رئيس جمعية السقي الفلاحي لبومرداس عبد القادر كحلوش لـ"المساء":

"مافيا المياه" تبيع مخزون السدود.. والمحاصيل تسقى بـ"صهاريج اسمنت"

"مافيا المياه" تبيع مخزون السدود.. والمحاصيل تسقى بـ"صهاريج اسمنت"
رئيس جمعية السقي الفلاحي لولاية بومرداس، عبد القادر كحلوش
  • 2230
حنان سالمي حنان سالمي

❊ شح الأمطار وتراجع منسوب السدود خلف مشاكل كبيرة... وهذه مقترحاتنا

  دعوة وزارتي الفلاحة والموارد المائية لتمكين الفلاحين من استغلال مياه بحيرة الرغاية

تراجع المساحة المسقية من سد الحميز إلى 1000 هكتار فقط

مطالب بتهيئة سدي الناصرية وبن شود وإلحاقهما بـ"أونيد"

كشف رئيس جمعية السقي الفلاحي لولاية بومرداس، عبد القادر كحلوش، عن وجود تجاوزات خطيرة في تسيير مخزون مياه بعض السدود، التي سطت عليها "مافيا المياه"، وأصبحت تتاجر بها وتوزعها على الفلاحين كما تشاء، مثلما هو مسجل في سدود الناصرية وبن شود بالجهة الشرقية للولاية، والتي أهملت عقب تخريبها خلال العشرية السوداء، وفي الحوار الذي خص به عبد القادر كحلوش "المساء"، طالب من وزارتي الفلاحة والري التدخل لاتخاذ الإجراءات اللازمة، وتمكين الفلاحين من سقي محاصيلهم من بحيرة رغاية، وإلحاق تسيير السدود المتوقفة بالديوان الوطني للسقي وصرف المياه، كما تطرق إلى نقاط أخرى ذات صلة بملف السقي الفلاحي.

❊❊ تشهد بلادنا منذ فترة، شحا في الأمطار، فكيف تتعاملون مع هذا الوضع في مجال السقي الفلاحي؟

بالفعل، شح الأمطار إشكال حقيقي، ونحن نواجه صعوبات كبيرة في سبيل تأمين المياه لسقي المساحات المزروعة، حسب كل الشعب الفلاحية، سواء الخضروات أو الأشجار المثمرة وغيرها، حتى أن بعض الفلاحين لجأوا مؤخرا، إلى تغيير فلاحتهم من زراعة الخضروات إلى الكروم أو الأشجار المثمرة، بسبب نقص المياه، كما أنه حتى في هذا المجال، لجأ بعض الفلاحين من أصحاب الأشجار المثمرة وكروم عنب المائدة، إلى التضحية بالغلة من أجل إنقاذ رأس المال، أي الأشجار، بسبب نقص مياه السقي، وهذا ليس حلا! فنحن كجمعية ولائية للسقي الفلاحي، نطالب منذ سنوات، بتهيئة سدود مهملة تماما بالجهة الشرقية لولاية بومرداس، بما يمكّن الفلاحين من استغلال المياه المخزنة بها بملايين الأمتار المكعبة، ونتحدث هنا عن سدين اثنين ببلدية الناصرية وسد ببلدية بن شود. هنا يطرح إشكال السقي بصفة فوضوية تماما في غياب أدنى جهة رقابية. ولعلمكم، هذه السدود تعرضت للتخريب خلال العشرية السوداء، وبقيت مهملة منذ ذلك الوقت، رغم حاجة الفلاحين للسقي من مياهها.. وقيل لنا إن لمديرية الموارد المائية والري مشروع لتهيئة هذه السدود، لكننا لم نلمس أي جديد منذ سنوات، لذلك يبقى سؤالنا المطروح بإلحاح؛ إلى متى تبقى هذه الضبابية، في الوقت الذي نعاني من شح مياه السقي؟

