تحت لواء الاحتفال بالستينية

نشاطـات دوليـة وازنـة في الفكر والثقافة

نشاطـات دوليـة وازنـة في الفكر والثقافة
  • القراءات: 552
دليلة مالك دليلة مالك

تحقّقت في الذكرى الـ60 لاسترجاع السيادة الوطنية (1962_2022) العديد من الإنجازات التي شهدها العام الجاري (من 5 جويلية 2022 إلى 5 جويلية 2023)، على الصعيدين الفكري والفني، وقد انتعش المشهد الثقافي بنشاطات دولية وازنة، تمثلت في خمسة ملتقيات دولية، وإنتاج أفلام روائية ووثائقية، وإنتاج أيضا أعمال مسرحية تهتم بمواضيع تخصّ الثورة الجزائرية.

لعلّ أهمّ التظاهرات التي جاءت تحت لواء الاحتفال بالستينية، الندوات الدولية لعدد من المواضيع الهامة، والتي خلقت حدثا ثقافيا وفكريا بالغ الأهمية من الناحية الأكاديمية والبحثية، وبلغت خمسا، إذ أثّث الملتقى الدولي حول فكر العلامة الجزائري الإمام محمد بن عبد الكريم المغيلي، الذي رعته رئاسة الجمهورية، المشهد الثقافي الجزائري، وقد حمل عنوان “الحوكمة واستقرار المجتمعات الأفريقية ووحدتها”، وتمّ احياء يومي 12 و13 ديسمبر 2022 في الجزائر العاصمة مسار ودور الشيخ المغيلي في نشر الإسلام في إفريقيا وإبراز قيم الحوار والتسامح التي ميّزت الخطاب الديني الوسطي لهذا العالم الجزائري الذي اشتهر بالمناظرات العلمية وبالترحال في بلدان العالم الاسلامي وما وراء الصحراء الافريقية ناشرا للإسلام.

إلى جانبه، نُظّم الملتقى الدولي “المقاومة الثقافية في الجزائر خلال الثورة التحريرية، نضال من أجل التحرّر”، برعاية الوزارة الأولى، يومي 5 و6 جوان 2023، وحاول المشاركون رصد مظاهر المقاوَمة الثقافية خلال الثورة الجزائرية (1954 - 1962)، والتي شملت مجالات الفكر والأدب والسينما والمسرح والفنون التشكيلية، وامتدّت من الجزائر إلى أقطار عربية وأجنبية.

وتُوّج هذا الملتقى الدولي بجملة من التوصيات، أهمّها الدعوة إلى إنجاز معجم يعرّف بأصدقاء الثورة التحريرية المظفّرة، وكلّ من كانت لهم مواقف داعمة لحق الشعب الجزائري في الحرية آنذاك، فضلا عن تنظيم مسابقة وطنية في موضوع المقاومة الثقافية، فضلا عن الحرص على مواصلة تنظيم الملتقى بشكل دوري كل سنة، وطبع محاضرات الملتقى ورقيا وإلكترونيا، مع توزيع المطبوعات داخل وخارج الجزائر؛ قصد تثمين مشاركات الأساتذة، وتعميم الفائدة على كل المهتمين بموضوع المقاومة الثقافية في الجزائر، علاوة على توسيع المشاركة العربية والأجنبية التي ساهمت في خدمة الثورة الجزائرية.

أما الملتقى الدولي حول “أصدقاء الثورة الجزائرية”، فقد دعا المشاركون إلى تأسيس جمعية دولية لأصدقاء الثورة الجزائرية “صوناً للذاكرة المشتركة”. وجاء في التوصيات كذلك “التأكيد على أهمية تفعيل تجربة أصدقاء الثورة الجزائرية وتأطير هذا الزخم التاريخي من خلال تأسيس جمعية دولية لأصدقاء الثورة الجزائرية، صونا للذاكرة المشتركة وإحياء للقيم التي آمنوا بها وضحوا من أجلها”،  إلى جانب “إنجاز معلم تاريخي يخلّد أصدقاء الثورة وتسمية المؤسّسات والأماكن العمومية بأسمائهم وإنشاء بنك معلومات ومنصة إلكترونية توثق سير ونضال أصدقاء الثورة الجزائرية حفاظا على قيم الثورة السامية ومُثلها العليا”.

أما الندوة الرابعة فجاءت تخليدا للذكرى الـ75 للنكبة الفلسطينية تحت شعار “النكبة جريمة مستمرة والعودة حق”، وإبرازا للتواطؤ الدولي في قيام الكيان الصهيوني ونكبة فلسطين، وفضح جرائمه في الأراضي الفلسطينية المحتلة والتأكيد على مواقف الجزائر شعبا وحكومة، الداعمة والمساندة للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، إلى جانب التشديد على ضرورة لم الشمل العربي والفلسطيني لنصرة قضيته. ودعا الفلسطينيون المشاركون في الندوة إلى تحقيق المصالحة الوطنية تنفيذا لـ"إعلان الجزائر” الذي رعاه رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، ووقعت عليه الفصائل الفلسطينية بالجزائر في أكتوبر 2022.

وأخيرا، الملتقى الدولي المنظّم حول الألغام تحت شعار “من أجل إفريقيا آمنة وخالية من الألغام، الجزائر تجربة رائدة في مكافحة الألغام المضادة للأفراد”. بإشراف من وزارة المجاهدين وذوي الحقوق الجزائرية بالتنسيق مع وزارتي الدفاع الوطني والشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، مطلع جوان 2023.

وقدّم الخبراء المشاركون في الملتقى الدولي حول الألغام، جملة من التوصيات، لاسيما الاستفادة من التجربة الجزائرية في مجال نزع الألغام، بهدف معالجة هذه المشكلة بشكل أفضل في إفريقيا. كما دعوا إلى المبادرة ببدء حوار مع المنظمات والوكالات الأممية، وحظر استعمال كل المواد المتفجر”، علاوة على تعزيز التنسيق والعمل المشترك، من أجل قارة آمنة وخالية من الألغام.

بخصوص مجال السينما وستينية الاستقلال، كانت وزيرة الثقافة والفنون صورية مولوجي قد قالت إنّ الشق المتعلق بالسينما يتضمّن إنتاج 11 فيلما سينمائيا، متنوّعة بين الروائي الطويل والروائي القصير، إضافة إلى 6 أفلام وثائقية. كما نُظّمت ورشات تكوينية في مهن السينما في العديد من الولايات، ضمن قوافل سينمائية.

وإلى حين عرض الأفلام المبرمجة ضمن الاحتفالات بستينية الاستقلال، المقرّر في الذكرى الـ61، وعددها 11 فيلما روائيا، و6 أعمال وثائقية، خصّص المسرح الوطني الجزائري “محي الدين بشطارزي” شهرا كاملا لعرض المسرحيات الـ16 المخصّصة للاحتفال نفسه، وهي من إنتاج المسارح الجهوية الموزّعة في الوطن، وشارك فيها العديد من الممثلين والمخرجين ومهني المسرح، بميزانية 92 مليار سنتيم.