مقهى في أعماق الأرض
- 477
يجتمع عمال منجم النحاس وزوارهم داخل مقهى فريد من نوعه، محفور في الصخر بمدينة بور شرق صربيا، لشرب القهوة في باطن الأرض على عمق 400 متر عن ضوء الشمس.
يحمل المقهى اسم ”ذي بيت” (بئر المنجم)، ويلتقي فيه العمال والزوار احتفاء بحب الصرب لهذا المشروب. فعلى طاولاته الخشبية الطويلة، يمكن لعمال المناجم وزوارهم الجلوس معا واحتساء مشروبات ساخنة، وتدخين سيجارة في باطن منجم ”آر.تي.بي بور” أحد أكبر مناجم النحاس في أوروبا.
فتح المقهى أبوابه عام 2012، من أجل السماح للعائلات والسياح بنسج روابط بينهم وفهم عملهم بشكل أفضل، وأوضحت غوريتسا تونسيف فاسيليتش، مسؤولة العلاقات العامة في المنجم ”أردنا أن يتمكن المهتمون بالنزول إلى منجم ولم يسبق لهم أن فعلوا ذلك، حتى يروا ويشعروا بأجوائه”، وأكدت ”يعمل عمال المنجم فوق المقهى وتحته، إذ يبقى الإنتاج هو الأولوية”، ويعتمد سكان مدينة بور على المنجم اقتصاديا منذ فترة طويلة، لكن أكثر من 95 بالمائة منهم لم يدخلوا إليه يوما.
نزل منذ عام 2012 حتى الآن أكثر من خمسة آلاف زائر إلى أعماق المنجم، لاحتساء فنجان قهوة بالمجان، من بينهم سياح أجانب ومشاهير محليون، ويستقبل عمال المنجم الزوار بالترحاب، مشددين على أجواء المنجم المختلفة تماما بفعل الرطوبة والغبار والظلام.
قال نيمانيا ردويسيتش الذي يعمل في المنجم منذ خمس سنوات ”الأمر مختلف تماما هنا”، فالعتمة حالكة واحتمال الإصابة كبير جراء تساقط صخور ناجم عن انفجار. وعلّق؛ في المصعد الذي ينزل عمال المناجم إلى مكان عملهم لوح كتب عليه ”حظ سعيد”.
يواجه المنجم إلى جانب الخطر اليومي الذي يتعرض له عماله تحت الأرض، صعوبات مالية منذ سنوات عديدة. يعتمد قطاع السياحة في صربيا بشكل رئيسي على القرى والجبال أي الريف، إلا أن هذا المقهى في شرق البلاد، يحمل السياح على القيام بتجربة فريدة من نوعها، تجعلهم يحظون بفرصة الاستمتاع بمشروب ساخن في باطن الأرض، إلى جانب التعرف عن كثب على حياة مختلفة محاطة بالظلام والخطر.