لإبداع ملاحم وبطولات حرب التحرير

فحول شعراء الثورة يلهمون الشعراء الشباب

فحول شعراء الثورة يلهمون الشعراء الشباب
  • 5944

أكد مشاركون في الطبعة الثانية للقاء الجهوي حول "الشعر الثوري" التي افتُتحت أمس بقصر الثقافة عبد الكريم دالي لتلمسان، أن فحول شعراء الثورة الذين عايشوا الأحداث وخلّدوها بقصائدهم، صاروا يلهمون الشعراء الشباب في إبداع ملاحم وبطولات حرب التحرير.  

وخلال هذا اللقاء الدراسي الذي ينظم طيلة يومين إحياء للذكرى الـ 61 لاندلاع الثورة التحريرية المظفرة، أوضح المتدخلون أن الشعراء الشباب من جيل الاستقلال، قد "تشبّعوا بأفكار ومبادئ أسلافهم، وارتووا من عاطفتهم الوطنية الجياشة، وراحوا ينظمون قصائد تخلّد بطولات الشهداء والمجاهدين الذين ضحوا من أجل استقلال الجزائر".

وكنماذج من شعراء الثورة قدّم الحسين العلام من جامعة مستغانم، محاضرة بعنوان "جون سيناك (1926-1973) الشاعر المفتون بالثورة الجزائرية: حياته وشعره"، أبرز من خلالها أن هذا الشاعر تحمّس لكتابته ألبير كامو، الذي نشر له سنة 1954 ضمن سلسلة "آمال" التي كان يشرف عليها لدى دار الطبع "غاليمار"، أول مجموعة شعرية متكاملة بعنوان "أشعار".  

لكن سرعان ما دب الاختلاف بين الرجلين بسبب موقف كامو ضد الثورة الجزائرية؛ الشيء الذي أدى بسيناك إلى مغادرة فرنسا والعودة إلى مسقط رأسه الجزائر؛ حيث خاض "معركة الجزائر" إلى جانب بن مهيدي وبوحريد وأودان، كما أضاف المحاضر الذي ذكر بأن سيناك أشرف على المطبعة السرية لجريدة "المجاهد" الناطقة باسم الثورة الجزائرية، وأسس مجلة شعرية تتغنى بمناقب الشهداء. 

وسجل الشاعر المرحوم جمال عمراني (1935-2005) للثورة التحريرية بأشعاره؛ حيث قال عنه المحاضر مبخوثي نور الدين من جامعة تلمسان، إنه عايش فترة الاستعمار، ونشط في الحركة الوطنية إلى أن ألقى المستعمر عليه القبض سنة 1957، وتعرض للتعذيب؛ الشيء الذي زاد من صلابته وحفّزه على المقاومة بالكلمة، فصدر له أول كتاب بعنوان "الشاهد" في 1960، ثم مجموعة شعرية عنوانها "إقامة مؤقتة في اليقين" و«الغروب الأخير" و«في اتجاه المنبع". 

وشكّل هذا اللقاء الدراسي المنظم من طرف قصر الثقافة لتلمسان بالتنسيق مع النادي الأدبي "الأنوار" تحت شعار "الإبداع الشعري سجل النضال الثوري"، مناسبة لعدد من الشعراء الشباب القادمين من مختلف ولايات الغرب، أن يقدموا قصائد من الشعر التقليدي أو الحر أو الملحون حول الثورة وبطولاتها ورجالها البواسل، أمثال أحمد زبانة والعربي بن مهيدي وعميروش ولطفي.

التراث الشعبي عكس بصدق أهداف ثورة التحرير

أكد أساتذة جامعيون مشاركون في أشغال الطبعة الثانية للملتقى الجهوي الحاج بورقعة (1903-1991) أمس السبت بسوق أهراس، أن التراث الشعبي "زاد رئيس"، عكس بصدق غايات وأهداف ثورة التحرير الوطنية في الفاتح من نوفمبر 1954. وأوضح الأستاذ ميلود قيدوم من جامعة "8 ماي 1945" بقالمة خلال أشغال هذا الملتقى الذي افتتح سهرة أمس الجمعة ونشطه عدد من الأساتذة من جامعات كل من قالمة والمدية وعنابة وأم البواقي وسوق أهراس، أن الشعر الشعبي "الملحون" عبّر عن كل جزئية سواء الذي ارتبط بالإنسان الذي يُعد النواة الأولى لتفجير الثورة أو بالثورة نفسها التي استجابت لرغباته وحققت رؤية كان يحلم بها. 

