المدير العام للوكالة الوطنية للتشغيل في حوار مع "المساء":

الوكالة تتطور في كل المجالات، وأصبحنا نتحكم في 60% من سوق العمل

الوكالة تتطور في كل المجالات، وأصبحنا نتحكم في 60% من سوق العمل
  • القراءات: 885

احتفلت الوكالة الوطنية للتشغيل في الثامن سبتمبر الجاري بعيدها العشرين، الذي يؤرخ لتواجد هذه الهيئة التي أصبحت اليوم تتحكم في 60 بالمائة من سوق الشغل في الجزائر. وتعد 2006 السنة الفاصلة بالنسبة إليها، لأنها شهدت تغيير قانونها الأساسي الذي حولها إلى "مرفق عمومي ذي تسيير خاص". رئيس الوكالة السيد محمد طاهر شعلال يؤكد في حوار مع "المساء"، أن مسار العصرنة الذي تم الشروع فيه منذ سنوات مستمر. وأن الوكالة تطمح حاليا إلى تطوير خدماتها عبر استخدام التكنولوجيات الحديثة، لتمثل الخدمات عن بعد نسبة 80 بالمائة من مجمل تعاملاتها. كما تعول على التكوين بفتحها ولأول مرة مركزا لتكوين إطارات الوكالة بالدويرة، مع مواصلة تجديد مقراتها.

يرى السيد شعلال أن سنة 2006 كانت محطة أساسية بالنسبة للوكالة الوطنية للتشغيل لأنه "تم إقرار برنامج واسع وشامل لإعادة الاعتبار للوكالة، وعصرنتها من خلال ثلاثة محاور: الأول متعلق بالمقرات، حيث تم تحسين ظروف استقبال المواطنين على المستوى الوطني، وهي عملية في تواصل. فقال: قمنا إلى حد الآن بتحسين شبكة الوكالة التي تتضمن 267 وكالة محلية و48 وكالة ولائية و11 مديرية جهوية". ويهدف إلى تطوير الشبكة و"تحسين ظروف استقبال المواطنين وتحسين ظروف عمل العمال، مثلا في العاصمة، أبرز أنه تم خلال الخمس سنوات الماضية تغيير مقرات أكثر من 7 وكالات من بين الـ 12 الموجودة. كما تم تغيير مقرات حوالي 50 وكالة فقط في عام  2015، وسيتواصل برنامج تهيئة الوكالات".

المحور الثاني يتعلق بالموارد البشرية التي تم تعزيزها عن طريق "توظيف أكثر من 1500 إطار جامعي جديد ابتداء من سنة 2006، مع تعزيز قدراتها عبر التكوين المتواصل. ففي عام 2015 وحدها تم تكوين 3000 إطار". وإضافة إلى مركز الدويرة، تملك الوكالة 5 قاعات جهوية مجهزة بالكامل للتكوين على المستوى الجهوي، مع إحصاء 55 مكونا تابعين للوكالة.

وفي المحور الثالث، فإن مسار عصرنة الوكالة أعطى أهمية خاصة لتوفير التجهيزات، لاسيما الخاصة بأنظمة الإعلام الآلي، وفي هذا الشأن يقول السيد شعلال "خلال الخمس سنوات الأخيرة، أي منذ عام 2011، ركزنا على تطوير وعصرنة أدوات وآليات العمل وأدخلنا التكنولوجيات الجديدة في تسيير الوكالة...اليوم لدينا نظاما معلوماتيا جديدا، باشرنا فيه منذ سنة وهو معمم وطنيا، يسمح بإضفاء الشفافية والسرعة والعدالة في توزيع عروض العمل التي تصل إلى الوكالة... قمنا أيضا باستعمال آليات جديدة في الإصغاء عبر خلية الإصغاء ورقم أخضر...كما ننظم دورات تكوينية لطالبي العمل... وننشر كل العروض في كل الوكالات على شاشة كبيرة، فضلا عن أن عددا كبيرا من الوكالات اليوم بدأت تنشر عروض العمل في مواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما الفيسبوك".

ويلفت الانتباه في السياق، إلى أن أهم ملف مطروح حاليا على مستوى المديرة العامة للوكالة الوطنية للتشغيل، والذي سيتم الانتهاء من تحضيره هذا الشهر هو "الخدمات عن بعد"، حيث سيمكن عارضي العمل بأن ينشروا عروضهم مباشرة عبر الأنترنت ويتم انتقاء مترشحين بطريقة إلكترونية عبر الأنترنت، ويتم إعلامهم عبر البريد الإلكتروني بصفة آلية وليس يدوية، وهو ما يعني أن "اختيار المترشحين سيقوم به النظام المعلوماتي على أساس شروط الأقدمية في التسجيل والاستجابة لمتطلبات عرض العمل، بما يحقق العدالة بين المسجلين على مستوى وكالات التشغيل، فيما يقوم المستخدم بالانتقاء النهائي".

