الخبير الأمني أحمد كروش لـ "المساء":
مقتل دروكدال قد يوقف ظرفيا النشاط الإرهابي في الساحل
- 2953
أكد الخبير الأمني، أحمد كروش، في حوار مع "المساء"، أن مقتل أمير ما يسمى بـ: "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي"، عبد المالك دروكدال، في عملية فرنسية بشمال مالي، سيترتب عنه تقليص التنظيم لنشاطه في الفترة القادمة إلى غاية إعادة تنظيم نفسه وتعيين خليفته، مقدرا بأن دول الساحل وليبيا تبقى تشكل ساحة للأهداف الأولى للتنظيم بالنظر لهشاشتها الأمنية وعدم استقرارها داخليا، عكس الجزائر التي يمتاز جيشها بقوة وخبرة واستراتيجية استباقية في تأمين حدود ومحيط الوطن. وربط الخبير طول مدة نشاط هذا التنظيم بالدعم المتعدد الذي يتلقاه من استخبارات الدول الأجنبية التي تستغل مثل هذه الجماعات للتأثير على استقرار الدول وإخضاعها لأجنداتها ومصالحها..
* المساء: كيف تلقيتم نبأ مقتل عبد الملك دروكدال، زعيم ما يسمى بالقاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، ومن هو هذا الإرهابي الذي لقي مقتله صدى إعلاميا كبيرا؟
** أحمد كروش: نبأ مقتل الإرهابي الدموي المدعو عبد الملك دروكدال والمكنى أبومصعب عبد الودود، تلقيناه بارتياح. فهذا الإرهابي الذي تلطخت يداه بدماء الجزائريين، مارس الإرهاب لمدة تقارب ثلاثة عقود، كلها قتل ونهب وتفجير ورعب. واعتقد أن خبر مقتله نزل بردا وسلاما على قلوب الجزائريين الذين عانوا من شر هذا الشخص وجماعته. فهو كما هو معروف، كان ينتمي إلى أكبر الجماعات المسلحة الأكثر دموية التي عاثت في الأرض فسادا. كان ينشط تحت لواء الجماعة الإسلامية المسلحة المعروفة بـ "الجيا"، وهذه الجماعة يعرف كل الجزائريين مدى بشاعتها وشناعة جرائمها خلال العشرية السوداء، من قتل وحرق وارتكاب مجازر جماعية وحرق للمصانع ونهب وسلب واعتداء على الأعراض.. ومجازر بن طلحة والرايس وبني مسوس وغليزان وكل بقعة في أرض الجزائر شاهدة على جرائم هذه الجماعة الإجرامية.. ومنها انتقل إلى فصيل الجماعة السلفية للدعوة والقتال ورفض تسليم السلاح والاستجابة إلى نداء السلم والمصالحة وما عرف بالوئام المدني، حيث بقي في إجرامه مع جماعته إلى أن أصبح أميرا عليها سنة 2004.
وبعد تضييق الحصار عليه بفعل ضربات الجيش وأجهزة الأمن وكذا نقص موارد التمويل التي كانت تحصل من نهب البنوك والأفراد، لجأ إلى التمويل الأجنبي، فبايع أمير القاعدة سنة 2007 وغير اسم تنظيمه إلى اسم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، وهنا جاءه الدعم من التنظيم الدولي وفتحت شهيته للقتل والتفجير ونشر الرعب بين الجزائريين وانتعشت تجارته في التفجيرات والقتل والهجوم على المؤسسات الأمنية وحتى الأماكن السيادية للدولة، كالمحكمة العليا ومقر هيئة الأمم المتحدة بالجزائر. زيادة على خطف الرهائن وطلب الفدية من دولهم لتمويل تنظيمه والتحالف مع الجريمة المنظمة العابرة للحدود في تجارة المخدرات وتهريب العملة والإتجار بالبشر وتهريب الأسلحة، فكانت الجماعات الإرهابية وجماعات الجريمة المنظمة وجهان لعملة واحدة، وجدت مصادر التمويل المالي.