ودعا المحاضر في هذا اللقاء الذي بادرت بتنظيمه كل من مديرية الثقافة ودار الثقافة لسوق أهراس بمناسبة إحياء الذكرى الـ 61 لاندلاع ثورة أول نوفمبر 1954، إلى ضرورة الاهتمام بالثقافة الشعبية؛ لما تمثله من زخم ثقافي، جسّد بحق صورة الجزائري والجزائر عبر حقب من الزمن. واستعرض المشاركون في أشغال هذا الملتقى، حياة ومآثر الشاعر والفنان بورقعة، الذي تغنى بالوطن والثورة والحب؛ حيث اعتبروا أن الشعر الشعبي المواكب لثورة التحرير الجزائرية واستقلال البلاد، يُعد "وثيقة تاريخية تؤرخ لهاتين المرحلتين من تاريخ الجزائر"، مضيفين أن شعراء الشعر الشعبي "تغنوا بالثورة، وعبّروا عن فرحتهم بالاستقلال، كما قدّموا ملاحظاتهم لتوحيد الصفوف ولم الشمل من أجل بناء الجزائر"، وأن الشاعر الشعبي في ذلك الوقت، كان يغتنم الفرص ليشيد بالأبطال الذين التحقوا بالثورة، ويحث الشباب على الانخراط في صفوفها. 

من جهته، أوضح الأستاذ جلال خشاب من جامعة سوق أهراس، أن الحاج بورقعة الذي ولد بمنطقة النشعة بعرش أولاد ضياء ببلدية عين الزانة بسوق أهراس، أكسبته الحياة دروسا وتجارب أهلته لحيازة نبوغ في هذا اللون التعبيري من الشعر، مشيرا إلى أن اسم هذا الشاعر اقترن بتسمية "بورقعة"؛ لأنه كان منذ طفولته يرتدي لباسا "مرقعا" كغيره من أبناء عصره، وعاش محروما من أبسط سبل العيش في ظل وضع استعماري رهيب؛ حيث اشتغل بالرعي وهو صغير، ليضمن قوت أفراد أسرته.  

أما الأستاذ الصادق خشاب من جامعة المدية، فدعا في مداخلة له بعنوان "ملامح ثورة التحرير الجزائرية في الإبداع الشعبي"، إلى ضرورة الاهتمام بالأدب الشعبي، لاسيما الشعر والقصة الشعبية التي تناولت معارك وأحداثا بارزة في ثورة الأول من نوفمبر 1954، مشيرا إلى أن هذا الرصيد التراثي يُعتبر شاهدا من شواهد الثورة. 

وتُوّجت أشغال هذا الملتقى بإصدار توصيات تضمنت الدعوة إلى العمل على ترقية الصوت الشعري الشعبي الذي يمثل رافدا من روافد الهوية الوطنية؛ من خلال توثيقه في أعمال سمعية - بصرية لما له من أهمية في الثقافة الشعبية، والتي مازال النصيب الأوفر منها شفويا، وتنظيم مسابقات فنية وإبداعية في المجال، وإقامة ورشات بحثية تتناول موضوعات دقيقة ذات الصلة بالموضوع. وقد افتُتحت فعاليات هذا الملتقى مساء أمس الجمعة باستعراض لفرق فلكلورية من ولايات تبسة وأم البواقي وخنشلة وباتنة وسوق أهراس، انطلاقا من زاوية سيدي مسعود بوسط المدينة، مرورا عبر الشوارع الرئيسة إلى غاية قاعة المحاضرات "ميلود طاهري".