فتح فروع بالخارج لمرافقة المصدرين وجلب استثمارات

رقمنة البنوك.. شفافية وأداء أكفأ

رقمنة البنوك.. شفافية وأداء أكفأ
  • القراءات: 319 مرات
زولا سومر زولا سومر

* مناطق التبادل التجاري نافذة الجزائر على افريقـيا

* مؤشرات تؤكد توجه الاقتصاد نحو النجاعة والتنافسية

عرفت السنوات الأربع الأخيرة مؤشّرات إيجابية في المجال الاقتصادي من خلال عصرنة القطاع المالي وإدخال الرقمنة لإضفاء طابع الشفافية في تسيير المال، بالإضافة إلى الانفتاح على الأسواق الخارجية وإقامة مناطق تبادل تجاري حر، في خطوة للتعريف بالإنتاج الجزائري وترقية الصادرات خارج المحروقات. وهو ما جعل الجزائر تسجّل نسبة نمو بلغت 4.2 بالمائة، رغم الظروف الصعبة التي عرفتها البلاد بعد تراجع أسعار النفط والتي تركت مخلّفاتها إلى غاية 2020.
أكّد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، منذ اعتلائه سدّة الحكم على ضرورة الإسراع في رقمنة كلّ القطاعات الاقتصادية والمالية لإزالة “الضبابية المفتعلة” في هذه القطاعات وتكريس الشفافية قصد النهوض بالاقتصاد الوطني.
وشرعت الجزائر منذ 2020 في إصلاحات اقتصادية “هيكلية” متّخذة “التحوّل الرقمي” كمفتاح لهذه الإصلاحات، حيث حظي القطاع المصرفي بحصة الأسد في هذا التوجّه، وتجلى ذلك من خلال صدور نصوص تشريعية وتنظيمية تسهّل مواكبة متغيّرات البيئة البنكية الجديدة، وانخرطت أغلب البنوك الجزائرية في هذا المسعى من خلال وضع خطط لتطوير أدائها وخدماتها بما يتماشى ومتطلّبات الاقتصاد الرقمي حيث أسّست هذه البنوك خدمات عن بعد ومنصات رقمية وتطبيقات تلبي احتياجات العملاء بالكفاءة والفاعلية المطلوبة.
ووجّه وزير المالية لعزيز فايد، مؤخّرا، تعليمات إلى المديرين العامين للبنوك العمومية، ومسؤولي شركة النقد الآلي والعلاقات التلقائية بين البنوك وهيئة ضبط النقد الآلي وشركة الخدمات البنكية، بضرورة دفع وتيرة جميع الأعمال قيد الإنجاز فيما يتعلّق بالدفع الإلكتروني ومراعاة الآجال المحدّدة. ملحّا على تنفيذ خارطة برنامج تطوير وسائل الدفع الإلكتروني، تماشيا مع التزامات رئيس الجمهورية ذات الصلة بإصلاح القطاع البنكي وعصرنته، وتناول مدى تحقّق الأهداف المسطّرة في هذا الشأن.
وتتمحور خارطة طريق الاستراتيجية الوطنية لعصرنة الدفع حول خمسة محاور رئيسة، كاعتماد إطار تنظيمي يتعلّق بالدفع الإلكتروني، وتحديث البنية التحتية النقدية، وتطوير التكنولوجيات الحديثة للدفع، وكذا تطوير رقمنة تدفّق الدفع، بالإضافة إلى ترقية الثقافة المالية ذات الصلة بالدفع الإلكتروني.
وعرفت المنظومة البنكية الوطنية عصرنة الخدمات والبنية التحتية في إطار مسار الرقمنة، بهدف تعزيز مؤشّرات الشمول المالي، معه السعي لتعميم مشاريع المدن النموذجية لتطوير الدفع الإلكتروني عبر الوطن. علما أنّ قطاع المالية يعمل على وضع نظام قانوني قويّ لتأطير الدفع الالكتروني في الجزائر مع تشجيع الابتكار والتنافسية.

بنوك بالخارج للانفتاح على الأسواق وترقية الصادرات

تتّجه الجزائر في المدة السنوات الأخيرة إلى الانفتاح على الأسواق الخارجية بهدف ترقية الصادرات خارج المحروقات من خلال تحفيز المتعاملين الاقتصاديين ومرافقته في الأسواق الخارجية، وذلك من خلال فتح بنكين جزائريين ومعرضين تجاريين دائمين بموريتانيا والسنغال، والتحضير لفتح بنك آخر بفرنسا هذه السنة بعد الحصول على التراخيص اللازمة من طرف البنك المركزي الأوروبي، بالإضافة إلى فتح بنك آخر بالصين، في انتظار الانتهاء من إعداد الدراسات المتعلّقة بمشروع فتح بنك جزائري بكوت ديفوار إلى جانب تحضير فرع بنك الجزائر الخارجي لفتح خمس وكالات تابعة له في المدن الفرنسية التي تحتضن عددا كبيرا من الجالية الجزائرية.
وتعدّ هذه المشاريع خطوة في مسعى الجزائر لتوطيد علاقاتها الاقتصادية مع دول القارة الإفريقية والأوروبية التي تتواجد بها الجالية الجزائرية وكذا الصين الذي يعدّ أهم شريك اقتصادي للجزائر. وتعتبر دعما لحضور المنتوج الوطني الذي يحظى بمزايا تنافسية، وهو ما يفتح الباب لتجسيد استثمارات جزائرية بهذه الدول، إذ من شأن هذه المرافق التجارية والمالية أن تشكّل منصات لمرافقة المؤسّسات الجزائرية خاصة الصغيرة والمتوسّطة المصدّرة، مع إمكانية تحديد فرص للاستثمار الجزائري.
ويبقى للبنوك الجزائرية في الخارج دور هام في مساعدة المستثمر الجزائري في استكشاف ودراسة الأسواق وإقامة مشاريع في الخارج، علاوة على كونها تشكّل عامل ضمان وتأمين للتعاملات المصرفية للمؤسّسات الجزائرية.