وقد اتسعت منطقة نشاط هذا الفصيل، حيث انتقل إلى الصحراء بعد التضييق عليه في الشمال وتكثيف الضربات الاستباقية على جماعته وتضييق الخناق عليهم برصد تحركاتهم وتفكيك شبكات الدعم لهم، وبأوامر من مشغليه، حيث لا ننسى أنه كان يحمل رقم عميل سري، لإحدى المخابرات الأجنبية من دول جوار الجزائر، وسع عملياته داخل الصحراء الجزائرية وضرب المنشآت البترولية لشل الاقتصاد الجزائري والانخراط في التهريب والعمل مع جماعات الجريمة المنظمة.
ربما كان أمل الجزائريين هو أن تقتص منه العدالة الجزائرية. وتكون نهايته بتنفيذ أحكام الإعدام الغيابية الصادرة في حقه من المحاكم الجزائرية، لكن المهم أن العدالة الإلهية اقتصت منه ولقي حتفه وأثلج قلوب العائلات وكل الجزائريين الذين عانوا من جرائمه.
* كيف انتقل هذ التنظيم من الجزائر إلى دول الساحل وأمن تحركاته هناك ؟
** بعد إسقاط النظام في ليبيا من طرف "الناتو" وكانت فرنسا رأس الحربة فيه، بمباركة من الجامعة العربية وقرار مجلس الأمن بضرب الجيش الليبي وقتل الرئيس الليبي معمر القذافي، أصبحت ليبيا مخزنا كبيرا مفتوحا للأسلحة بكل أنواعها، الخفيفة والمتوسطة وحتى الثقيلة وكذا الذخائر من كل الأنواع. وأصبحت منطقة جذب لكل المخابرات الدولية ولكل مسميات الجماعات الإرهابية. وبهذا السلاح تم تقويض الأمن في مالي ووقع تمرد في شمال مالي، حيث وجد تنظيم دروكدال المجال واسعا لتحركاته وتمويله.
وأصبح ينشط في كل مناطق شمال إفريقيا ودول الساحل، وازدادت موارده المالية وربط تحالفات مع جماعات مسلحة أخرى. وبعد التدخل الفرنسي في مالي في عملية "سيرفال" ومن بعدها عملية "برخان" بقوة عسكرية قوامها وصل إلى حد الآن إلى 5200 جندي، ازداد نشاط هذه الجماعات، في شمال مالي الذي أصبح معقلا لهم، مع توسيع العمليات إلى كل دول الساحل باعتبارها بنت تحالفات مع فرنسا من خلال تكوين مجموعة الخمس لقوة عسكرية لدول الساحل.
وبعقده لتحالف مع جماعات قتالية محلية من شمال مالي، بـ"نصرة الإسلام والمسلمين"، زادت هجمات هذا التنظيم على الجيش المالي وعلى قوات مجموعة الخمس لدول الساحل والقوات التابعة لبعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما) وحتى على السكان المحليين غير الموالين لهم ووصلت عملياتهم الإرهابية إلى دول وسط وغرب إفريقيا زيادة عن ليبيا وتونس.
* ما هو تأثير مقتل عبد المالك دروكدال على أمن واستقرار الجزائر، لاسيما وأن مركز نشاطه كان شمال مالي، على الحدود الجزائرية؟
** تكوين هذه التنظيمات الإرهابية بمختلف مسمياتها، يعتبر تهديدا لأمن الجزائر والجزائريين، وبفضل مجهودات الجيش الوطني الشعبي وأجهزة الأمن بصفة عامة ووعي الجزائريين اندثرت هذه التنظيمات وأصبح نشاطها ينحصر في محاولات يائسة لإثبات وجودها في مجموعات صغيرة جدا أو في شكل ذئاب منفردة تحاول كل مرة القيام بعمليات هنا وهناك. لكن الضربات الاستباقية لقوات الأمن وعلى رأسها الجيش الوطني الشعبي، والقدرة على تتبع أثار هذه العناصر الإرهابية حد من قدرتها وشل أعمالها.
الأخبار المتداولة حول مقتل دروكدال، تقول إنه حيد ومجموعة من مرافقيه، وهذه العملية قد تربك التنظيم لفترة. وإلى أن يتم امتصاص الصدمة وتعيين خليفة له، سوف ينقص نشاط هذا التنظيم، خاصة وأنه لحد الساعة لم نسمع عن نعي القاعدة لأميرها دروكدال آو الاعتراف بقتله.