إضافة إلى كل هذا فإن الوكالة تؤدي مهام أخرى مثل "الاستشارة" و"التحليل" و"الدراسات"، وهو ما مكنها من تكوين صورة واضحة عن سوق الشغل، تسمح باتخاذ بعض الإجراءات، منها مواءمة طلبات العمل مع العروض المطروحة في السوق، مثلما أوضحه محدثنا. على سبيل المثال، فإن ملاحظة أن 56 بالمائة من طالبي العمل ليس لديهم تأهيل أو قدرات أو كفاءات لولوج عالم الشغل أو الترشح لمناصب،  دفع الوكالة إلى تنظيم حملة وطنية لتشجيع أو توجيه طالبي العمل لمراكز التكوين المهني. وهنا يقول السيد شعلال مستغربا "نلاحظ وجود عزوف لدى الشباب على التكوين عموما وبعض التخصصات بالخصوص. والغريب أن هذه التخصصات هي المطلوبة في سوق الشغل، لدرجة أصبحنا نعجز عن إيجاد مرشحين في بعض التخصصات المتعلقة خصوصا بالبناء والري والأشغال العمومية وحتى السياحة...".

عمليات عصرنة الوكالة أثمرت وأصبحت اليوم بفضل هذا البرنامج تلعب دورا كبيرا في سوق الشغل، رغم وجود 22 وكالة خاصة تنشط في هذا المجال. والدليل أن مشاركتها في سوق الشغل انتقلت من 15 بالمائة قبل عام 2011، لتصل اليوم إلى حدود 60 بالمائة، "وهو مؤشر مهم"، كما قال السيد شعلال، مشيرا إلى العمل المستمر على "محاربة بعض السلوكات والنقائص التي يعلمنا بها المواطنون". وساهم تكوين 98 بالمائة من العمال والإطارات في التخفيف من النقائص، مع العلم أن التكوين يشمل حتى "طريقة الاستقبال والمحادثة مع طالب وعارض العمل على السواء"، في إطار برنامج تعاون مع الاتحاد الأوروبي.

خدمات عن بعد قبل نهاية العام 2016

في هذا الإطار، تتواصل عملية تغيير مقرات الوكالات، كما تم إنشاء "ثلاث وكالات موجهة للاطارات العليا في المدن الكبرى وهي العاصمة، وهران وسطيف"، وبذلك يمكن القول بأن نسبة التغطية "جيدة"، إلا أن ذلك لا يمنع من الطموح إلى الانتقال للخدمات عن بعد بنسبة 80 بالمائة.

حسب السيد شعلال، فإن شهر سبتمبر الجاري يشهد "المرحلة التجريبية داخل الوكالات وقبل نهاية السنة سنبدأ في الخدمات عن بعد عبر موقع إلكتروني جديد للوكالة يمكن طالب العمل من التسجيل في أية وكالة، باستثناء ولايات الجنوب العشر، كما أن التجديد يتم في كل الوكالات في أية ولاية".

ارتفاع عروض العمل بـ 10% سنويا 

وبخصوص التغير في هيكلة سوق الشغل، يرى المدير العام للوكالة الوطنية للتشغيل أن الأمور تتحسن عاما بعد آخر، حيث أن عروض العمل تعرف ارتفاعا سنويا بمعدل 10 بالمائة، في وقت تعرف نسبة طالبي العمل استقرارا. فخلال السنة الجارية ـ التي لم تنته بعد- نزلت طلبات العمل تحت المليون وارتفع عدد التنصيبات التي تجاوزت 400 ألف منذ عام 2014، هذا من جهة.

من جهة أخرى، فإن السيد شعلال يلفت الانتباه إلى مؤشر هام حصل في السنوات الأخيرة، وهو أن النسبة الأكبر من التنصيبات تتم "في القطاع الاقتصادي وليس في الإدارة". إضافة إلى ارتفاع عدد التنصيبات العادية في الاقتصاد وانخفاض التنصيبات في جهاز الإدماج المهني الذي تراجع من 600 ألف إلى 70 ألف تنصيب، بين عامي 2011 و2016.