مناطق التبادل الحر.. خطوة لرفع جاذبية السوق

بعد انضمامها لمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية في 2023، سطّرت الجزائر برنامجا لإنشاء مناطق حرّة للتبادل خلال السنة الجارية، بينها وبين موريتانيا، ودول الساحل، مالي، والنيجر، بالإضافة إلى دولتي تونس وليبيا.
وتعد هذه المناطق جزءا من مشروع كبير تتصوّره الدولة الجزائرية لإحداث تكامل اقتصادي على غرار الطريق العابر للصحراء وخط أنابيب الغاز الرابط بين نيجيريا والجزائر ومشاريع ضخمة أخرى تعمل الدولة على تجسيدها.
وتهدف الجزائر من خلال إنشاء هذه المناطق على غرار الظفر بحصص اقتصادية في السوق الإفريقية لتشجيع التبادلات التجارية على وجه الخصوص، للقضاء على التهريب والإجرام ومشاكل أخرى عن طريق التنمية الاقتصادية وخلق مناصب شغل بتكوين نشاط اقتصادي هادف.
ولتجسيد هذا المشروع تم تكوين فوج عمل متعدّد القطاعات للعمل على وضع الإطار القانوني لإنشاء هذه المناطق الحرّة في الجنوب الجزائري، وجرى على إثر ذلك وضع قانون رقم 22-15 سنة 2022 والذي تم بموجبه تحديد القواعد المنظّمة للمناطق الحرة، حيث تضمّن هذا القانون أهم  المحاور الخاصة بالتعريف بهذه المناطق وآليات إنشائها ونطاقها الجغرافي وامتيازاتها وآليات تسييرها ونظام التشغيل بها. حيث تم إعطاء الأولوية للبعد الاستراتيجي لولاية تندوف التي ستكون الرابط بين الشمال الجزائري وشمال إفريقيا الغربية.
وستكون هذه المناطق الحرة عبارة عن مدن فيها كلّ ما يجب أن يكون من حيث الهيكلة ومن حيث اللوجستيك والبنية الاقتصادية والترفيهية بحركية كاملة، وستتضمّن تحفيزات قانونية حيث سيكون لها قانون خاص لتحقيق الهدف المرجو من إنشائها لإستقطاب أكبر قدر ممكن من الاستثمارات وستكون هناك مناطق خاصة بالصناعة والاستثمار الأجنبي ومناطق أخرى خاصة بالتخزين وبالنشاطات التجارية وفنادق .
وسيستفيد المتعاملون الاقتصاديون من جملة من التسهيلات حتى يخوضوا معركة التبادل التجاري على غرار التسهيلات الجمركية، حيث ستتخلى بعض الدول عن مداخليها الجمركية لصالح تحفيز التبادل الحر، وستشمل التخفيضات حوالي 90 بالمائة من المنتوجات إما بطريقة مباشرة أو تدريجية، حسب كلّ دولة وقوّتها الاقتصادية.

اعتراف دولي بالمنحى التصاعدي للاقتصاد الجزائري

عرف الاقتصاد الجزائري منذ 2020 مؤشّرات إيجابية باعتراف الهيئات الاقتصادية والمالية الدولية على غرار البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، رغم الظروف الصعبة التي عصفت بالعديد من الاقتصادات بسبب جائحة “كورونا”.
وتمكّنت الجزائر من الحفاظ على توازنها الاقتصادي في فضاء عالمي اقتصادي تميّز بالهشاشة وذلك بفضل تسطيرها لاستراتيجية تعزيز الانتاج الوطني من خلال مختلف آليات الدعم والتحفيز لترقية الصادرات خارج المحروقات التي تجاوزت لأوّل مرة السنة الماضية عتبة 1 مليار دولار الى ما قيمته 7 مليار دولار.
واستطاعت الجزائر اليوم، أن تكون ثالث اقتصاد في إفريقيا بعد كلّ من جنوب إفريقيا ومصر، بفضل نسبة نمو بلغت 4.2 بالمائة واحتياطي صرف بلغ قرابة 70 مليار دولار، ناتج محلي إجمالي انتقل من 164 مليار دولار سنة 2015 إلى 260 مليار دولار في أواخر 2023 محقّقا قفزة نوعية، ومن المتوقع أن يصل في الفترة الممتدة ما بين 2026 و2027 إلى 400 مليار دولار، وهو ما من شأنه أن يفتح آفاقا أخرى للاقتصاد الوطني وينعكس على تحسن الدخل الفردي للجزائريين.