* هل يمكن أن يقوم التنظيم بأعمال انتقامية لمقتل زعيمه؟
** القول بأن القاعدة سوف تنتقم لقتله غير صائب، على اعتبار أن أعمال هذا التنظيم كلها انتقامية وهو لن يكف عن القيام بأي عمل إرهابي حين تحين له الفرصة. والقول إن التنظيم سوف ينتهي بذهاب قائده هو احتمال ضعيفا جدا. فقد شاهدنا مقتل قادة إرهابيين على مستوى الصف الأول أو على رأس التنظيم، لكن التنظيم بقي وأحيانا يزيد شراسة. فكل جيل من الأجيال الإرهابية يكون أكثر وحشية ودموية من الذي يسبقه، كما أن مقاربة المجتمع الدولي في محاربة الإرهاب لا توحي أبدا بالقضاء على مثل هكذا تنظيمات، كلنا نعلم أنه كان هناك تنظيم إرهابي دولي واحد اسمه "القاعدة" موجود في دولة اسمها أفغانستان، لكن الآن كم أفرخت القاعدة من جماعات..؟، حتى أن هذه التنظيمات لا يمكن حصر عددها وأنجبت أكثر التنظيمات وحشية تمثلت في "داعش" و"النصرة" وفي كل بلد لها فروع.. هذا كله في رأيي نتاج للمقاربة الخاطئة التي تبناها المجتمع الدولي في محاربة الإرهاب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، التي دخلت إلى أفغانستان في 2001 من أجل القضاء على القاعدة وطالبان، حيث يثبت الواقع اليوم أن القاعدة موجودة بفروعها في كل مكان، وطالبان تتفاوض معها أمريكا من اجل الانسحاب الهادئ دون خسائر.
لذلك فمقتل هذا الشخص أو آخر، لن يؤثر كثيرا في مجرى الأحداث مادامت معالجة هذه الظاهرة غير سليمة، وهناك دول للأسف تستعمل الإرهاب كوسيلة من وسائل سياستها الخارجية للتأثير على قرارات الدول المستهدفة بالإرهاب، للتأثير على قراراتها الداخلية، كما أن هناك دول ترعى الإرهاب، تعطيه باليمين وتتظاهر بمحاربته باليسار.
فالجزائر حاربت الإرهاب لوحدها في التسعينات واستطاعت أن تهزمه وأن تعيد الاستقرار للبلاد بفضل بنائها لجيش قوي وامتلاكها خبرة في استئصال جذور الإرهاب.. وكل الدول الآن تستجدي الجزائر كي تمدها بخبرتها...
أما بخصوص من سيكون خليفة دروكدال عل رأس هذا التنظيم الإرهابي، فكما قلت سابقا إلى حد الساعة لم نسمع عن اعتراف تنظيم القاعدة بمقتل دروكدال، ولذلك من المبكر معرفة من سيخلفه، وإن كان البحث عن خليفة له صعبا، بالنظر لما كان يتمتع به دروكدال من خبرة في إدارة الإعمال الإرهابية.. فهو من أقدم أمراء التنظيم في القاعدة، حتى أنه أقدم في القيادة من قائده التنظيم العالمي أيمن الظواهري واقدم من الجولاني أو أي أمير في التنظيم في منطقة أخرى. قضى 13 سنة على رأس تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" وله ما يقارب 30 سنه من ممارسة العمل الإرهابي وتنقلاته بين التنظيمات الإرهابية والعلاقات والتحالفات التي نسجها..
من هذا المنطلق، أعتقد أن أي خليفة لدروكدال سواء كان من جنسية جزائرية أو غير جزائرية في سيكون تركيزه على دول الساحل وليبيا نظرا للهشاشة الأمنية هناك، ووجود بيئة حاضنة للإرهاب بذريعة طرد الوجود الأجنبي من دول الساحل.
