حرائر الجزائر.. بطولات عبر الزمن
تناغم مع الماضي وتحد في الحاضر
- 1541
استطاعت الجزائرية عبر الزمن، تخطي الصعاب، والارتقاء في عوالم مختلفة، سجلت، خلالها، اسمها بحروف من ذهب في مختلف مناحي الحياة؛ فالجزائرية التي تحمل جينات الشهيدات والمجاهدات لاتزال تواصل الرسالة النبيلة للتطور والرقي في المجالات التي اختارتها للعيش الكريم، والرقي بالوطن الحبيب، كل واحدة حسب اختصاصها من أبسط المهن إلى أصعبها؛ في ترابط جميل، يؤكد قوة صبرها، وتمكّنها من بلوغ الأهداف رغم الصعاب؛ فمنهن من وقفت في وجه الموت أثناء العشرية السوداء بكل حزم، لتؤكد أن حياة الآخرين والمحافظة عليها فرض وواجب وطني وإنساني؛ على غرار الطبيبات، ومن كنّ في وجه النار، كما يقال. والآن تواصل الحرائر المسيرة بخطى ثابتة وأكيدة في كل المجالات؛ سواء المتعلقة بالفن والجمال، أو التعليم والرقي بالأجيال، وكذا التعريف بجهود الآخرين، وتثمينها للحفاظ على الموروث الثقافي والتراثي الجزائري الأصيل؛ حتى لا يُنهب ولا يسرَق؛ في صورة تشجيعية للحرفيين على المواصلة وتخطي الصعاب... كما تبدع المرأة في مجالات عدة؛ حيث جعلت اليراع صديقا، يؤلف بين الأصابع أقوى الكتب والقصائد، لتؤكد للكل أن مسيرة البناء والتشييد التي عملت عليها الجدات والأمهات، قد تلقتها البنات والحفيدات، في صورة تعكس صون الأمانة، ورفع التحديات في الحاضر الذي يستوجب التسلح بالعمل، والعمل من أجل مستقبل زاهر للوطن والمواطن.
الأستاذة والباحثة نعيمة خلايفية تروي بطولات الرجال لـ"المساء": ترقَّبوا "فداء نمر" بعد "فارس حنافي فارس الثورة التحريرية"
تعمل نعيمة خلايفية، طالبة دكتوراه بكلية علوم الإعلام والاتصال، أستاذة مؤقتة بجامعة الجزائر 3، "ثانية ماستر" تخصص دراسات استراتيجية وأمنية بكلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية جامعة الجزائر 3، على التعريف ببطولات رجالات نوفمبر؛ حيث اختارت حفيدة الشهيد فارس حنافي، قائد المنطقة الرابعة للولاية الأولى، أن تكون الانطلاقة من بيئتها ومحيطها وعائلتها أيضا؛ من خلال كتاب تاريخي قيّم حمل عنوان"فارس حنافي، فارس الثورة التحريرية"، مع العمل على التحضير لمجموعة من الكتب التي تُعنى بتاريخ الثورة المجيدة.
قالت الباحثة في تاريخ الجزائر عامة وتاريخ المنطقة الرابعة الولاية الأولى على وجه الخصوص، في تصريح لـ"المساء"، إنها عمدت إلى تأليف كتاب تاريخي ثوري بعنوان "فارس حنافي فارس الثورة التحريرية"، يتحدث عن مسيرة الشهيد قائد المنطقة الرابعة للولاية الأولى الأوراس الأشم، وعن عائلته الثورية، المتكونة من تسعة أفراد، كلهم كانوا منخرطين في صفوف جيش وجبهة التحرير الوطني، "فقد كان أخوه المجاهد فارس صالح المدعو محمود الشاوي، بطل المعركة المشهورة، التي اتخذها المخرج عمار العسكري قصة لفيلمه "دورية نحو الشرق". فيلم "أو عليكم القالمة"، وقد كان مديرا لمدرسة الأرتفيس المعروفة بالمدرسة الحربية الخاصة بالمتفجرات الصناعية بتونس، والتي لعبت دورا بارزا في تكوين الطلبة والقيادات أثناء الثورة التحريرية.وتواصل الأستاذة التعريف بما جاء به الكتاب من معلومات قيمة، يستفيد منها الأجيال في معرفة بطولات الرجال قائلة: "يتحدث الكتاب، أيضا، عن المعارك التي قادها الشهيد وخرج منها منتصرا؛ منها معركة لخوابي، ومعركة بوتخمة، ومعركة جبل الكاف لحمر، ومعركة جبل بن صحراء، ومعركة الحدود التونسية لجلب الأسلحة القادمة من تونس، وإيصالها إلى منطقة الأوراس، وغيرها من المعارك الكبرى".
