"المساء" ترصد تحاليل الخبراء في مجال فقدان المناعة المكتسبة
"السيدا"... داء تعددت طرق انتقاله... وواقع ينبذه المجتمع
- 1052
يعود تاريخ الفاتح ديسمبر من كل سنة، ليعود معه تذكر آلام المصابين بفيروس فقدان المناعة المكتسبة "السيدا" أو "الآيدز"، وفي محاولة للفت الانتباه للخطر الذي مازال يداهم بعض فئات المجتمع، جراء انتشار هذا المرض ومسبباته بين بني البشر، تقربت "المساء" من مختصين في المجال، والذين دقوا ناقوس الخطر، محذرين من تبعات بعض الممارسات التي تزيد من استفحال العدوى المكلفة اجتماعيا واقتصاديا.
ق. م
"الآيدز" قد ينتقل عبر استعمال أدوات الغير
تحذير من ماكينات الحلاقة الجماعية
حذرت الدكتورة ليندا بولغلام، المختصة في الطب العام، من الأمراض المتنقلة عبر الدم في محلات الحلاقة، مشيرة إلى أن الكثير من الأمراض الخطيرة، يمكن أن تنتقل عبر أدوات الحلاقة، وحتى الماكينات الكهربائية الخاصة بالحلاقة، والتي من أخطرها؛ مرض نقص المناعة المكتسبة، مشيرة إلى أنه لابد من أخذ تدابير الحيطة والحذر من أجل الوقاية من الإصابات التي قد تكون خطيرة على الصحة.
أوضحت المتحدثة، أن الكثير من السلوكيات الخطيرة قد يتهاون معها الفرد، عندما يتعلق الأمر ببعض الروتينات اليومية أو الأسبوعية التي يقوم بها، منها الحلاقة، حيث قالت أن غياب الوعي لدى الزبائن، وغياب الضمير المهني لدى بعض الحلاقين، يخلق توليفة جد خطيرة من حيث استعمال بعض أدوات الحلاقة غير المعقمة، والتي يتطلب البعض منها، تغييرها تماما، باعتبارها أحادية الاستعمال لا أكثر.وأضافت الطبيبة، أن العديد من الدراسات أُجريت لترصد مختلف مصادر الإصابة بنقص المناعة المكتسبة "السيدا"، وعلى عكس ما يعتقد الكثيرون، فإن "الآيدز" مرتبط بالعلاقات الجنسية غير المحمية، إلا أنه في حقيقة الأمر هناك مسببات أخرى، قد لا يدركها الكثيرون، ومنها استعمال أدوات الغير، خصوصا الحادة، التي قد يكون لها اتصال مباشر مع الدم، مثل شفرات الحلاقة بأنواعها، فرشاة الأسنان وغيرها.إضافت بولغلام، أن ماكينات الحلاقة واحدة من الأدوات الخطيرة التي لا يدرك الفرد تماما، أنه يمكن أيضا أن تنقل تلك العدوى، خصوصا أنه في بعض الأحيان، تتسبب في جروح طفيفة وسطحية لا تصب في ذهن الفرد بأنها قد تكون خطيرة، إذا ما أصيب بها شخص ثاني، مثلها مثل أدوات الحلاقة الخاصة بالنساء التي تعرف بمزيلات الشعر، موضحة أن تلك الأدوات لابد أن تكون فردية، أو على الأقل، أن يتم تغيير شفراتها وتعقيمها بين كل استعمال، ومن الأحسن أن يأخذ الزبون ماكيناته الخاصة عند زيارة الحلاق، حتى يطمئن وتكون الخدمة المقدمة له آمنة وغير خطيرة على صحته.كما أوضحت أن الحديث عن أدوات الحلاقة بشكل خاص، ليست أمرا "تافها"، على حد تعبيرها، إنما مشكل خطير، قليلا ما يتم تسليط الضوء عليه، كما أن البعض لا يولي أي اهتمام لهذا السلوك، حتى بين أفراد العائلة الواحدة، الذين يستعملون أدوات خاصة بشكل جماعي، لتجد أحيانا حتى بعض الأزواج يستعملون فرشاة أسنان واحدة دون مبالاة، وهذا أمر خطيرة على الصحة، أقل شيء يمكن أن يسببه التهابات حادة، أو انتشار عدد من الأمراض المعدية الخطيرة التي تنتقل عن طريق التعرض للدم الملوث، كالتهاب الكبد الوبائي "C" والتهاب الكبد الوبائي "B"، وربما مرض "الإيدز"، والسل، إضافة إلى عدد من الأمراض البكتيرية والفطرية.وفي الختام، أشارت الطبيبة، إلى أن العدوى قد تحدث نتيجة تلوث تلك الأدوات، ليس بالدم فقط، إنما أيضا بإفرازات ملوثة لشخص مصاب بمرض معد، ومن ثمة استخدام نفس الأدوات مع شخص سليم، حيث تنتقل من خلال ملامسة جرح أو حتى تشققات على جلده.
