مصطفى زبدي رئيس المنظمة الوطنية لحماية المستهلك:
السوق العالمية.. المضاربة والاحتكار وراء نار الأسعار
- 817
أرجع مصطفى زبدي، رئيس المنظمة الوطنية لحماية وإرشاد المستهلك، تراجع القدرة الشرائية للمواطن خلال هذه الأيام، إلى العديد من الأسباب، منها الداخلية والخارجية، وعلى رأسها ارتفاع أسعار المواد الأولية في السوق العالمية، التي أثرت، بشكل مباشر، على المنتجات النهائية المسوَّقة في الجزائر، لا سيما أن أغلب المنتجات المصنّعة محليا، مادتها الأولية مستورَدة، الأمر الذي جعل المواد المسوّقة في الجزائر تتأثر بتقلبات الأسواق العالمية.
عرفت القدرة الشرائية للمواطن تراجعا كبيرا خلال الأشهر الأخيرة، نظرا لبلوغ معدلات تضخم مقلقة، أدت إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، فضلا عن تراجع قيمة الدينار أمام العملة الصعبة؛ ما نتج عنه ضعف القدرة الشرائية للمواطن، الذي باتت أجرته لا تغطي تكاليف الشهر، علاوة على تداعيات الأزمة الصحية لفيروس كورونا، التي زادت الطين بلة، والتي تساهم، اليوم، بشكل كبير، في تعطيل نشاط آلاف المستخدمين. وفي هذا الصدد، قال زبدي في تصريح لـ " المساء"، إن أزمة كورونا زادت من حدة الأزمة الاقتصادية التي نعيشها اليوم، والتي مرت عبر مرحلتين أساسيتين؛ "أولهما أزمة بداية الجائحة وما قبل اكتشاف اللقاح، وتتمثل هذه المرحلة في الرفع، من جهة، من التكاليف الوقائية التي أتعبت كاهل المواطن البسيط؛ لاقتنائه مستلزمات إضافية تساعده في عملية الوقاية، أو العلاج بالنسبة للأشخاص الذين أصيبوا بفيروس كورونا المستجد، إلى جانب فقدان العديد من المواطنين عملهم، بسبب إغلاق المصانع، وتسريح العمال من العديد من الشركات، التي أعلن بعضها عن الإفلاس تماما، لا سيما بالنسبة للمؤسسات الناشئة، والتي كانت بصدد بناء نفسها". ويضيف زبدي: "في حين المرحلة الثانية والتي يعيشها العالم اليوم، سنشعر بتردداتها أكثر خلال الأشهر المقبلة، وهي فترة اكتشاف اللقاح المضاد للفيروس الذي ضرب العالم بدون استثناء؛ إذ إن تحليل العديد من الخبراء الاقتصاديين كشف أن اكتشاف اللقاح زاد من الأزمة الاقتصادية والتجارة العالمية، من خلال رفع الأسعار لاستدراك العجز الذي حدث خلال سنة كاملة من الركود؛ إذ إن إيجاد اللقاح هو نافذة، في نظر البعض، إلى انتهاء الأزمة الصحية، لكن ذلك سينشأ عنه، بكل تأكيد، أزمة اقتصادية، قد تقلب الموازين بين الغني والفقير؛ فقد يتحول الغني إلى فقير، والفقير إلى أقل فقرا، في حين قد يكون ذلك في صالح البعض ممن سيتحكمون في السوق العالمية خلال هذه الفترة".
وعلى صعيد ثان، قال رئيس المنظمة إنه لا يمكن توجيه تهم تراجع القدرة الشرائية، إلى المواطن الجزائري فقط أو إلى أسباب خارجية مرتبطة بالسوق العالمية، وإنما هناك أسباب داخلية لا تقل خطورة عن الخارجية، وهي الجشع، والاحتكار، والمضاربة التي يمارسها بعض المتعاملين الاقتصادين، الذين لا علاقة لهم بالمهنية والضمير؛ فبدل المساهمة في إنعاش السوق، استغل البعض الوضعية لزيادة تعقيدها نتيجة الجري وراء تحقيق أرباح إضافية على حساب المواطن البسيط، مشيرا إلى الكثير من الممارسات الجشعة التي تم رصدها خلال الأزمة الصحية التي ضربت الجزائر على غرار العالم، وهذا بالمضاربة في الأسعار، ومحاولة احتكار السوق، وهو ما شهدناه خلال نهاية السنة المنصرمة 2020، بعدما سحب بعض المتعاملين الاقتصاديين منتجات من السوق، على غرار الأدوات الكهرومنزلية والإلكترونية، لإعادة عرضها خلال السنة الجارية 2021، نظرا لبعض الرسوم التي مست هذا القطاع. كما لا يمكن تفويت المعطيات المتعلقة بالسوق الموازية التي تسيطر على 50 بالمائة من الاقتصاد، والتي تضرب، مباشرة، السوق المحلية.
وفي انتظار بلوغ الجزائر المستوى العادل للحد الأدنى للأجور أو الأجر المتوسط الذي سيسمح بتطوير القدرة الشرائية للمواطن، يقول زبدي لا بد من البحث عن حلول لتخفيف الضيق المالي عن المواطن البسيط، والرفع من قدرته الشرائية، ومنها جعل الرسم على القيمة المضافة على المنتجات الأساسية صفر بالمائة، مع أهمية رفع البيروقراطية، والسماح بالاستثمار في الإنتاج المحلي، مشيرا إلى أن كل هذا كفيل بتخفيف العجز المالي الذي يعيشه الفرد، لا سيما بعدما طالت القوانين المالية التقشفية التي تستمر منذ سنة 2016، والتي أدى بعضها إلى تجميد التوظيف والرواتب، إلى جانب تعليق المشاريع التنموية، الذي نتج عنه إفلاس مؤسسات، وتسريح آلاف العمال؛ مما زاد من حدة البطالة.