وتسترسل الأستاذة خلايفية المرأة العاشقة للتاريخ قائلة: "يتحدث الكتاب عن الصفات والخصال التي كان يتميّز بها الشهيد؛ إذ كان منخرطا في صفوف حرب الهند الصينية وعمره لم يتجاوز 21 سنة، عاد منها بخبرة سبع سنوات في الشؤون العسكرية والمهارات القتالية. كما يتحدث الكتاب عن تاريخ "الحراكتة"، وتاريخ منطقة الأوراس وأصولهم".وكان للشعر الشعبي وما خلّد به الأبطال نصيب. وعنه قالت الأستاذة: "هناك، أيضا، فصل مخصّص للأشعار التي كان يرددها الشهيد فارس حنافي رفقة الجنود والشهداء الذين كانوا برفقته، وغيرها من المعلومات التاريخية عن ثورة نوفمبر المجيدة". وفي ما يخص الرابط بين الإعلام واهتماماتها التاريخية تقول الأستاذة: "بالنسبة لاهتماماتي بالجانب الإعلامي والأكاديمي، فقد كانت تصبّ في جانب البحث التاريخي للمسيرة الحافلة بكفاحات شهدائنا الأبرار ومجاهدينا البواسل، والتي تجسدت كلها في المؤلَّف الأول المعنون بـ "فارس حنافي فارس الثورة الجزائرية" والذي صدر عن "دار الهدى" بعين مليلة في ماي 2022، لتكون الطبعة الثانية عن دار "دروب" للنشر، ومكتبة عراس للتوزيع والنشر".
وعن الأعمال المختلفة التي تحضّر لها الأستاذة الباحثة قالت: "بالنسبة للإصدارات قيد الإنجاز، هناك إصداران؛ الأول بعنوان "فداء نمر"، ويروي مسيرة الشهيد مصطفى لكحل المعروف بسعيدي الجموعي ابن مدينة عين البيضاء، الذي لعب دورا كبيرا في الكفاح والنضال بمنطقة البويرة والأخضرية، وأُعدم رفقة العقيدين عواشرية ولعموري. أما الإصدار الثاني فسيكون برفقة البروفيسور عمار عبد الرحمان، وهو عبارة عن قراءة تحليلية لبيان أول نوفمبر".
وفي ما يخص مشاركتها في صالون الكتاب الذي احتضنته كلية الإعلام والاتصال مؤخرا إحياء لليوم الوطني للشهيد، فقالت: "تلقينا دعوة للمشاركة بمعرض خاص بالشهيد الجد فارس حنافي، قمت خلاله بالتعريف ببطولات الشهيد وإخوته في الحرب التحريرية المباركة؛ إذ عمدنا إلى عرض أغراضه الخاصة؛ من ملابس وقشابية وحايك، وحتى الأواني التي كان يتناول فيها أهله وإخوته المجاهدون الطعام، إلى جانب عرض مجموعة من الصور، وقصاصات الجرائد التي صدرت خلال تلك المرحلة، والوسائل الإعلامية التي كانت تُستخدم أثناء ثورة نوفمبر المجيدة؛ حتى يتسنى لطلبة الاتصال معرفة الحقل الإعلامي في تلك المرحلة، وكيف كان يُنظر إلى الثورة الجزائرية المباركة".