❊❊ ماذا تقترحون في هذا السياق؟

نقترح إعادة هيكلة هذه السدود، ونطالب من السلطات الولائية لبومرداس أن تعمل على إطلاق مشروع تهيئة هذه السدود بالجهة الشرقية، ثم تضعها تحت إشراف الديوان الوطني للسقي الفلاحي، الكائن ببلدية رويبة، والذي يشرف على تسيير سد الحميز، بهذه الطريقة يمكن أن يتم التسيير الأمثل لسدود الناصرية وبن شود، بما يعود بالنفع على الفلاحين. نقطة أخرى نريد لفت الانتباه إليها حول هذه السدود، حيث أن كمية معتبرة من المياه تبقى مخزنة في السدود، في الوقت الذي يحتاج الفلاح لمياه السقي، في حين أن 10% من مياهها تستعمل في السقي، لمن استطاع من الفلاحين جلب المياه منها، بينما الكمية المتبقية تبقى مخزنة، أمام العجز الكبير المسجل في السقي، لذلك نحن نطالب بتسيير عقلاني لها، من خلال تهيئتها أولا، ثم إلحاقها بـ"أونيد"، من أجل الإشراف على تسييرها، كما ذكرنا. كما نشير إلى أن الواقع يبين أن الإهمال الذي طال هذه السدود، جعل البعض يقوم ببيع مياهها دون حسيب ولا رقيب، بسبب الإهمال الذي يطالها منذ سنوات، فكل من يملك محركا يمكنه استغلال أحد هذه السدود، ومن لا يملك العتاد يبقى في مواجهة العجز ويقع فريسة "بزناسية" المياه، وهذا غير معقول وغير مقبول تماما، فأين مصالح الرقابة التي يجب أن تقوم بدورها؟

❊❊ بالحديث عن الميدان، كيف تواجهون شح الأمطار وتراجع منسوب السدود لسقي المستثمرات الفلاحية؟

وضعتم الأصبع على الجرح، حقيقة.. نحن نتعامل مع إشكالية نقص مياه السقي في ظل شح الأمطار، حسب كل موسم فلاحي، لكن نقول، إننا نعاني من كل الجوانب لإنقاذ المحيطات الفلاحية، حسب كل شعبة.. هناك فلاحون يقومون بشراء "كوكوطة إسمنت" من أجل السقي، ونقصد بها شاحنات تقليب الإسمنت ذات الحجم الكبير، بحيث يتم كراؤها وجلب مياه السقي من مسبار المياه لإنقاذ الفلاحة، وهناك فلاحون يضطرون إلى شراء صهاريج مياه عدة مرات خلال الموسم الفلاحي لذات الهدف، لذلك نقول اليوم، إن هذه الوضعية لابد أن تتغير في ظل وجود حلول على السلطات أخذها والعمل بها، خاصة بوجود إرادة لتثمين وتشجيع كل الشعب الفلاحية، بما يحقق الاكتفاء والذهاب نحو التصدير. نشير في هذا الإطار، إلى التسهيلات التي منحت مؤخرا لكل فلاح، فيما يخص حفر نقب مائي من أجل السقي، وهنا نثمن هذه الخطوة التي سمحت للعديد من فلاحي الولاية بالاستفادة من التسهيلات الممنوحة، وندعو من هذا المنبر، كل فلاح بحاجة إلى حفر نقب، التوجه نحو المصالح المختصة من مديريات الفلاحة، الموارد المائية و"الجزائرية للمياه" لذات الهدف، لكن ندعو كذلك هذه المصالح المختصة، لإجراء دراسات عينية عن الأماكن التي يُحتمل وجود مياه فيها، حتى يتم الحفر، تفاديا لإضاعة المال والجهد والوقت، أو على الأقل مساعدة وتوجيه الفلاحين في هذا المسعى. كما نشير إلى أنه في سياق عمل جمعية السقي، نسعى إلى تطوير عملية السقي بالتقطير، ونعمل على تحسيس الفلاحين بخصوص تفضيل استعمال هذه التقنية لاقتصاد الماء.