نور الهدى بوطيبة
"الشذوذ الجنسي" بنقص المناعة المكتسبة
واقع خطير ضد الطبيعة البشرية
سلطت المسؤولة السابقة عن مركز الكشف عن فيروس نقص المناعة المكتسبة، مريم مفتاح، الضوء على العلاقة الطردية "الواضحة" بين ارتفاع عدد المثلين الجنسيين، وعدد الإصابات بهذا الداء وسط الشباب، مشيرة إلى أنه اليوم، يتم تسجيل، دون سابقة، ارتفاع في الممارسة "الشاذة" التي تتنافى مع كل المبادئ السليمة.
تقول المتحدثة، إنه "على الرغم من أن الآيدز أصاب عددا غير قليل، انطلاقا من المثليين جنسيا، وأودى بحياة عدد كبير منهم، فالحقيقة أن الآيدز ليس مرتبطا فقط بتعاطي المخدرات، بسبب الاستخدام المتعدد للإبر غير المعقمة والعلاقات الجنسية غير المحمية وآلات الحلاقة غير المعقمة، وغيرها من الوسائل التي ينقل بسببها الفيروس، إلا أن هذه العلاقات الشاذة واحدة من المسببات الرئيسية للإصابة بالآيدز وسط الشباب، وارتفاع عدد الإصابات بارتفاع عدد المثليين، فهي لم تعد مجرد صورة نمطية لصيقة بالمثليين، إنما هي حقيقة لابد من محاربتها، من خلال توعية وتحسيس الشباب بخطورتها"، تؤكد المتحدثة.
واعتبرت أن كسر طابوهات الحديث عن هذا المشكل، هو بداية لحل المشكل، على حد تعبير المتحدثة، ولا يجب التخوف من محاربة ما هو عكس الطبيعة، مضيفة أن "الحديث لا يجب أن يكون في اتجاه واحد، فلا يعني أن كل مصاب بنقص المناعة المكتسبة هو شخص مثلي، وإنما المثلي، عرضة للإصابة بالسيدا في حالة ممارسته علاقات جنسية شاذة مع شخص من نفس جنسه، فإن ذلك يرفع من احتمالية الإصابة بالآيدز".
وأعطت مفتاح مثالا قائلة: "إن خير دليل عن وجود علاقة بين السيدا والمثليين، هو ما حاول إثباته فريق من الباحثين الفرنسيين، للقضاء على الفيروس، وسط المثليين، من خلال إخضاع مجموعة تتكون من 400 مثلي لجرعات من دواء مضاد للسيدا، حيث أشارت الدراسة إلى تراجع نسبة 86 بالمائة من الإصابات، وهذا ما هو إلا دليل واضح على أن تلك الفئة معرضة للإصابة بسبب سلوكياتها الجنسية الشاذة، وأنه واقع ترفض العديد من الدول المؤيدة لتلك الميولات الاعتراف به، بحجة عدم التمييز".
