلة والسباحة، واختيار ثانوية «طيب المهاجي» بحي العثمانية «مارافال» سابقا لتكون الثانوية الرياضية الأولى في ولاية وهران، حيث روعي في هذا الاختيار قربها من المركب الرياضي الجواري «المرحوم هدفي ميلود»، غير أنّ هذا الحماس فتر، بعدما تحتم على مديرية التربية نقل تلك التجربة بمواهبها الواعدة إلى ثانوية «العقيد لطفي»، متحججة بعدم تهيئة الثانوية الأولى «طيب المهاجي»، غير أن هذا الانتقال لم يق المشروع من الفشل، خاصة بعدما وقف المعنيون على مفاجأة كبيرة وغير سارة بالمرة، لما أحصوا طالبين اثنين فقط (02) من أصل 27 ناجحا في شهادة البكالوريا، توجها إلى شعبة التربية البدنية خلال موسم 2014 /2015.
اتفقت الآراء بشأن فشل هذا المشروع، بداية بالسيد عبد الحفيظ بن تازي، الأمين العام بالرابطة الوهرانية للرياضة المدرسية، الذي يرى أن المشروع انطلق بشكل سيئ، بسبب الانفراد بالرأي الواحد من قبل باعثيه، مؤكدا أن هيئته الرياضية لم تستشر في الأمر.
في نفس السياق، يؤكد السيد محمد عمرون رئيس مصلحة التنظيم التربوي بمديرية التربية لولاية وهران، أن هذا المشروع لم يذهب بعيدا، لأسباب معينة، منها انعدام المتابعة التي ضيّعت ـ حسبه ـ أبطالا واعدين، مضيفا «الإشكال في عدم الاهتمام بالطلبة بعد نيلهم لشهادة البكالوريا، وتبقى في النهاية قضية ثقافة مجتمع بأكمله، فالمسؤولية تجاه هذا المشروع مشتركة، ولا يتحمّلها طرف دون آخر أو جهة دون أخرى».
ينضم السيد فيصل بوحديبة، رئيس مصلحة التربية البدنية والرياضة بمديرية الشباب والرياضة لولاية وهران، إلى رأي المسؤولين السابقين، عندما اعتبر مشروع «دراسة ـ رياضة» «غير ناجح ولائيا ووطنيا»، يضرب مثلا بلعبة كرة اليد ببلدية مسرغين، التي تعد قطبا لتطوير هذه الرياضة، والتي لم تمنح أكثر من ثلاثة لاعبين في هذه اللعبة، «وهو أمر غير معقول»، حسب المسؤول بالـ«ديجياس».
كانت النتيجة الحتمية لفشل الجهود الخيرة في سبيل إنجاح هذه النبتة الرياضية، ولكل من آمنوا بهذه الفكرة، توقيف افتتاح أقسام جديدة لـ«رياضة ـ دراسة» بقرار من وزارة الشباب والرياضة، بالتوافق مع وزارة التربية الوطنية، منذ ثلاث سنوات.
هذا الفشل، أوعز من قبل البعض إلى خلل قانوني، وطالبوا بنص يقضي بتوجيه إجباري للطلبة لمادة التربية البدنية، غير أن من استطلعت «المساء» آراءهم من مختلف الجهات المعنية، لا تتفق مع هذا المطلب، بداية بممثل مديرية الشباب والرياضة، السيد بوحديبة، الذي أرجع فشل المشروع إلى ضعف معدل مادة الرياضة (1 فقط)، «مما يحول دون جلب راغبين كثيرين»، دون نسيان ما وصفها بـ«متطلبات المجتمع والعائلة»، وقبل هذا وذاك «الرغبة الشخصية للطالب نفسه»، وهو ما يؤكد عليه أيضا السيد عمرون رئيس مصلحة التنظيم التربوي بمديرية التربية، الذي يرى أن الأساس في قناعة الطالب لا إجباره «لأن ذلك سيؤدي إلى تكسير رغبة التحفيز عند الطالب، وهذا غير محبذ».
م.سعيد