❊❊ بلغة الأرقام، كم بلغت المساحات المسقية؟

لابد من القول بأن موسمي 2020 و2021، كانا كارثة حقيقية على الفلاحين بسبب شح الأمطار المتواصل إلى غاية بداية 2022، إضافة إلى نقص مياه السقي من مصادر أخرى، وحسب الأرقام المقدمة من الديوان الوطني للسقي وصرف المياه "أونيد"، فقد تم خلال موسم 2019، تخصيص 7.6 ملايين متر مكعب من سد الحميز، لسقي مساحة قدرها 2300 هكتار بكل من ولايات الجزائر العاصمة، البليدة وبومرداس، في حين انخفضت الكمية خلال موسم 2020 إلى 2.5 مليون متر مكعب لسقي مساحة قدرها ألف هكتار فقط، وكما تلاحظون، انخفضت كمية المياه، بالتالي المساحة المسقية بشكل كبير، بما يعكس حجم الإشكال الحقيقي الذي يطرح في السقي الفلاحي. علما أن ولاية بومرداس أخذت حصة الأسد بحوالي 80% من الكمية المخصصة من هذا السد للسقي. بينما كان موسم 2021 أبيضا بالنسبة للسقي من سد الحميز، بسبب الجفاف وتفضيل توجيه مياه هذا السد للاستهلاك البشري أو للشرب. هذه الأرقام تعكس واقع السقي الفلاحي، نحن لا ننكر المساعي الجارية من أجل مضاعفة المساحات المسقية، لكن نؤكد في المقابل، أنه لابد من إيلاء أهمية قصوى للسقي الفلاحي، مثلما جاء ضمن الاقتراحات المرفوعة، فإشكالية الجفاف المتواصل بسبب شح الأمطار أمر واقع، لكن لا يمكن اللجوء فقط إلى الحلول الترقيعية في كل مرة، فرغم هطول الأمطار شهر نوفمبر الماضي، إلا أن الجفاف المسجل منذ ديسمبر 2021 إلى يومنا هذا، يجعلنا نؤكد على أهمية الأخذ بزمام الأمور بجدية أكبر.

❊❊ هل من اقتراحات أخرى ترفعونها هنا؟

نعم، نتحدث هنا عن السقي من بحيرة الرغاية، إذ أن آخر التحاليل التي أجريت مؤخرا، تؤكد أن المياه ملوثة ولا يمكن استعمالها في الفلاحة، أولا أتساءل أين السلطات هنا؟ فمنذ سنوات والتحاليل سلبية بسبب النسيج الصناعي المحيط بالبحيرة، وأين هي الرقابة لوضع حد لكل ذلك؟ ليس فقط من أجل السقي الفلاحي، لكن للحفاظ على التنوع البيولوجي! كما تطرح هنا إشكالية اهتراء شبكة السقي من هذه البحيرة، حيث كانت في السابق، تسقي ما يزيد عن 2000 هكتار ببلدية بودواو البحري المجاورة، ومساحات أخرى ببلديات بودواو، قورصو، خميس الخشنة وحمادي، إلى جانب بلدية رويبة. الإشكال أن قنوات السقي المرتبطة بهذه البحيرة بحاجة إلى تهيئة، ونحن نقول إن كل ما تحتاج إليه هذه الخطوة؛ صرامة وجدية أكثر، أولا فيما يخص المصانع التي ترمي مياه الصرف بها، أو ما يتعلق بتهيئة قنوات السقي، فنحن في هذا الصدد، عقدنا كجمعية، عدة لقاءات مع مصالح مديريات الفلاحة والموارد المائية لولايتي بومرداس والجزائر العاصمة، لإيجاد حلول واقعية ونهائية لهذه الإشكالات، حيث رفعنا اقتراحاتنا، لكن إلى حد الساعة لا توجد أي نتيجة تذكر، مع الأسف، مما يجعلنا اليوم، نرفع نداء مستعجلا لكل من وزير الفلاحة ووزير الموارد المائية، للتدخل بصفة شخصية والأمر بالقضاء على الاختلالات المسجلة حول بحيرة الرغاية، والقضاء على إشكالية مياه الصرف التي ترمى مباشرة بها، ناهيك عن الإسراع في حل إشكال قنوات السقي بها، حتى يستفيد الفلاحون بمحيطها. وهناك أيضا إشكال مشابه يطرح على مستوى بلدية أولاد هداج، حيث أن أشغال إنجاز حي سكني من طرف ديوان الترقية والتسيير العقاري، تسبب في إتلاف جزء من قناة مياه كانت موجة للسقي الفلاحي من سد الحميز، الحادث يعود لقرابة سبع سنوات خلت، وبقيت دون تهيئة، وعقدت في الشأن عدة اجتماعات لإطلاق مشروع إعادة التهيئة، انطلق سنة 2021، لكنه متوقف لأسباب مجهولة، وندعو الوالي يحي يحياتن التدخل لإعادة إطلاق المشروع في أسرع وقت.

كلمة أخيرة نختم بها اللقاء؟

❊ جمعية السقي الفلاحي لبومرداس تدعو كل مسؤول في مجاله، له علاقة بملف السدود والآبار والسقي الفلاحي عموما، إلى وضع اليد في اليد من أجل إيجاد تطبيق فعلي لجملة الحلول المقترحة لتطوير السقي الفلاحي، ونشكر جريدة "المساء" على إتاحتها لنا فرصة الحديث عن مشاكل يمكن جدا تجاوزها..

متعلقات