وفي الأخير، دعت المتحدثة إلى أهمية التحقيق في هذا الموضوع، ومحاولة استرجاع الشباب، من خلال حملات توعوية وتحسيسية، والتركيز على الوازع الديني والتربوي من أجل أمة سليمة لا تنتشر فيها هذه السلوكيات، التي تجعلها مع الوقت "أمورا طبيعية"، تتسبب في مشاكل صحية عمومية جد خطيرة، وطبعا ليست سوى سلوكات شاذة ضد الطبيعة.
نور الهدى. ب
المكلفة السابقة ببرنامج "السيدا والعمل" مليكة مقراني:
عدم "قبول" حامل الفيروس في الوسط المهني هضم لحق المريض
دعت مليكة مقراني، المكلفة السابقة لبرنامج دراسة "السيدا" في وسط العمل، لدى الاتحاد العام للعمال الجزائريين، إلى ضرورة إدماج المصابين "بنقص المناعة المكتسبة" في أوساط العمل، مع مراعاة وضعيتهم الصحية والنفسية، من خلال مشاركتهم العمل ومحاربة ما يعيشونه من تمييز عند الكشف عن إصابتهم، موضحة أن إصابة أي فئة بهذا المرض له عدة انعكاسات سلبية على المجتمع، من جهة، وعلى الاقتصاد على وجه الخصوص، من جهة أخرى، لاسيما أنها فئة يمكن أن تكون فعالة إذا وُفر لها الجو المناسب للعمل.
تضيف المتحدثة، أن هذا المرض بات يهدد الكثير من الحقوق، وعلى رأسها الحق في عدم التمييز، وعليه مرض "السيدا" يعتبر تهديدا لحقوق المصاب به، وكأن معاناته الصحية لا تكفيه لعيش مشكل آخر، لا يقل تأثير على صحته، لاسيما النفسية، الأمر الذي يؤثر على رغبته في العلاج والتعايش مع إصابته.
قالت مليكة مقراني، إن إدماج المصابين في عالم الشغل كفيل برفع نسبة من الغبن عن هذه الفئة، مع محاربة التمييز الذي تعاني منه، والذي يؤدي إلى تهميشها، لاسيما أن القانون يحميها، فلها حق المساواة أمام القانون والحماية المتساوية التي يكفلها القانون دون أي تمييز، ويعد عملها في بيئة سليمة وآمنة، مبدأ أساسيا لحقوق الإنسان، حسبما ينص عليه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي يلزم كل دولة باحترام الحقوق المعترف بها في العهد، وضمان الحقوق لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها، والخاضعين لولايتها دون أي تمييز مهما كان، حتى وإن كان بسبب الإصابة بمرض معين، كإعاقة أو مرض مزمن أو غير ذلك.
وفي هذا الصدد، قالت مقراني، إنه للأسف، الحقيقة في أرض الواقع قد تتنافى أحيانا مع ما ينص عليه القانون، لتجد الكثيرين يرفضون إدماج المصابين في مؤسساتهم، مما يدفع بالبعض إلى إخفاء مرضهم من أجل أن تكون لهم فرصة قبولهم، لكن سرعان ما يكتشف رب العمل الإصابة، بسبب كثرة الغيابات، من أجل زيارات طبية إو بطريقة أخرى، ليبدأ التمييز يضرب بهم، مما يجعل تلك الفئة تعاني إلى حد الاستقالة المرغمة. موضحة أن كل تلك السلوكيات الخائطة في حق هؤلاء المرضى، راجعة إلى ضعف الوعي، وعن المعلومات الخاطئة التي يحملها الفرد في مخيلته، بأن المصابين بهذا الداء منبوذون ولا يمكنهم العمل، ويحكمون مسبقا على فعالية هؤلاء وعلى إنتاجيتهم، أو حتى على أنهم مصدر انتقال عدوى، وأنهم قد يتسببون في عدم ارتياح بقية الموظفين، لاسيما أنه لا يزال البعض يعتقد أن فيروس نقص المناعة البشرية عدوى تنتقل بمجرد اللمس، وأن هذا المرض يؤدي حتما إلى الوفاة.
نور الهدى بوطيبة