للأزمة جوانب "إيجابية"

يرى السيد شعلال أن الأزمة الحالية التي تمر بها الجزائر كانت إلى حد ما "إيجابية" على عالم الشغل، بفضل القرارات المتخذة لتقليص الاستيراد وتشجيع الاستثمار الذي يخلق مناصب الشغل، التي تنامت في قطاعات عديدة، منها الفلاحة والسياحة وحتى النشاطات الصناعية.

ففي السابق كان توجيه أكثر من 82 بالمائة من المسجلين في برنامج الإدماج المهني إلى الإدارة، أما اليوم فإن 93 بالمائة منهم يوجهون إلى القطاع الاقتصادي و7 بالمائة فقط للإدارات العمومية.

وعن سؤالنا حول التشكيك في أرقام البطالة من طرف البعض، ذكر السيد شعلال أنه تنبأ في تصريحات صحفية سابقة بانخفاض نسبة البطالة في الجزائر، مشيرا إلى أن ذلك راجع إلى معطيات موضوعية وأرقام الوكالة. وقال في هذا الصدد "تراجع معدل البطالة ببلادنا إلى 9.9 بالمائة في 2016، حسب الديوان الوطني للإحصاء ليس غريبا بالنسبة إلينا، إنما الشيء المحير هو أن بعض الخبراء عندما يعلن الديوان عن رقم بطالة مرتفع يعتبرون أنه يملك مصداقية، وإذا انخفض يشككون فيه، بل أن الأخطر من ذلك أن بعض الأطراف تهلل وتغتبط عندما يحدث ارتفاع في البطالة". ويشير في الخصوص إلى أن الديوان يستخدم معايير دولية وفقا لشروط مكتب العمل الدولي، وأنه نفس الديوان الذي أعطى نسبة بطالة عالية سنة 1999.

كما يكشف عن أن أرقام الديوان والوكالة أصبحت تتقارب عاما بعد آخر. ففي أفريل 2016 قدرت الوكالة عدد المسجلين فيها بـ 1 008 283، فيما قدر الديوان الوطني للإحصاء عدد البطالين في نفس الفترة بـ1 198 000 شخص، مع العلم أن الوكالة تحتكم على 60 بالمائة من سوق التشغيل.

تحديد مفهوم "البطال" ضروري

يوضح السيد شعلال في السياق أنه من الضروري تحديد من يعد "طالب عمل"، ليشير إلى أن الأمر يتعلق بمن" لا نشاط له حتى وإن كان خارج الضمان الاجتماعي، وأن يقبل أي منصب عمل وأن يبحث بصفة فعالة عن عمل" لأن من لا يبحث عن عمل لا يمكن اعتباره بطالا، كما قال.

ويعترف السيد شعلال أنه من بين أسباب التشكيك في أرقام البطالة، "نقص الإعلام حول نجاحاتنا وإنجازاتنا، لقد تركنا فضاءات كبيرة للتشكيك في الأرقام من طرف أشخاص لا يملكون حتى معطيات، بل أحيانا هم بعيدون عن الواقع الجزائري وهدفهم هو البلبلة". ونفى من جانب آخر كل ما أشيع حول توقيف عقود الإدماج المهني أو العقود المدعمة، مطمئنا كل الشباب الذين لديهم عقود عمل في هذا الإطار، بتجديدها بصفة آلية، بل أن العمل يتم من أجل إعادة توجيه الموجودين في الإدارة عبر عقود عمل كلاسيكية نحو القطاع الاقتصادي. 

وعن المشاكل التي أثيرت حول التشغيل في الجنوب، قال بأنه منذ صدور تعليمة الوزير الأول، تحسنت الأمور بشكل كبير، مذكرا بأن المشاكل ناجمة عن الضغط الكبير على الشركات العمومية والناشطة في صناعة المحروقات. وأكد أن النظام المعلوماتي الذي وضعته الوكالة تحت مسمى "الوسيط" يراعي فقط "الكفاءات والأقدمية في التسجيل والتكوين، بعيدا عن أية اعتبارات غير موضوعية".

وحول تطهير قوائم المستفيدين من جهاز الإدماج المهني، كشف السيد شعلال عن أن العملية استكملت، وأنه تم إلغاء تلك الخاصة بطلاب الجامعات أو بعض المستفيدين من أجهزة التشغيل الأخرى. وأن تبادل المعلومات اليوم مع "أنساج" و"كناك" و"صناديق الضمان الاجتماعي" يسمح بالتعرف على المحتالين.