* ماهو سر بقاء دروكدال طول هذه المدة في النشاط الإرهابي؟
** اعتقد أن مستواه التعليمي وخبرته التي اكتسبها في صفوف الجماعة الإسلامية المسلحة وبعدها الجماعة السلفية للدعوة والقتال، وكذا نسجه لعلاقات مع أجهزة المخابرات الأجنبية التي تزوده بالمعلومات وتكلفه بمهام يقوم بها بمقابل، كلها عوامل جعلته يحسن التخفي ويكتسب قدرة في التحرك.
متعلقات
- تقديم لعليلي الحبيب أمام القضاء بعد استلامه من لبنان
- تدمير 5 مخابئ للإرهابيين واسترجاع 80 ألف أورو بجيجل
- إرهابي يسلّم نفسه بمنطقة تين زاواتين بتمنراست
- حجز أزيد من 13 كلغ من الكيف المعالج و15 بندقية صيد
- توطيد أركان الأمن والسلم بالمنطقة ضمن احترام وحدة وسيادة دولها
- توقيف الإرهابي المبحوث عنه عدي حمود
- ضربات متتالية لمعاقل الإرهاب والمهربين وتجار المخدرات
- المجموعات الإرهابية غير قادرة على النشاط في الجزائر
- توقيف عنصر دعم للجماعات الإرهابية ببرج بوعريريج
- الجيش يدمر مخبأ للجماعات الإرهابية بجيجل
- القضاء على الإرهابي عبد المالك دروكدال في مالي
- القبض على إرهابي خطير بعين تموشنت
- القضاء على إرهابيين اثنين واستسلام آخر خلال شهر ماي
- تدمير 10 مخابئ للجماعات الارهابية بجيجل وتبسة
- تدمير قنبلة تقليدية الصنع بالبويرة
- تدمير 4 قنابل تقليدية بتبسة
- تدمير مخبأ للجماعات الإرهابية بعين الدفلى
- الجيش يدمر مخبأ للجماعات الإرهابية بقسنطينة
- الجيش يقضي على الإرهابي "أبو العباس" بعين الدفلى
- تدمير قنبلتين تقليديتين بسيدي موسى وسوق الحد
- كشف مخبأ للأسلحة والذخيرة بتمنراست
- كشف مخبأ للإرهابيين يحوي أغراضا مختلفة بتيزي وزو
- توقيف عنصر دعم للجماعات الإرهابية بتمنراست
- كشف وتدمير 4 مخابئ أسلحة ببرج باجي مختار وباتنة
- تدمير مخبأين للإرهابيّين بسيدي بلعباس
- بوركينا فاسو تطالب بتشكيل تحالف دولي لمحاربتها
- مسؤول في الحزب الشيوعي يتهم الغرب بإثارة القلاقل في إقليم شينجيان
- توقيف 4 عناصر دعم وتدمير 6 قنابل تقليدية
- دورة تكوينية بالجزائر حول تدعيم قدرات مكافحة الإرهاب
- الكونغرس يعتمد قانون الشراكة لمكافحة الإرهاب العابر للصحراء
- مكافحة الإرهاب متواصلة حتى القضاء على آخر إرهابي
- إرهابيان يسلمان نفسيهما بتمنراست
- إرهابي يسلّم نفسه بتمنراست
- توقيف عنصري دعم بالبليدة وقسنطينة
- الإرهابي "سلطان ولد بادي" يسلم نفسه بتمنراست
- تدمير مخبأ يحوي قنبلة تقليدية وأغراضا مختلفة بعين الدفلى
- تدمير 4 قنابل تقليدية ومخبأ للإرهابيين بتيبازة وبومرداس
- 3 إرهابيين يسلّمون أنفسهم بتمنراست
- إشادة بالتعاون الثنائي في مجال مكافحة الإرهاب
- للأمم المتحدة دور حاسم في تجسيد استراتيجية مكافحة الإرهاب
- خبرة الجزائر في مكافحة الإرهاب تحت تصرف جيرانها
- الدولة لن تسمح للمتورطين في المأساة الوطنية بتأسيس أحزاب
- واشنطن تشيد بالدور البنّاء للجزائر
- وكيل وزارة الخارجية العراقي يشيد بتجربة الجزائر في مكافحة الإرهاب
- الجزائر مستعدة للمساهمة بخبرتها مع الشركاء